يردد كثيرون من المغاربة عبارة مفادها: "لقد أصبحت الإنجليزية جد عالمية وجد مهمة في الآونة الأخيرة ولقد تراجعت الفرنسية كثيرا في الآونة الأخيرة". يتوهمون أن الإنجليزية صعدت كلغة عالمية بشكل فجائي "في الآونة الأخيرة" فقط في عصر يوتيوب وغوغل ويتوهمون أن الفرنسية "تراجعت في الآونة الأخيرة" كنتيجة لهذا الصعود الإنجليزي الفجائي. والحقيقة هي أنه لا يوجد "في الآونة الأخيرة" ولا "صعود فجائي" ولا يحزنون. الإنجليزية كانت وما زالت اللغة العالمية للعلوم والاقتصاد والتجارة والدبلوماسية منذ أزيد من 300 عام، أي قبل دخول الاستعمار الفرنسي والإسباني إلى المغرب بوقت طويل. إذن، المغرب هو الذي اكتشف الإنجليزية "في الآونة الأخيرة" بعد أن كان في الكهف معزولا عن العالم أو منغلقا في القوقعة الفرنسية - العربية. والفرنسية لم تتراجع "في الآونة الأخيرة" وإنما ما زالت مجرد لغة ثانوية أو قزم جهوي كما كانت دائما. وتوهمات المغاربة حول الصعود الفجائي للإنجليزية عالميا "في الآونة الأخيرة" والهبوط الفجائي للفرنسية "في الآونة الأخيرة" هي توهمات أهل الكهف الذين أطلوا برؤوسهم من الكهف فظنوا أن العالم قد تغير كثيرا "في الآونة الأخيرة" بينما هم الذين ناموا في الكهف طويلا. فهؤلاء المغاربة في عصر البارابول والإنترنيت صدموا لضآلة حجم الفرنسية أمام الإنجليزية فظنوا أن الأمر مجرد تطور طارئ "في الآونة الأخيرة". وقد تعود المغاربة مثلا على مشاهدة الأفلام الأمريكية بالدبلجة الفرنسية على تلفزة المغرب، وتعودوا على قراءة ومشاهدة أي شيء أجنبي بالترجمة الفرنسية أو بالدبلجة الفرنسية أو اللبنانية بسبب القوقعة الفرنسية - العربية التي أنتجتها سياسة الفرنسة والتعريب منذ 1912 والمستمرة إلى الآن. واليوم في 2019 تبذل الدولة المغربية من جديد قصارى جهدها (بأموال الشعب) لضمان مستقبل الفرنسية بالمغرب ولضمان خلود الفرنسية بالمغرب، وهي بذلك تحرم أبناء الشعب من الإنجليزية وتجعل الإنجليزية حكرا على أبناء طبقة الفرنكوفونيين والنخب وعلية القوم القادرين على دفع تكاليف المدارس الخصوصية النخبوية وتكاليف الجامعات النخبوية مثل جامعة الأخوين في مدينة Ifran التي تدرس حصريا بالإنجليزية. هناك نوع من الطبقية اللغوية الماكرة التي يروجها الفرنكوفونيون وبقية النخب. وخلاصتها هي كالتالي: - الإنجليزية لأبناء الفرنكوفونيين وأبناء النخب وأبناء علية القوم. - الفرنسية والعربية لأبناء الشعب من الطبقة المتوسطة والفقيرة في المدن. - العربية للتعليم الديني الإسلامي ومحو الأمية. - الدارجة للإعلام الاستهلاكي والإشهار والمسلسلات. - الأمازيغية بحرف تيفيناغ للفولكلور والديكور الذي لا يقرأه أحد. يجب أن ينتبه المغاربة جيدا إلى أن الفرنكوفونيين وعلية القوم بالمغرب لا يكرهون الإنجليزية بل يعشقونها ولكن يريدون احتكارها لأبنائهم وحرمان أبناء الشعب منها. هذا هو سر إصرار الفرنكوفونيين والنخب على فرنسة التعليم وإخفاء الإنجليزية عن أبناء الشعب وتأجيل نجلزة التعليم إلى أجل غير مسمى (فمدارس الفرنكوفونيين الخصوصية تدرس الإنجليزية لأبنائهم وجامعة الأخوين في Ifran تدرس أبناءهم بالإنجليزية وبالنظام الأمريكي، أي أنهم ضمنوا الإنجليزية لأولادهم). الفرنكوفونيون والنخب يريدون الإنجليزية لأبنائهم فقط وذلك لكي يتميزوا بها عن بقية أبناء عامة الشعب المعربين المفرنسين الجاهلين بالإنجليزية. الفرنكوفونيون المغاربة هم أكثر المغاربة وعيا بأهمية وقيمة الإنجليزية لذلك يقدرونها حق قدرها، فيعاملون الإنجليزية مثل كنز ثمين يريدون أولادهم أن يظفروا به ويحتكروه بعيدا عن أبناء عامة الشعب المشغولين بالفرنسية والعربية والديكور التيفيناغي وسخافات Bonjour Karim! Merci beaucoup. وفي إطار دفاع أنصار الفرنسية والفرنسة والفرنكوفونية عن هذه