استعرض يوسف العمراني، سفير المملكة المغربية المعتمد لدى جمهورية جنوب إفريقيا، ببريتوريا، معالم السياسة الإفريقية للمغرب التي "يقودها الملك محمد السادس انطلاقا من رؤية مبتكرة للتنمية المشتركة والاندماج الإقليمي في القارة التي تواجه تحديات مختلفة". وخلال ندوة نظمت بجامعة بريتوريا حول السبل الكفيلة بالدفع بالتعاون جنوب-جنوب والتنمية المستدامة عبر النهوض بالتعليم العالي والتكوين، شدد العمراني على أن للمغرب قناعة راسخة بأن مسلسل العولمة الحالي لا يمكن أن يستمر من دون إفريقيا متطورة ومزدهرة وقادرة على أن تأخذ بزمام مسؤوليتها بنفسها. وأوضح الدبلوماسي المغربي أمام جمع من المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين والباحثين أنه "لا يمكن لإفريقيا أن تعزز دورها في العالم دون أن تشرف بشكل مباشر على تدبير قضاياها وملفاتها الخاصة"، مؤكدا في معرض حديثه بشكل مفصل عن السياسة الإفريقية للمغرب أن هذه السياسة تتمحور حول ثلاث ركائز كبرى وحاسمة لإقلاع إفريقيا قوية وموحدة، تتمثل في تنسيق التضامن، والابتكار، والنمو المتقاسم. وأضاف قائلا إن "المغرب لم يفتأ يجعل من التعاون الإفريقي-الإفريقي نقطة ارتكاز في سياسته الخارجية، حيث يركز على النهوض بتعاون جنوب-جنوب قائم على تشبث والتزام تاريخيين لفائدة التنمية السوسيو-اقتصادية للقارة"، مؤكدا أن "هذه المعايير تشكل جوهر السياسة الإفريقية للمغرب، السياسة المندمجة استراتيجيا في رؤية تمكن من رفع تحديات إفريقيا بثقة وتفاؤل". وأبرز العمراني أن "إفريقيا ليست في حاجة إلى مساعدة مشروطة، لكنها تحتاج الى مشاريع مهيكلة ذات تأثير اجتماعي واسع ونمو متعدد الأبعاد ومتوازن"، مذكرا بالأهمية التي منحت لإفريقيا خلال لقاء مجموعة الدول السبع الذي انعقد بفرنسا. واعتبر في هذا السياق أن المسيرة نحو التنمية بإفريقيا تنطلق حتما بإرساء السلم والأمن وتمر عبر ركائز تشكل أساس النمو والتنمية الاجتماعية، من ضمنها النهوض بدور الشباب واعتماد نماذج جديدة للتنمية وتثمين الموارد الطبيعية ووضع نظام شامل للحكامة وتعاون جنوب-جنوب فعال، فضلا عن تسريع الاندماج الإقليمي. وأشار السفير إلى أن المغرب يبقى واثقا في المؤهلات والرأسمال البشري للقارة الإفريقية، مشددا على ضرورة وضع النهوض بالتعليم العالي والتكوين على رأس الأولويات لتحقيق تنمية مستدامة، مبرزا أن سياسة المغرب ومساهماته في إفريقيا تنطلق من الإرادة في جعل القارة وجهة واعدة للنمو في عالم يشهد تغيرات متلاحقة. وفي معرض تطرقه للحكامة الشاملة، أكد يوسف العمراني أن وضع مثل هذا النظام من شأنه أن يدعم وضع إفريقيا كاقتصاد مندمج ومبتكر، معتبرا أن المكونات الضرورية لهذا النظام موجودة ولا تحتاج إلا إلى صياغة وفق منهجية جديدة عملية تتلاءم مع الواقع الجديد لإفريقيا من جانب آخر، أكد السفير المغربي أنه من الأهمية بمكان، في إطار سياسة إفريقية متجددة، إقامة شراكات تعاون جنوب-جنوب نشطة موجهة أساسا نحو بروز إفريقيا مندمجة وتتمتع بالاستقلالية. وسجل الدبلوماسي المغربي أن اندماج إفريقيا في سوق عالمية لا يمكن أن يتم فقط عبر تحقيق معدلات نمو وطنية لكل بلد على حدة، ولكن يتطلب أساسا اعتماد مسلسل للتكامل على المستوى الإقليمي لإنجاح اندماج القارة في هذه السوق وتعزيز تنافسيتها.