الطالبي العلمي: معطيات الوزير بركة عن استيراد الأغنام "غير صحيحة"    الطالبي العلمي يكذّب نزار بركة: عدد مستوردي الأغنام 100 وليس 18 ودعم الدولة لم يتعدى 300 مليون درهم    حلويات "الفرّانْ" تتراجع بشفشاون    المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية بطنجة أصيلة تعلن عن مصليات وأوقات إقامة صلاة عيد الفطر لعام 1446    لتمويل مشاريع المونديال.. المغرب يعود لسوق السندات الأوروبية لاقتراض أزيد من ملياري أورو    الأمم المتحدة: مقتل 830 فلسطينيا في غزة خلال 8 أيام بينهم 496 امرأة وطفلا    عبد الرحيم.. نموذج مشرف للأمانة يعيد عشرة ملايين سنتيم إلى صاحبها في سوق إنزكان .    الوداد يتجاوز الفتح ويضرب موعدا للماط في ثمن نهائي كأس العرش    محكمة الاستئناف ببرشلونة تبرئ اللاعب ألفيس من تهمة الاعتداء الجنسي    مدينة طنجة ضمن أفضل 10 وجهات سياحية عالمية لعام 2025 وفق مجلة ألمانية مرموقة    أوساسونا يطعن في مشاركة مدافع برشلونة مارتينيس    العامل المنصوري يبشر بمشروع "مدينة الترفيه والتنشيط" لتطوير إقليم تطوان وخلق فرص للشغل    تحويلات مغاربة الخارج تتجاوز 17.8 مليار درهم وتراجع طفيف في الاستثمارات بالخارج مقابل ارتفاع قوي في تدفقات الاستثمارات الأجنبية بالمغرب    الحسيمة.. إحباط عملية للهجرة غير المشروعة عبر المسالك البحرية    تألق ليلة القدر في رمضانيات طنجة الكبرى: روحانية، تراث وتكريم لذوي الهمم    رحلة رمضانية في أعماق النفس البشرية    المشاورات غير الرسمية لمجلس السلم والأمن الإفريقي: البلدان التي تمر بانتقال سياسي تشيد بريادة المغرب وحنكته الدبلوماسية    استطلاع رأي يكشف مخاوف الفرنسيين: الجزائر تشكل تهديدًا جديًا لأمن فرنسا    الديوان الملكي يعلن عن ثلاث تعيينات جديدة    اعتداء على أستاذة بآرفود.. تلميذ يهاجمها بالسلاح الأبيض والشرطة تتدخل    رفع الإيقاف عن مهدي بنعطية    مسلسل "على غفلة" يجذب الجمهور    الحكومة تصغي لمعالم إصلاح التعليم .. وتوسع اختصاصات قطاع الاتصال    عمرو خالد: هذه تفاصيل يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.. مشاهد مؤثرة ووصايا خالدة    الجزائر تصعد توترها مع المغرب بطرد دبلوماسي مغربي    شهر رمضان.. وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم حصيلة حملة المساعدة الإنسانية في القدس    144 قتيلا جراء الزلزال في ميانمار    المدرسة الرائدة بالوداية .. نموذج مبتكر يعيد الثقة في التعليم العمومي    بخصوص ما قاله الكاتب الأول عن فلسطين الآن!    عامل إقليم الحسيمة يحيي ليلة القدر المباركة بمسجد محمد السادس    تاونات.. موسم فلاحي واعد بفضل التساقطات المطرية الأخيرة    مستقبل الدولي المغربي سفيان أمرابط بات على المحك … !    تفاصيل حريق بمطار محمد الخامس    بورقية وبوعياش وبلكوش .. الديوان الملكي يعلن عن تعيينات جديدة    دنيا بوطازوت تنسحب من تقديم "لالة العروسة" بعد أربع سنوات من النجاح    عون يبرئ حزب الله من إطلاق النار    تفاصيل تزويد المغرب ب 18 قطارًا    السعيدية.. تسليط الضوء على الندوة الدولية حول تطوير الريكبي الإفريقي    إسبانيا تعلن عن ملف مشترك مع المغرب والبرتغال لتنظيم بطولة عالمية جديدة    ارتفاع حصيلة زلزال بورما إلى 144 قتيلا    العجز التجاري للمغرب يقفز إلى 50.7 مليار درهم عند متم فبراير    رامز جلال في رمضان والكاميرا الخفية المغربية .. مقلب في الضيوف أم في المشاهد؟    