كشف وزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية أن تنزيل ورش اللاتمركز الإداري يستدعي بالضرورة مراجعة مجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية، وفي مقدمتها القانون التنظيمي للتعيين في المناصب العليا؛ وذلك في أفق توسيع نطاق المناصب العليا التي يتقلدها من يعرفون بالموظفين السامين إلى المجال الجهوي والإدارات اللاممركزة. وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أكد بن عبد القادر أن معنى ذلك أن المنصب الأعلى على مستوى بنية المديريات هو المدير المركزي، أما من يسمى اليوم المدير الإقليمي أو الجهوي فإنه نظاميا في مستوى أدنى، أي بمثابة رئيس قسم. ويسعى الوزير بن عبد القادر من خلال هذا التعديل إلى إرساء إطار جديد هو المدير الجهوي، الذي سيكون على رأس المديرية الجهوية في الهندسة الجديدة للاتمركز الإداري؛ وبذلك لن تبقى المناصب العليا للإدارة العمومية مقتصرة على الإدارات المركزية، لتشمل المصالح الخارجية والإدارات اللاممركزة. وأوضح المتحدث أن نقل الاختصاصات التقريرية يقتضي بالضرورة، فضلا عن نقل الموارد المالية في إطار التوطين الميزانياتي، نقل الموارد البشرية، وخاصة القيادية منها؛ وذلك حتى يكون على رأس المديريات الجهوية مدراء لهم صلاحيات اتخاذ القرار في إطار التنسيق مع السادة الولاة. واستطرد بن عبد القادر بأن مراجعة القانون التنظيمي 12-02 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا في سياق تفعيل الميثاق الوطني للاتمركز الإداري هي أيضا مناسبة بالنسبة لوزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية من أجل تعديلات أخرى، تتوخى جعل مقتضيات هذا القانون التنظيمي أكثر شفافية، وتجسيدا للمبادئ التي كرسها دستور المملكة بخصوص مبادئ الكفاءة وتكافؤ الفرص في مسطرة تقلد المناصب العليا. وسبق للوزير الاتحادي أن وعد في جلسات برلمانية بهذه المراجعة في معرض إجابته عن الأسئلة الشفوية حول شبهات تحزيب الوظيفة العمومية العليا، بعيدا عن معايير الكفاءة والشفافية . ويستفاد من مصدر وزاري موثوق أن أهم تعديل سيقترحه محمد بن عبد القادر في هذا الشأن يخص اقتراح إنشاء هيئة مستقلة لتدبير المناصب العليا، على غرار النموذج الكندي (الكبيك)، أو النموذج البلجيكي، واللذين سبق أن اطلع عليهما رفقة أطر وزارته في زيارات ميدانية هذه السنة. وكان المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الأخير حول الوظيفة العمومية بالمغرب أوصى باستشراف هذه الصيغة التي تندرج ضمن الممارسات الفضلى في الحكامة الجيدة. ومعلوم أن دستور المملكة لسنة 2011 نص على مجموعة من المقتضيات التي تكرس مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والشفافية والمساواة والنزاهة. وصدرت نصوص تتعلق بالتعيين في المناصب العليا ومناصب المسؤولية، تم بموجبها تخويل الحكومة سلطة واسعة في التعيين في هذه المناصب، بما يمكنها من اختيار الأطر الكفأة القادرة على تحمل المسؤولية التدبيرية للمرافق العمومية؛ ويتعلق الأمر ب: 1- القانون رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.20 بتاريخ 17 يوليو 2012. 2- المرسوم رقم 2.12.412 صادر في 11 أكتوبر 2012 بتطبيق أحكام المادتين 4 و5 من القانون التنظيمي رقم 02.12 في ما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا التي يتم التداول في شأن التعيين فيها في مجلس الحكومة. جدير بالذكر أن الحكومة السابقة برئاسة عبد الإله بنكيران بادرت في مستهل ولايتها إلى الإسراع في إخراج هذا القانون قبل غيره من القوانين المدرجة في المخطط التشريعي لتنزيل الدستور؛ ويكاد يكون هناك إجماع اليوم على أن مقتضياته تشوبها عيوب وثغرات، وأن تطبيقه يبقى بعيدا عن ترجمة الأحكام الدستورية بخصوص التعيين في المناصب العليا التي يتم التداول بشأنها في المجلس الحكومي .