الطبقية اللغوية التي تريد تأبيد وتخليد الفرنسية بالمغرب وإدامة تعريب قاع المجتمع وجعل الإنجليزية بضاعة ثمينة نخبوية نادرة بعيدة المنال عن أبناء عامة الشعب المغربي، فإن أنصار الفرنسة يحاولون إقامة مساواة مغلوطة بين الفرنسية والإنجليزية لإيهام الشعب بأن الفرنسية والإنجليزية "بحال بحال" فيروجون هذه المزاعم والعبارات التضليلية: - "الفرنسية والإنجليزية لغتان عالميتان". وهذا كذب وسخف. اللغة العالمية الوحيدة في العالم هي الإنجليزية. البقية أقزام جهوية. إذا كانت الفرنسية لغة عالمية فالعربية أيضا عالمية لأنها رسمية في الأمم المتحدة! والروسية ستكون أيضا لغة عالمية! وكذلك الإسبانية! والصينية الماندارينية! والألمانية! واليابانية! والإيطالية! والفارسية! والتركية! والبرتغالية! والهندية! وحتى الأمازيغية سيحق لنا اعتبارها لغة عالمية لأنها منطوقة في 10 بلدان أفريقية وتعترف بها رسميا 4 دول أفريقية ومستعملة في أوروبا لدى الجاليات الأمازيغية الضخمة بالملايين! لا. اللغة العالمية هي الإنجليزية. البقية أقزام جهوية. - "العلوم والاقتصاد هي بالفرنسية وبالإنجليزية". غلط. الأبحاث والمنشورات العلمية العالمية هي بالإنجليزية، والتجارة الدولية تشتغل بالإنجليزية، والمستثمرون الأجانب القادمون إلى المغرب يتحدثون الإنجليزية ويبحثون عن عمال وتقنيين يجيدون الإنجليزية التقنية والاقتصادية الوظيفية (وليس إنجليزية المبتدئين مثل Hello! How are you? Thank you). ومعظم دول العالم تدرس العلوم والمواد المدرسية لأولادها باللغة أو اللغات الشعبية الأم + الإنجليزية العلمية/التقنية/الاقتصادية. - "يجب تدريس العلوم بلغة أجنبية أو لغات أجنبية". وهذه خدعة كلامية نبهت إليها سابقا. فبمجرد أن تسمع شخصا بالمغرب يقول لك "باللغة الأجنبية" أو "باللغات الأجنبية" فاعلم أنه يقصد الفرنسية. وهو يستعمل العبارة المضللة "اللغة الأجنبية أو اللغات الأجنبية" لأنه يشعر بالحرج من قول كلمة "الفرنسية". وسخافة عبارة "اللغة الأجنبية" تكمن في أنها تشمل أية لغة على وجه الأرض مثل: الصومالية، البلغارية، الكرواتية، الدانماركية، الكازاخستانية. لا. أنصار فرنسة التعليم يقصدون ب"اللغة الأجنبية" لغة واحدة: الفرنسية. - "يجب تدريس العلوم بالفرنسية الآن وبالإنجليزية مستقبلا". هذا الشخص الذي يقول "بالإنجليزية مستقبلا" هو فقط يمارس الحشو الكلامي وهو من أنصار الفرنسة. هو لا يملك أية خطة ولا أي تصور ولا أي مقترح عملي واضح لنقل التعليم المغربي تدريجيا إلى الإنجليزية ولإزالة الفرنسية. كلمة "مستقبلا" هي للتضليل. هذا الشخص لا ينوي إطلاقا إخراج الفرنسية من المغرب بل يريد تخليدها في المغرب إلى أبد الآبدين. ما هو الحل؟ الحل هو انتقال المغرب إلى سياسة لغوية جديدة ثلاثية "أمازيغية – عربية – إنجليزية" تتمثل في: - البدء من الآن في تدريس اللغات الثلاث الأمازيغية والعربية والإنجليزية كمواد إجبارية بنفس العدد من الساعات لكل لغة في الابتدائي والإعدادي والثانوي. - البدء من الآن في تكوينات مستمرة للمعلمين والأساتذة في الإنجليزية والأمازيغية مدتها 1 إلى 3 سنوات. - الانتقال إلى تدريس اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني لتسهيل انتشارها وتدريسها للجميع بمن فيهم تلاميذ الثانويات، ولتسريع تحول الأمازيغية قريبا إلى لغة لتدريس العلوم والمواد المدرسية. - البدء في إدخال اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني في التعليم الثانوي مباشرة وعدم انتظار تغطية التعليم الابتدائي أولا. فعدد الثانويات صغير بالمقارنة مع عدد الابتدائيات. والتعليم الثانوي هو بوابة الجامعة. - البدء من الآن في إزالة الفرنسية من الابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعي وتعويضها بالإنجليزية