ينطلق موسم نوبل 2019، الذي تفتتح فعالياته الإثنين المقبل بإعلانه في ستوكهولم عن الفائز بجائزة الطب وعلم وظائف الأعضاء، على نحو غير عادي، من خلال منح هذا العام جائزتي نوبل للأدب، بعد الفضيحة التي هزت العام الماضي صورة الأكاديمية السويدية، الهيئة المسؤولة عن منح هذه الجائزة المرموقة. وفي الواقع، ستفتتح جائزة نوبل للطب فعاليات هذا المحفل يوم الإثنين، تليها في اليوم التالي جائزة نوبل في الفيزياء، والكيمياء بعد يومين؛ في حين ستقدم الأكاديمية السويدية الأربعاء بمنح جائزة نوبل للآداب 2019 وجائزة 2018، بعد تأجيل هذا الاستحقاق العام الماضي. وفي حين سيتم الإعلان عن جائزة نوبل للسلام المرموقة يوم الجمعة الموافق ل11 أكتوبر في أوسلو، سيتم الكشف عن جائزة نوبل للاقتصاد، التي تم إطلاقها عام 1968 من قبل بنك السويد، يوم الإثنين 14 أكتوبر. وتم منح الفائزين الخمسة الأوائل جائزة نوبل في 10 دجنبر 1901، من قبل ملك السويد، وكذلك من قبل البرلمان النرويجي، عندما كان البلدان تحت حكم نفس التاج (منذ عام 1815). وعندما انفصل البلدان عام 1905، كان هناك تقسيم في توزيع الجوائز: جائزة نوبل للسلام تسلمها النرويج، وجوائز نوبل للأدب والفيزياء والكيمياء والطب من طرف السويد. وعادة ما تتم دعوة حوالي 1350 شخصا لحضور حفل توزيع جوائز نوبل للاحتفال الذي يقام على شرف الفائزين كل عام في فندق مدينة ستوكهولم في 10 دجنبر، وهو ذكرى وفاة ألفريد نوبل (1833-1896). ويتم بسط ما مجموعه 150 مترا من مفارش الموائد المصنوعة من الكتان على 60 طاولة في مأدبة نوبل، حيث يشتغل 260 نادلا في فضاء يضم 7000 قطعة من الخزف و5400 كوب و10000 قطعة من الأواني الفضية. وفي عام 2017، قرر مجلس إدارة مؤسسة نوبل زيادة مبلغ هذه الجائزة العالمية بمقدار مليون كرونة لتصل إلى 9 ملايين (908.000 دولار أمريكي). وكان مبلغ جائزة نوبل تم تخفيضه من 10 إلى 8 ملايين كرونة عام 2011. وفي الوقت نفسه، أنشأت مؤسسة نوبل، التي كانت تدير مع نهاية عام 2016 أصولا بقيمة 515 مليون دولار أمريكي، برنامجا موسعا يهدف إلى تعزيز تمويلها. وإذا لم تكن القيمة المالية للجائزة في حد ذاتها حاسمة للغاية، فالمعرفة ليس لها ثمن بطبيعة الحال، إذ يحصل مع ذلك كل الفائزين على شهادة وميدالية، وهذا يعد طريقا ملكيا لكسب شهرة على المستوى العالمي. وتمثل كل شهادة نوبل تحفة فنية فريدة من نوعها تتم صياغتها بأيادي فنانين وخطاطين سويديين ونرويجيين. أما الميداليات فهي مصنوعة يدويا بدقة فائقة من ذهب عيار 18 معاد تدويره. وبالنسبة لجائزة نوبل للسلام، الأكثر شهرة والأوسع انتشارا على مستوى الإعلام، تبقى التخمينات والتكهنات الأكثر واقعية والأكثر غرابة هي السائدة إلى حين الإعلان عن النتيجة. وخلال هذه السنة، تلقت لجنة نوبل النرويجية 301 ترشيح، بما في ذلك ترشيح الناشطة المناخية السويدية الشابة غريتا ثونبرغ، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي صنع السلام مع العدو اللدود إريتريا، إضافة إلى منظمات غير حكومية مثل مراسلون بلا حدود ولجنة حماية الصحافيين. غير أن منح جائزتي نوبل للآداب هذا العام يبقى حدثا غير مسبوق في تاريخ هذه الجائزة، لأن تأجيلها عام 2018 لم تمله اعتبارات مقبولة، ولكن بسبب فضيحة تنطوي على مؤامرات، وتضارب مصالح، وتحرش جنسي... وفي غمرة هذه القضية، استقال سبعة من أعضاء الأكاديمية السويدية البالغ عددهم 18 عضوا. ولأول مرة منذ 70 عاما، تم تأجيل جائزة 2018 نظرا لعدم اكتمال النصاب القانوني للمؤسسة لاتخاذ القرارات الرئيسية. وكانت الأزمة على درجة من الخطورة دفعت ملك السويد كارل السادس عشر غوستاف إلى التدخل (وهو أمر غير مألوف) لطلب تعديل النظام الأساسي للأكاديمية للسماح لأعضائها، المعينين مدى الحياة، بالاستقالة. وتقررت إدانة الرجل الذي يقف خلف الفضيحة، جان كلود أرنو، وهو فرنسي متزوج من كاتارينا فروستنسون، العضو بالأكاديمية، بتهمة الاغتصاب، ويقضي عقوبة بالسجن لمدة عامين ونصف، بينما غادرت زوجته المؤسسة. وتم تعيين أعضاء جدد في الأكاديمية، التي وعدت منذ ذلك الحين بمزيد من الشفافية. ومع ذلك، رغم ما بذلته الأكاديمية السويدية من مجهود لتلميع صورتها، من المرجح أن مهمتها سنة 2019 لن تكون البتة سهلة، بالنظر إلى ما اعترى الدورة السابقة لجائزة نوبل للآداب من شوائب كادت أن تصيب سمعتها في مقتل. *و.م.ع