حدّدت الحكومة لائحةً أوليةً للمهن الحرة التي سيشملها التأمين الإجباري عن المرض، في إطار توجه يرمي لتوفير تغطية صحية ونظام للمعاشات لفائدة المهنيين والعُّمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء يُقدَّر عددهم بحوالي عشرة ملايين مغربي ومغربية. وصادقت الحكومة، في اجتماعها الأسبوعي أمس الخميس، على مرسوم يُحدد لائحة تضم المهن الحرة في مجالات الطب والقضاء والمحاسبة والبناء والنقل، وعددها 14 فئة و60 صنفاً فرعياً، وسيشملها هذا النظام في مرحلة أولى على أن يتم فيما بعد إدراج الفئات الأخرى. المرسوم سالف الذكر، الذي يحمل رقم 2.19.763، يقضي بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.18.622 القاضي بتطبيق القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض والقانون رقم 99.15 بإحداث نظام للمعاشات الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطاً خاصاً. وسيخضع للنظامين المنصوص عليهما في القانونين سالفي الذكر، في مرحلة أولى، الأطباء وأطباء الأسنان والبيولوجيون والصيادلة ومهنيو التمريض و"القابلات" ومهنيو الترويض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي ومحضرو ومناولو المنتجات الصحية والمختصون في علم النفس دون الأطباء المتخصصين في الطب النفسي. كما تشمل اللائحة إلى جانب المهن الطبية أيضاً المهن القانونية والقضائية، والأشخاص الذاتيون المزاولون لأنشطة في المجالات المالية والمحاسبية والتأمينات، والأشخاص الذاتيون المزاولون للمهن المرتبطة بالبناء وبالأشغال العمومية، والأشخاص الذاتيون المزاولون لأنشطة في مجالات الخبرة والتدقيق والاستشارة، والأشخاص الذاتيون المزاولون لمهن النقل. ويرجع اختيار هذه الفئة بشكل أولى نظراً لما تعرفه من تنظيم مهني يسهل مأمورية انخراطهم في نظام التأمين ونظام المعاشات؛ في حين ستجد الحكومة صعوبةً في المهن الأخرى التي لا تعرف تنظيماً ذاتياً يسهل انخراطهم. ولتطبيق هذا المقتضى، يتوجب على من القطاعات الحكومية إطلاق سلسلة من اللقاءات التشاورية مع ممثلي الهيئات المهنية المنظمة من أجل التوصل إلى الاتفاق حول الإجراءات التفصيلية الأخيرة للبدء الفعلي في التنزيل، ويتوقع أن تعرض على مجلس حكومة مقبل مراسيم أخرى ستشكل الإطلاق الفعلي لاستفادة فئات مهنية أولى من هذه الحماية الاجتماعية. يأتي هذا الإجراء بعدما تم نشر قوانين مرتبطة بالحماية الاجتماعية للمهن الحرة نهاية سنة 2017 في الجريدة الرسمية. ولتنفيذ مقتضيات هذه القوانين، يتوجب على الحكومة المصادقة على حزمة من مراسيم تطبيقية لتحديد التفاصيل المرتبطة بالاشتراك في نظام التأمين الإجباري للمرض ونظام المعاشات حسب خصوصيات ومميزات كل فئة. وتسعى الحكومة، عبر هذا الورش، إلى توسيع التغطية الاجتماعية التي لا تزال مستوياتها ضعيفة في المغرب، بحيث تقتصر على فئة قليلة من السكان النشيطين، الموظفين والأجراء في القطاع الخاص؛ وهو ما يجعل ملايين المغاربة بدون تأمين على المرض ولا تقاعد، بعد سنوات من العمل الحر. وفي انتظار النجاح في هذا الورش، تعتزم الحكومة المضي قُدماً في إصلاح أنظمة التقاعد، وعددها أربعة، والتي تعرف أغلبها عجزاً تقنياً يهدد استدامتها مستقبلاً، بحيث يرتقب أن يتم إدماج الكل في قطبين هما القطاع العام والقطاع الخاص، لضمان ديمومة ورفع المعامل الديمغرافي الآخذ في الانخفاض منذ سنوات.