أكد الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي أن إصلاح النظام الجبائي بالمغرب له علاقة جدلية بإصلاح النظام الاقتصادي، مشيرا إلى أن النظام الجبائي غير عادل وغير مجدٍ. وأضاف أقصبي، في ندوة نظمت مساء أمس السبت بمقر الحزب الاشتراكي الموحد في الدارالبيضاء، أن إصلاح النظام الضريبي يجب "أن ينطلق من الإصلاح العام لأنه لا وجود لإصلاح تقني، فالضرائب هي في صلب العلاقة بين الدولة والمواطن". وأوضح المحلل الاقتصادي أن مدخل كل الإصلاحات هو سياسي، مشيرا إلى أن "الضرائب تدخل في صلب الاختيارات السياسية لكل دولة. إذن، فالإصلاح يجب أن يكون سياسيا، كي يكون إصلاح نظام الحكامة الذي سيسير آليات الإصلاح الضريبي". "السياسات العمومية والمالية، مع الآسف، هي سياسات نيو كلاسيكية تهتم بتقليص الطلب، وبالتالي تقليص الوعاء الضريبي"، يقول أقصبي، قبل أن يضيف "إذا استمرت السياسة العمومية تقلص الوعاء الضريبي، ولا يمكن لأي إصلاح أن يقدم نتيجة". وأوضح الباحث نفسه أنهم نددوا في السنوات الماضية بهذا التوجه الذي اختارته الدولة، واعتبروه فاشلا وخاطئا، "لكن الدولة كانت تعتبرنا عدميين، وظلت تراهن على إعفاء المنتج من الضرائب، حيث كانت تطمح إلى توسيع الوعاء الضريبي، والرفع من فرص الشغل وغير ذلك، إلا أن الوعاء تقلص تدريجيا باعتراف المسؤولين"، يقول أقصبي، الذي أكد أن "الدولة خسرت على واجهتين، وبقيت لا حمار لا سبعة فرانك، حيث بتخفيضها الأسعار الضريبية تقلصت مداخيلها وخسرت رهان توسيع الوعاء الضريبي"، مضيفا أن "الاختيارات الاقتصادية لا يمكن تغييرها من طرف النظام السياسي نفسه والطبقة السياسية التي استفادت من الامتيازات الضريبية". واعتبر الخبير الاقتصادي أن المجالس الضريبية "تخرج بتوصيات جميلة، لكنها تبقى حبرا على ورق، حيث لا تطبق سوى التوصيات التي تذهب في اتجاه رأس المال وأصحاب المداخيل العليا وأصحاب الريع"، مشيرا إلى أن ما يقع لهذه المجالس ينطبق عليها المثل القائل: تمخض الجبل فولد فأرا". وكي يعطي الإصلاح الضريبي مفعوله، يوضح عضو الحزب الاشتراكي الموحد، "يجب تغيير السياسات الاقتصادية والتوجه نحو توسيع الوعاء الضريبي بشكل عادل وناجع"، مؤكدا أن ذلك يتم عبر "التوجه أفقيا عن طريق إثارة القطاعات المعنية بالضرائب أو لا تؤديها بالقسط الكافي". وتابع في هذا السياق قائلا: "قطاع الفلاحة على رأس هذه القطاعات، إذ يجب أن يكون هناك تضريب عقلاني عليه، وكذا قطاع الأرباح والمداخيل العقارية التي لا تؤدي الضرائب بالمستوى المطلوب، ثم التضريب على المداخيل المالية ". وقد عرف هذا اللقاء تأكيد المتدخلين على أن إصلاح النظام الضريبي "يتطلب إرساء قوانين وتشريعات تعمل على تغيير الموازين لفائدة القوى الشعبية"، وكذا "إقرار ضريبة على الثروات الكبرى وغير المنتجة بكل أصنافها"، إلى جانب "وضع معايير للمراقبة الضريبية كي لا تكون أداة للتسلط وتصفية الحسابات، ومحاربة وتجريم التهرب الضريبي".