وزارة الداخلية.. إغلاق 531 محلا ومصادرة 239 طنا من المنتجات غير القانونية    العرض ماقبل الأول لفيلم «مايفراند» للمخرج رؤوف الصباحي بسينما ميغاراما    مباريات كرة القدم للتأهل إلى المونديال إصابة أكرد تدمي قلب مشجع ستيني    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    تيك توك تطلق منصة تسوق تفاعلية في أوروبا    عودة أسطورة الطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي في عرض يعد بالكثير    الأردن وزواج بغير مأذون    باحثون يكتشفون رابطا بين السكري واضطرابات المزاج ومرض ألزهايمر    كرة القدم لعبة لكنها ليست بلا عواقب..    سكان المغرب وموريتانيا أول من سيشاهد الكسوف الجزئي للشمس السبت    "الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير    أوراق من برلين: فيلم "طفل الأم".. رحلة تتأرجح بين الأمومة والشكوك    فن يُحاكي أزمة المياه.. معرض فني بمراكش يكشف مخاطر ندرة الماء والتغيرات المناخية    رسالة إلى تونس الخضراء... ما أضعف ذاكرتك عزيزتي    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تودع شكاية لفائدة طفلة أُصيبت بالسيدا عقب عملية جراحية    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    









أكمير يروي تاريخ الأندلس من دخول المسلمين إلى فقدان "الفردوس"
نشر في هسبريس يوم 29 - 08 - 2019

ثمانُ قرون من "تاريخ الأندلس" في كبسولات مصوّرة متاحة للجميع، يحاول عبرها الأكاديمي المغربي عبد الواحد أكمير تقريب المتحدّثين باللغة العربية من التشكّلات الحضارية للأندلس، وخصوصياتها السياسية والثقافية والاجتماعية، وتمَظهراتها في معمارها وأدبها وفلسفتها، مع محاولة فهم واستيعاب ما عناه سقوطها، وأبعاد "الأندلس المتخيَّلَة".
هذه الحلقات التي تصوَّر في فضاءات مُغلقَة، أو قرب مآثر تاريخية إسبانية، أو تقتطَع من محاضرات سابقة لأكمير، تتوزّع على سلسلات من بينها على سبيل المثال لا الحصر سلسلتا: "نحن والأندلس"، و"الدّرس الأندلسي"، اللّتان تقرّبان المشاهد من تاريخ الأندلس على موقع "فايسبوك"، وبالتالي تقرّبان من فهم حالة "الانحباس الحضاري" التي نعيشها، واستيعاب جذور التفرّق واللّقاء بين الشمال والجنوب.
ويذكر عبد الواحد أكمير في إحدى حلقات "الدّرس الأندلسي" أن استمرار الحضارة الأندلسية لمدة طويلة، بخلاف الحضارات المجاورة لها، مردّه إلى عدم قيامها فقط على ما جاء به المسلمون، بل أيضا على الموروث الحضاري الموجود بإسبانيا للحضارات التي سبقت الإسلام، وِفق ما أوردَه ابن خلدون، مضيفا أنها في الواقع "مجموعة حضارات في حضارة واحدة مشرقية ومغربية، وإسلامية ومسيحية، تلاقحَت وانسجمت وتعايشَت بطريقة لم تسجَّل في أيّ مكان آخر".
وينتقل أكمير في برامجه بين مراحل متعدّدة من تاريخ الأندلس، فيذكر بدايةً أنّ أوّل مجال ظهرت فيه حضارة الأندلس هو المعمار، قبل أن تمتدَّ إلى مجالات أخرى مثل الشّعر والأدب والفلسفة والمجتمع والاقتصاد وعلم الجمال، ابتداء من القرن التاسع الميلادي، قبل أن يتساءل في حلقات أخرى عن شرعية تسمية "حروب الاسترداد"، علما أن الممالك التي تحدّثت عنها لم تكن أصلا أُنشئت، في وقت دخلَ المسلمون إسبانيا.
ويرى مدير مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات أن حضور اسم "الأندلس" في علامات التشوير وعلامات المحلّات والمنتجات يعني أنها رغم انتهائها في الزّمان لم تنته في الوِجدان، ثم زاد قائلا إن هذا الحضور في الوجدان موجود بطريقة غير سويّة، متسائلا: "ما الذّي يجمع مسجدا سمّي الأندلس بملهى ليليّ سمّي بالأندلس؟".
مثل هذه التعبيرات تعبّر وِفق أكمير عن "اضطراب في ذاتِنا"، و"عدمِ قدرة على تجاوُز عقدة الأندلس"؛ فالأندلسُ تمثّل "نهاية التاريخ" و"نهاية الحضارة"؛ لأن قمّة الحضارة العربية الإسلامية كانت في 1492، التي كانت "سنة نهاية حضارتنا، وبداية حضارات أخرى، وعام اكتشاف أمريكا"، ومعها "بدأ الاختلال الحضاري بين الشمال والجنوب، وبعد ذلك لم يكن بإمكاننا أن ننجب حضارة، ووقع لدينا انحباس حضاريّ".
