فقد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الثلاثاء غالبيته البرلمانية في خضم مواجهة سياسية حادة مع نواب متمردين من حزبه المحافظ يريدون منع الوصول الى بريكست من دون اتفاق، ما من شأنه أن يفضي إلى انتخابات مبكرة في غضون أسابيع. وندد جونسون بمحاولات عدد من النواب عرقلة استراتيجيته الخاصة ببريكست، واصفا هذه المحاولات ب"الاستسلام"، ومعتبرا أن من شأنها إضعاف موقفه خلال التفاوض على اتفاق انسحاب جديد مع الاتحاد الأوروبي.
وقال إن خطوة نواب المعارضة وأعضاء في حزبه المحافظ سعيا لإرجاء بريكست إلى ما بعد 31 تشرين الأول/أكتوبر في حال عدم موافقته على شروط الخروج مع بروكسل، بمثابة "رفع الراية البيضاء".
واضاف وسط اجواء متوترة في مجلس العموم "لقد وعدنا الناس بأننا سنطبق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وعدنا باحترام نتيجة الاستفتاء وعلينا أن نفعل ذلك الآن. هذا يكفي".
وتابع جونسون وسط صخب شديد ان "الكل في هذه الحكومة يريد اتفاق ا، لكن مجلس العموم هو الذي رفض اتفاق الخروج ثلاث مرات (وق عته رئيسة الحكومة السابقة تيريزا ماي مع بروكسل) وهو بكل بساطة لا يمكن احياؤه".
وقبيل تصويت أول في مجلس العموم مساء الثلاثاء قال جونسون "لن أوافق على أمر كهذا تحت أي ظرف كان".
وكان مساعدوه قد حذروا من أن الهزيمة يمكن أن تدفعه الى الدعوة لانتخابات مبكرة قبيل قمة حاسمة للاتحاد الأوروبي في 17 و18 تشرين الأول/أكتوبر، قبل أسبوعين فقط من موعد بريكست.
ويعتقد المتمردون إن لديهم العدد الضروري لفرض الخطة التي يدعمها حزب العمال المعارض وامكانية ارجاء بريكست حتى 31 كانون الثاني/يناير.
وفي مشهد تحد، انتقل النائب المحافظ فيليب لي من مقعده في مجلس العموم، فيما كان جونسون يلقي خطابه، إلى صفوف حزب الليبراليين الديموقراطيين المؤيد لأوروبا.
وبالتالي، لم يعد رئيس الوزراء يحظى بالغالبية في المجلس الذي يضم 650 مقعدا، لكن ذلك لا يعني سقوط الحكومة تلقائيا.
ولا يحصل ذلك إلا إذا خسرت الحكومة الثقة في مذكرة تصويت رسمية.
وفي يوم مفعم بالتطورات، استمعت محكمة في ادنبره لطعن قانوني لقرار جونسون تعليق أعمال البرلمان الأسبوع المقبل لأكثر من شهر، وهو ما قال المنتقدون إنه مسعى لإسكات النواب.
تولى جونسون رئاسة الحكومة قبل أقل من ستة أسابيع، وذلك بعد أن أجبرت تيريزا ماي على الاستقالة لإخفاقها في تمرير اتفاق بريكست في البرلمان.
ومنذ البدء، واجه جونسون معارضة من نواب حزبه القلقين من أن تهديده بالخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق مع بروكسل، يجازف باضرار اقتصادية.
ووزير المالية السابق فيليب هاموند، بين الذين انضموا لحزب العمال لتقديم نص قانون لإرغام جونسون على طلب إرجاء جديد لموعد بريكست.
وسيسعى النوب أولا لطرح نص مشروع القانون على جدول أعمال البرلمان للنقاش وطلب إجراء تصويت مساء الثلاثاء.
وفي حال تمكنوا من ذلك، سيعرضون مشروع القانون الأربعاء ويسعون للمصادقة عليه في البرلمان قبل أن يعلق أعماله الأسبوع المقبل.
ورفض جونسون اتفاق الانسحاب المطروح لكنه يصر على أنه يريد التوصل لاتفاق مع بروكسل لإنهاء عضوية عمرها 46 عاما لبريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
ورفض قادة الاتحاد الأوروبي إعادة التفاوض حول الاتفاق الحالي، لكن جونسون يصر أنه تم إحراز تقدم، ويقول إنه فقط مع تهديد ذي مصداقية بالانسحاب يمكنه ضمان اتفاق جديد.
غير أن المنتقدين يقولون إنه ليست هناك مفاوضات رسمية مع بروكسل.
وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية الثلاثاء إنه لا توجد بعد "مقترحات ملموسة" من لندن تتعلق بكيفية تغيير الاتفاق القائم.
وكشف جونسون أنه سيلتقي رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار للمرة الاولى في دبلن الأسبوع المقبل لمناقشة بريكست.
وتلقى جونسون دعما في استطلاعات الرأي بعد قراره تعليق أعمال البرلمان على خلفية بريكست.
ويمكن أن يحصل جونسون في انتخابات مبكرة على غالبية، علما بأن ذلك سينطوي على مجازفة كبيرة، نظرا لتشرذم المشهد السياسي بسبب استفتاء 2016.
وقال جونسون إنه سيكون بحاجة لدعم حزب العمال للدعوة لانتخابات مبكرة، إذ أن القانون يتطلب دعم ثلثي النواب.
وكثيرا ما دعا زعيم حزب العمال جيريمي كوربن لإجراء انتخابات وحذر من أنه إذا فشل الطريق التشريعي، يمكن أن يفرض ذلك بالدعوة إلى طرح الثقة بالحكومة.
لكن العديد من نواب حزب العمال يخشون من كمين.
ويصر مساعدو جونسون على أن أي انتخابات لا بد أن تجري قبل موعد بريكست، لكن بعض المعارضين يخشون أن يرجئ الموعد في اللحظة الأخيرة إلى ما بعد 31 تشرين الأول/أكتوبر.
ومن شأن ذلك أن يجعل البرلمان عاجزا عن وقف بريكست من دون اتفاق.