البيت بالنسبة للفلسطيني حسين حمامدة ليس ذلك المبنى التقليدي الذي يتألف من أربعة جدران؛ فهو يعيش في كهف ينزل له إلى أسفل في جانب أحد التلال بالضفة الغربيةالمحتلة. وبدون إمدادات كهرباء أو مياه تعيش عائلة حمامدة حياة بدائية لا تختلف عن تلك التي كان يعيشها أجدادهم الذين استوطنوا تلك الكهوف قرب بلدة يطا الفلسطينية قبل ما يزيد عن 100 عام. وعلى غرار أسلافهم، الذين جعلوا من تلك الكهوف بيوتا لهم إبان الحكم العثماني، لازال سكانها يعتمدون حاليا على الماء الذي يأتون به من آبار قريبة كما، يحرقون الخشب من أجل التدفئة. وتقول رابعة حمامدة: "هذه أرضنا..ساكنين فيها من يوم الله خلقنا وإحنا في ها الجلد (الكهف). جدودنا جابوا أبياتنا (آباءنا) هان، وإحنا أمهاتنا جابنا هان، وإحنا جبت أولادي كلياتهم في ها الطور هذا". وتقع الأماكن التي بها هذه الكهوف في المنطقة (ج) بالضفة الغربية التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بموجب اتفاقات أسلو المؤقتة للسلام، والموقعة عام 1993. ويكسب سكان الكهوف رزقهم من الزراعة ورعي الغنم في التلال الصخرية المحيطة، ويذهب أطفالهم للمدارس في بلدة يطا، أقرب البلدات الفلسطينية لهم. وتتفاقم الظروف المعيشية الصعبة لعائلة حمامدة والعائلات الأخرى، التي تعيش في عشرات الكهوف بالمنطقة، نتيجة القيود التي تفرضها إسرائيل على البناء بالنسبة لهم. ويقول سكان الكهوف إن الغرف التي يبنونها فوق الأرض تُهدم، والخيام التي ينصبونها تُؤخذ. وقال حسين حمامدة: "إحنا بنعاني من المستوطنين. واحد بيسوي له تا يطلع من المغارة غرفة عن البرودة.. بييجو بيهدوها، بيهدموها، خيمة بننصبها بيهدموها، بياخدوها حتى، بياخدو الخيمة، بييجي التنظيم مع الجيش، معاه، بيحملوها وبياخدوها". ويقول سند حوامدة إنه بمجرد مد أعمدة كهرباء للمنطقة أسقطها المستوطنون، معبرا عن اعتقاده أن إسرائيل لا ترغب في أن تدخل روح العصر إلى المنطقة. وأضاف حوامدة: "سووا لنا مدوا كهرباء، حطوا عمدان من البلد ومدوا. علينا جاي، مفيش أسبوع زمان، عشر أيام، أجو اليهود وقصوهم كلهم عشان ما تصلش الكهرباء، جاي عشان نظل هانا تحت الأرض ما نطلعش، فش كهرباء، فش شيء. بعدين الصرفان مثلا أي واحد بيشوفوه بيسوي غرفة فوق الأرض هان على طول بيجو بيودو له تبليغ بيهدوها. يعني بيضيقوا على الناس بشكل عام.. بدهمش يخلوا المنطقة هذه تصير حضارية شوية، أو مثلا يكثر فيها سكان أو يتماسكوا فيها سكان". وقالت الإدارة المدنية التي تسيطر على المنطقة "ج" إن كل شخص يقيم في المنطقة يمكنه التقدم بطلب قانوني للحصول على تصريح بناء، وأضافت في تصريح: "كل طلب وجميع الطلبات تُراجع بناء على جدارتها، وتتم الموافقة عليها طبقا للمعايير والإجراءات المعمول بها". ويفيد تقرير لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) بأن السلطات الإسرائيلية ترفض معظم الطلبات الخاصة بتصاريح البناء. وتقع مستوطنة شاني ليفني الإسرائيلية القريبة على بعد نحو مائة متر فقط من المكان الذي يعيش فيه هؤلاء، ولا يفصل بينها وبينهم غير سياج من الأسلاك الشائكة. ورغم الظروف المعيشية والقيود فإن نعمان حمامدة لا يتصور أنه يمكن أن يغادر كهفه ذات يوم، وقال: "إذا بنروح هي راحت علينا.. فش ناس تسأل عن هذه المنطقة ولا فيه حكومة مدورة علينا، مهمشة. وإحنا أرضنا كلها هان فش.. إذا أطلع أنا لاجئ، مش مستعد ألجأ أنا". ولا توجد إحصائيات بشأن عدد الكهوف المنتشرة في جبال الضفة الغربية، وإن كان العديد منها يقع في المنطقة ج. ويبلغ عمق الكهف النموذجي نحو 60 مترا ومدخله منحوت في الحجر. وتُقسم الكهوف إلى ثلاثة مناطق، إحداها للمعيشة وثانيها للتخزين والثالثة للمطبخ. وينام سكان الكهوف على حشايا وبطانيات فوق الأرض الصخرية.