ووضّح أكمير في برنامج آخر معنوَن ب"نحن والأندلس"، أنّ الحضارة لم تنشأ في الأندلسِ مباشرة مع وصول الإسلام، بل تأخّرت 100 سنة تقريبا، ثم استرسل مفسّرا: "الاستقرار السياسي كان غائبا على امتداد القرن الأوّل من الإسلام في الأندلس، ولم يبدأ إلا مع عبد الرحمن الثاني. وبما أنّ الاستقرار السياسي أساسي لنشوء الحضارة، فلم يسجَّل أيُّ مظهر من مظاهر الحضارة الأندلسية في العلوم والأدب والعمارة، بشكل مهمّ، إلا ابتداء من الربع الثاني من القرن التاسع، وهو ما مكّن منه توفّر شرط آخر هو الازدهار الاقتصادي الذي تحقّق في الأندلس مع نشأة المُدُن، التي ازدهرت فيها الصنائع والتجارة، ما أدّى إلى ازدهار الثقافة والتعليم والعلوم".
ويذكّر الباحث، عبر حلقات برنامجه، بأن تاريخ الأندلس ظلّ منسيّا في الثقافة العربية الإسلامية إلى بداية القرن العشرين، ويضيف أنّ المصدر الوحيد حول تاريخ الأندلس من سقوط غرناطة إلى بداية القرن العشرين كان هو "نفح الطيب" للمقري، في حين أن كلّ ما دونَه كان إشارات في كتب الرحلة ومذكّرات بعض السفراء والنوازل الفقهية.
ويرجع أكمير هذا النسيان إلى أسباب ثلاثة، من بينها انتشار الأمية بشكل كبير جدا في هذه المرحلة، وتعلّقَ كلّ الاهتمامات الثقافية بالنّخبة التي اهتمت بالخصوص بعلوم الدّين، وكون أغلب المصادر حول الأندلس مخطوطة ومخزونة في خزانات دفينة ولم يصنّف أغلبُها، وتشكيلِ الأندلس بعد سقوطها جزءا من "دار الكفر"، علما أن الثقافة في العالم العربي الإسلامي تتجاهل وتبتعد عن كلّ ما يمثِّل هذه الدار.
وينتقل الأكاديمي في حلقات "نحن والأندلس" بتسلسل بين فترات تاريخية متفرّقة، فمن الحديث عن "المدجَّنين" بوصفهم "أقدم جالية مسلمة في بلاد النصارى"، لرفضهم الخروج بعد سقوط المدن، مستحضرين أن خروجهم قد يعني إبادتهم أو نهب ممتلكاتهم وتحوُّلَهم إلى عبيد، قبل أن يؤكّد في فترات لاحقة أن "من المفارقات أن عودة الاهتمام بالأندلس مرتبطة بفترة الاستعمار".
وفي حديث البرنامجَين عن تاريخ الأندلس تسليطٌ للضّوء على تاريخنا الحالي، فعبد الواحد أكمير يتحدّث عن الهجرة بوصفها ظاهرة إنسانية اجتماعية، في معرض حديثه عن الهجرة من المغرب إلى الأندلس منذ بداية القرن الثامن التي كانت في الأساس هجرة سياسية، ثم الهجرة الثانية التي كانت عربية بعد تمرّد كبير للأمازيغ في الأندلس، أرسلت الخلافة الأموية 10.000 جندي لقمعِه، فموجَة ثالثة مع عبد الرحمن الداخل كان أغلب مهاجريها أمازِيغ.
كما يسلّط أكمير الضّوء على أوّل موجة هجرة من الأندلس إلى المغرب سنة 818، التي حدثت بعد تمرّد على حكم الأمير الحكم الأوّل الذي نفى آلاف القرطبيين، قبل أن تبدأ ابتداء من القرن الحادي عشر بعض الهجرات من المدن الخاضعة للإسلام، وللنصارى، وهي هجرات المدجَّنين، لتكون الموجة الثالثة بعد سقوط غرناطة وقدوم الموريسكيين.
ولم يفت أكمير الحديث عن لحظة بداية الاهتمام بالفلسفة الأندلسية في القرن التاسع عشر، إذ وضّح أن أوّل من اهتمّ بها المستعربون الإسبان، كما تحدّث عن إعادة اكتشافِ إرنست رينان ابن رشد، أكبر فيلسوف في تاريخ الأندلس، وإعادة اكتشاف فرح أنطون ما اكتشفه رينان، وصولا إلى حديثه عن فضل محمد عابد الجابري في تشريح الفلسفة الأندلسية وإبراز خصوصيّتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.