كلما توفر معلمون أو أساتذة لتدريس الإنجليزية أو للتدريس بالإنجليزية في مدينة أو إقليم أو أكاديمية جهوية. - استنساخ تجارب ومناهج ومقررات جامعة الأخوين في إيفران Ifran وفي فرعها بالدارالبيضاء Anfa في تدريس العلوم والاقتصاد بالإنجليزية ونقلها أو استنساخها إلى الجامعات المغربية المجانية. - تحويل الفرنسية إلى لغة أجنبية اختيارية في التعليم الثانوي كالألمانية والإسبانية والإيطالية. - تحويل كل كتب المواد المدرسية إلى كتب ثلاثية اللغة (أمازيغية – عربية – إنجليزية) بنصوص ثلاثية اللغة وتحتوي في كل صفحة أو في كل درس فيها على لائحة من 5 أو 10 مصطلحات موضوعاتية علمية واقتصادية وجغرافية ثلاثية اللغة: أمازيغية – عربية – إنجليزية. أمثلة بسيطة: tudert = الحياة = life iɣes = العظم = bone tasa = الكبد = liver taṛot = الرئة = lung aṭṭan = المرض = disease amanḍas = مرض السرطان = cancer tiqqest = الألم = pain amahellaw = المجرّة = galaxy itri = النجم = star amtiweg = الكوكب = planet abelkim = الذرّة = atom aɣermi = النواة = nucleus takalussna = عِلم الأرض = geology tafuɣalt = الهضبة = high plain akal = الأرض = earth ajenna = السماء = sky taḍarot = الجو = airspace asayrur = الفضاء = space من يزعم بأن اللغة الأمازيغية "غير جاهزة" فهو جاهل باللغة الأمازيغية أو لديه أجندة تيفيناغية أو أجندة تعريبية أو أجندة فرنكوفونية. فالذي يحتاج إلى الوقت للانتشار هو حرف تيفيناغ وليس اللغة الأمازيغية. اللغة الأمازيغية موجودة وجاهزة منذ قرون وقادرة على التعبير عن أي شيء. ومن يزعم بأن اللغة الأمازيغية عاجزة فليخبرنا عن مصطلح علمي مدرسي استعصت عليه ترجمته إلى الأمازيغية وسنترجمه له ونقدم له المصدر المعجمي الأمازيغي بالاسم وتاريخ النشر ودار النشر واسم المؤلف ورقم الصفحة. التيفيناغيون يعلمون بأن حرف تيفيناغ ضعيف وسيحتاج إلى 50 عاما أو 100 عام للانتشار فيقومون بإلصاق عجزه باللغة الأمازيغية ويزعمون بأن "الأمازيغية تحتاج إلى وقت" بينما الأمازيغية كلغة هي كاملة وجاهزة. وإنما تيفيناغ هو الذي يحتاج إلى الوقت وهو الذي يبرر التأجيل والتسويف البيروقراطي. كما أن تحويل اللغة الأمازيغية إلى لغة للتدريس في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية في السنوات المقبلة لن يتيسر إلا بتدريس الأمازيغية بالحرف اللاتيني. أما حرف تيفيناغ فهو يرسل الأمازيغية إلى ثلاجة التجميد وينهي الكلام المباح عن الأمازيغية تماما ويجعل المغرب حلبة أو ميدانا لتنافس الفرنسية والعربية والإنجليزية والإسبانية في غياب تام ل"مولات الدار" الأمازيغية المشلولة بحرف تيفيناغ الذي لا يقرأه أحد. لقد اتضحت الصورة الآن. التيفيناغيون يساندون الفرنسة (يساندون فرنسة المغرب بالحرف اللاتيني) لأنهم عرفوا أن اللغة الأمازيغية مقصية أتوماتيكيا من اللعبة بسبب حرف تيفيناغ الفولكلوري الذي يحول اللغة الأمازيغية إلى ديكور لا يضر ولا ينفع. وبهذا فالأمازيغية بتيفيناغ تصبح hors-jeu أو offside أي خارج اللعبة تماما. أما الفرنكوفونيون المغاربة فإنهم يعرفون جيدا قيمة الإنجليزية ولكنهم يريدون احتكارها لأولادهم (في المدارس الخصوصية والمدارس العليا، وفي جامعة الأخوين في Ifran وهي جامعة للأثرياء باهظة التكاليف وتدرس العلوم بالإنجليزية حصريا) ويبيعون للشعب المغربي البضاعة الفرنسية الكاسدة الفاشلة. لهذا يجب الانتقال إلى تدريس وترسيم اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني وتبني سياسية لغوية مدرسية ثلاثية "أمازيغية – عربية – إنجليزية" والبدء في خطة تدريجية لطرد اللغة الفرنسية من المغرب. اطردوا الفرنسية ودرسوا الإنجليزية والأمازيغية بالحرف اللاتيني لأبناء الشعب المغربي. [email protected]