قُتل ثمانية أشخاص على الأقل مع تجدد الاشتباكات بين قوات الأمن العراقية ومحتجين مناهضين للحكومة أمس الأحد في اليوم السادس من الاضطرابات التي أسفرت عن سقوط أكثر من 100 قتيل و6000 مصاب في أنحاء العراق حتى الآن. وقالت مصادر في الشرطة إن الثمانية قتلوا شرق بغداد بعدما استخدمت الشرطة، بدعم من الجيش، الذخيرة الحية. وخرج المتظاهرون إلى الشوارع بعد ساعات من إعلان الحكومة إصلاحات في محاولة لتهدئة الغضب بسبب الفساد والبطالة. وتمثل الاحتجاجات أكبر تهديد أمني وسياسي لحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي منذ توليه السلطة قبل عام. وأحيت الاحتجاجات مخاوف من أن تُطلق شرارة موجة جديدة من العنف تجر الفصائل المسلحة القوية ويستغلها تنظيم الدولة الإسلامية. وقبل الاشتباكات الأحدث في مدينة الصدر بالعاصمة بغداد، قال متحدث باسم وزارة الداخلية إن عدد القتلى بلغ 104 أشخاص، منهم ثمانية من قوات الأمن، خلال الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ يوم الثلاثاء. وأضاف المتحدث أن عدد المصابين بلغ 6107 أشخاص، وأن ما يزيد عن ألف منهم من قوات الشرطة والأمن. وقال إن المحتجين أضرموا النار في عشرات المباني، لكنه نفى أن قوات الأمن أطلقت النار مباشرة على المحتجين. وبعد مرور عامين على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، صار الوضع الأمني أفضل مما كان عليه قبل سنوات، لكن الفساد متفش ولم يتم إصلاح البنية التحتية المدمرة وما زالت الوظائف قليلة. ولا يبدو أن أي جماعة سياسية نظمت منفردة هذه الاحتجاجات التي خرجت في كثير من المناطق، بينما يبدو أن الحكومة فوجئت بها. ووافقت حكومة عبد المهدي، خلال اجتماع طارئ مساء أمس السبت، على خطة مؤلفة من 17 بندا تشمل زيادة الإسكان المدعوم للفقراء ورواتب للعاطلين عن العمل وأيضا برامج تدريب ومبادرات تمنح قروضا صغيرة للشبان العاطلين. وستحصل أسر الذين قتلوا في المظاهرات خلال الأيام الماضية أيضا على مدفوعات مالية ورعاية تُمنح عادة لأسر أفراد قوات الأمن الذين يلقون حتفهم في الحرب. ونقل التلفزيون الرسمي عن عبد المهدي قوله في اجتماع مجلس الوزراء: "أنا والله العظيم في كل هذا الموضوع ما عندي قلق إلا من الضحايا". ونُشرت تفاصيل الخطة على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين تواصل انقطاع الإنترنت في معظم أنحاء البلاد. اشتباكات متتالية قالت مصادر من الشرطة العراقية وأخرى طبية إن 26 شخصا قتلوا في اشتباكات يومي السبت والأحد في بغداد. وقالت مصادر أمنية وطبية وأخرى في مشرحة الناصرية إن الشرطة أطلقت الرصاص الحي أثناء اشتباكات في المدينة الواقعة جنوب البلاد، وإن 24 شخصا أصيبوا في اشتباكات وقعت ليلا، بينهم سبعة من رجال الشرطة. وقتل شخص واحد يوم السبت خلال احتجاجات بمدينة الديوانية جنوب البلاد. وقالت الشرطة إن المحتجين أضرموا النار أيضا في مقرات عدد من الأحزاب السياسية بالناصرية. ومن بين هذه المقرات مكتب حزب الدعوة، الذي هيمن على الحكومة من عام 2003 حتى انتخابات عام 2018. وعاد الهدوء ساعات إلى شوارع العاصمة والمحافظات الجنوبية أمس الأحد بعد أن شهدت اشتباكات عنيفة على مدى الأيام الماضية. لكن العنف اندلع مجددا شرق بغداد مع حلول الليل. وخرجت مجموعات صغيرة من المحتجين في الديوانية ومدينة النجف دون أن يسفر ذلك عن أحداث عنف. وقال اللواء سعد معن، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن قوات الأمن بذلت كل ما في وسعها للحفاظ على سلامة المحتجين وأفراد الأمن، معبرا عن بالغ أسفه لإراقة الدماء. ونفى معن وقوع اشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين، قائلا إن قوى خبيثة استهدفت الفريقين. لكن المفوضية العليا لحقوق الإنسان شبه الرسمية انتقدت بشدة رد فعل الشرطة على الاحتجاجات. وذكر عقيل الموسوي رئيس المفوضية في بيان أنه لا مبرر لاستخدام الذخيرة الحية في مواجهة المتظاهرين السلميين. وأضاف أن من واجب الحكومة حماية المتظاهرين وتمكينهم من التعبير عن مطالبهم المشروعة بحرية. مخاوف التصعيد تصاعد غضب المحتجين بشدة، بينما تواجه الحكومة معارضة من كتل برلمانية بدأت في مقاطعة الجلسات البرلمانية. ودعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يحظى بشعبية واسعة ويسيطر على كتلة كبيرة في البرلمان، يوم الجمعة، إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة. وأعلنت كتلة برلمانية كبيرة واحدة أخرى على الأقل تحالفها مع الصدر ضد الحكومة. واستقال محافظ بغداد بعد اتهامات من المحتجين بفشله في تحسين ظروف المدينة. ومنصب محافظ بغداد لا يعد مؤثرا بدرجة كبيرة. لكن الأحزاب السياسية القوية، التي هيمنت على السياسة العراقية منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للبلاد في 2003 والإطاحة بصدام حسين، لم تبد بعد أي استعداد للتخلي عن المؤسسات التي تسيطر عليها. وتواصلت أعمال العنف مع بداية الرحلات إلى المزارات الشيعية جنوبالعراق للاحتفال بأربعينية الإمام الحسين، والتي من المتوقع أن تجتذب 20 مليون شخص. *رويترز