محمد أحمد الدابي الجنرال السوداني المتقاعد الذي ورد اسمه سابقاً في لوائح الاتهام لدى المحكمة الجنائية الدولية يصف الأوضاع في حمص أنها "ليست سيئة" ! الحقيقة أن التساؤل الذي يطرح في زمن "الفايسبوك" و"التويتر" و"النانو"... والثورة في اليونان وانفصال جنوب السودان ! في زمن جهابذة السياسة من أمثال محمد أحمد الدابي الذي يرجعنا إلى زمن داحس والغبراء؛ ليس الغبراء من قبيل تلك التي ننطقها بالعامية دلالة على الغبار كما هو حال ذلك الذي يغطي عيون السيد الدابي، هو ما قدر عدم السوء؟ لماذا تذهب بعثة إلى سوريا؟ هل كل ما يروج هناك هو إخراج لمجموعة من الاستديوهات في هوليود؟ وما هو الهدف من زيارات كهذه إذا لم يكن الوقوف على حجم الفضاعات وإحصاء الخسائر في الأرواح والديار والأعراض، وما هو الهدف يا ترى إن لم يكن الوقوف إلى جانب هذا الشعب البطل الذي لا يقف في وجه نظام "عادي" بل نظام متمرس في القتل والتعذيب ليس في حالة التصريح بالمعارضة بل لمجرد التثاؤب أمام القصر الرئاسي لفخامة القائد الملهم. أي حال جيدة هذه التي يتحدث عنها هذا "الجنرال" الذي لم يقف في وجه الانفصال وتقطيع وصال بلده، وجاء ليداهن رئيسا لا يعرف من الديمقراطية غير الاسم، حال ليست سيئة في سوريا مقارنة مع ماذا أيها الجنرال؟ مع مذابح دارفور؟ الشعب يموت لوحده وهذه سنة الله في أرض العرب، الله وحده يعلم ثمن هذا الكلام وإلى أي حد اتسعت جيوب السيد الجنرال إن كان لجلابيته جيوبا. دناءة الموقف تتجاوز التحليل المنطقي العقلاني المبني على حسابات ورهانات البعثة العربية؛ طبعا هناك تخبط عربي من الحراك والثورات، تيارات محافظة أو تقليدية متمثلة في الجمهوريات (وهذا من غرائب الأمور) تحاول أن تبقي الوضع قدر المستطاع في إطار "الحل غير السيئة"، لكن القطار لا ينتظر أحدا؛ قطار التغيير والتكيف والانضباط لمقومات الحداثة والتطور. والتاريخ لن يعفي أيا كان من مسؤولياته. لذلك كفى من ترهات المبعوثين الذين لا يستطيعون الوقوف في وجه إفساد العلاقات الدولية، لا ننتظر من الدابي أن يحدو بعد عشرين عاما حدو آدم كودجو الأمين العام لمنظمة الوحدة الإفريقية سابقا الذي صحا ضميره وندم عن الدور الذي أداه لتسهيل دخول جمهورية الوهم الصحراوية إلى حظيرة المنظمة في مؤتمر أديس أبابا سنة 1984. الحال كارثية يا سيد الدابي وليست سيئة فحسب. * أستاذ العلاقات الدولية، كلية الحقوق، وجدة