مع بداية الموسم الدراسي الجديد، وجد عدد من أساتذة التعليم العمومي أنفسهم مضطرين لتدريس موادَّ غير تلك التي تندرج ضمن تخصصهم؛ كتدريس أستاذ متخصص في العربية، مثلا، اللغة الفرنسية. ويتم اللجوء عادة في مثل هذه الحالات إلى تكليف الأساتذة بتدريس ما يسمى "المواد المتآخية"، أي المتقاربة؛ لكن أساتذة جرى تكليفهم بتدريس موادَّ لا تجمع بينها وبين تخصصهم أي قواسم مشتركة، كتكليف أساتذة للتربية الإسلامية بتدريس المواد العلمية. ويتم تكليف الأساتذة بتدريس مواد خارج تخصصهم كإجراء لتدبير الفائض والخصاص. وتفاقم هذا الإشكال أكثر خلال السنوات الثلاث الأخيرة مع الشروع في توظيف الأساتذة المتعاقدين مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والذين يعملون بالتكليف وليس التعيين. واستنادا إلى مذكرة سابقة لوزارة التربية الوطنية، فإنّ تدبير الفائض بالمؤسسات التعليمية يتعين التوفر على قاعدة للمعطيات تحدد الفائض من أطر التدريس على مستوى المؤسسة والنيابة والجماعة موزعين حسب السّلْك والمادة. عبد الوهاب السحيمي، عضو المكتب الوطني للتنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية، اعتبر أنّ تكليف الأساتذة بتدريس مواد خارج تخصصاتهم يؤثر على جودة ما يتلقاه التلاميذ. وأضاف السحيمي: "لا يُعقل أن يتم تكليف أستاذِ الفلسفة بتدريس مادة الرياضيات، مثلا.. ويستحيل أن تكون هناك جودة إذا استمر العمل بهذا الأسلوب الترقيعي". وتضج صفحات الأساتذة على مواقع التواصل الاجتماعي بشكاوى من تكليفهم بتدريس مواد خارج اختصاصهم، بل وخارج السّلْك الذي يدرّسون به؛ وهو ما اعتبر عضو المكتب الوطني للتنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية أنه يتم على حساب التلاميذ. ورجّح المتحدث ذاته أن يتفاقم هذا الإشكال خلال الموسم الدراسي الجاري، بسبب الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية لمواجهة الإضرابات المحتملة للأساتذة، إذ تمّ توسيع دائرة الأساتذة المكلفين. وأشار السحيمي إلى أنّ ضمان التخصصات كان من بين مرتكزات نضالات الأساتذة موظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات، إذ يروْن أنهم سيسدون الخصاص المسجل في الثانوي التأهيلي، باعتبار أنهم يتوفرون على شهادات عليا، وتكوين بيداغوجي، دون أن يكلف ذلك خزينة الدولة شيئا".