مع حلول فصل الصيف، تنتشر مجموعة من المهن غير المقننة، التي تشكل خطرا على صحة المواطنين، لا سيما في الشواطئ، بما في ذلك مدينة الدارالبيضاء، التي تشهد انتشارا واسعا للباعة المتجولين، طوال السنة؛ لكن تتزايد أعدادهم في الفترة الصيفية على وجه التحديد. كراج علال الحفاري يندرج ضمن المناطق الآهلة بالباعة المتجولين في العاصمة الاقتصادية، بحيث يُقدّر الاتحاد العام لمقاولات المهن أعداد هذه الفئة بنحو 30 ألف بائع متجول في 2012؛ في حين يتجاوز عدد الباعة المتجولين، يومي الأربعاء والسبت، حوالي 70 ألف بائع متجول، وفق المصدر عينه. أخطار صحية في هذا الصدد، صرح بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، بأن "الأغذية التي يبيعها الباعة المتجولون في الشواطئ هي أغذية غير خاضعة لشروط السلامة الصحية، وغير خاضعة للمراقبة"، مضيفا أن "الباعة المتجولين لا يتوفرون على ترخيص من طرف المجالس الجماعية، ولا من طرف المصالح البيطرية لمزاولة هذه المهنة". وأضاف الخراطي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هذه الأطعمة تشكل خطرا على صحة المستهلك، لأن الظروف التي تهيأ فيها هذه المواد هي ظروف مجهولة، وكذا وسائل النقل التي يستعملونها لا تتوفر على الشروط المتطلبة لبيع هذه المواد"، مضيفا أن "المستهلك الذي يشتري هذه المواد الغذائية يتحمل مسؤولية جسيمة للإصابة بالتسمم الغذائي". مهنة غير مقننة أكد رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك أن "الباعة المتجولين يفرضون وجودهم، باستغلال الفترة الصيفية"، مؤكدا أن "أغلب باعة الفترة الصيفية هم طلاب الجامعات والتلاميذ، الذين يستغلون هذه الفترة لتحصيل دخل فردي"، معززا قوله: "لا بد من وضع الدولة لإطار قانوني لممارسة هذه المهنة، أو إنشاء شركات تتكلف بهؤلاء الباعة وتضمن جودة المنتجات". وأورد الخراطي أن "هذه المهنة غير مقننة، إذ إن الظروف الاجتماعية أصبحت تقزم ما هو صحي، وما هو قانوني"، مضيفا "عندما تتدخل السلطات لمنع الباعة المتجولين تقوم مجموعة من الاحتجاجات ضدها، مدعية بأن هذا التدخل شكل من أشكال ممارسة العنف"، معززا قوله: "السلطات تتلقى ردا غير إيجابي، على الرغم من أن الهدف من تدخلها هو حماية صحة المستهلك"، مضيفا أن "حماية المستهلك تبقى على عاتق الدولة، لذا من واجبها تقنين هذه المهنة ومراقبة جودة المنتجات التي يقدمها الباعة المتجولون". ظروف مجهولة في نفس السياق، صرح عبد الخالق الرمضاني، خبير في التغذية، بأن "الأغذية التي يبيعها الباعة المتجولون هي أغذية غير صحية، وتضر بصحة المستهلك، لصعوبة خضوعها للمراقبة الصحية "، مضيفا أن "هذه الأطعمة تكون تحت أشعة الشمس، وبالتالي هي معرضة أكثر للتعفن، ومن الممكن أن تسبب مشاكل صحية كثيرة"، مؤكدا أن "الظروف التي يتم تصنيع فيها هذه المنتجات مجهولة كما أنها غير خاضعة للمراقبة". وأضاف الحاصل على دكتوراه التغذية في كندا أن "من الأحسن تفادي هذه المنتجات، لأنها غير خاضعة لأية احتياطات وتكون نسبة الباكتيريا مرتفعة فيها؛ وهو ما قد يؤدي إلى تسممات وتعفنات صحية"، مشيرا إلى أن "الأطعمة التي تأخذها بعض العائلات للبحر تشكل نفس خطورة هذه المواد بعد تعرضها لأشعة الشمس". 70 ألف بائع متجول من جهة أخرى، صرح محمد الذهبي، مسؤول بالاتحاد العام للمقاولات والمهن، بأن "عدد الباعة المتجولين في الدارالبيضاء، على مستوى كراج علال الحفاري، حسب إحصائيات الاتحاد العام لمقاولات المهن لسنة 2012، يبلغ حوالي 30000 بائع متجول قار، حيث يتجاوز عدد الباعة المتجولين، يومي الأربعاء والسبت، حوالي 70000 ألف بائع متجول". وأضاف الذهبي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الاتحاد العام لمقاولات المهن اتخذ العديد من المواقف، ولا سيما بعد الدراسة الميدانية التي قام بها، والتي خولت له معرفة أن هؤلاء الباعة يؤدون رشوة يومية غير قارة من 80 درهما إلى 200 درهم، حسب المكان ونوع البضاعة التي يعرضها البائع". وشدد الذهبي على أن "هذا المبلغ هو كبير جدا بالنسبة للرشوة"، مؤكدا على "وجود لوبيات وراء هذه العملية"، مضيفا أن "أساليب المعالجة التي تمت على مستوى البرنوصي هي أساليب غير كفيلة بأن تحد من هذه الظاهرة"، مفسرا ذلك "بعدم القيام بهيكلة البائع المتجول". وأضاف المتحدث نفسه أن "البائع الذي يتم تنقيله من الشارع إلى محلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يؤدي مبلغ 1200 درهم شهريا، إلا أن هذا المبلغ لا يذهب إلى الخزينة الجماعية، ولا إلى الخزينة العامة، وإنما يذهب لجمعيات غير خاضعة للشروط المهنية"، مؤكدا أن "هذه العملية تعتبر عشوائية، لعدم هيكلة البائع المتجول". غياب المواكبة تابع الذهبي بالقول: "إننا لم نستطع إدماج الباعة المتجولين في برنامج المقاول الذاتي الذي وضعته الدولة، ما نستنتج من خلاله أن مواكبة هؤلاء الباعة هي مواكبة غير كاملة" مؤكدا أن "المبلغ الذي يتم دفعه شهريا هو 1200 درهم، لكل بائع في محلات التنمية البشرية بالبرنوصي، ويقدر عدد البائعين ب1000 بائع، أي مبلغ 1200000 درهم شهريا". وأورد المسؤول بالاتحاد العام للمقولات والمهن أن "هناك مجموعة من الأشياء التي يجب إعادة النظر فيها، على سبيل المثال إدماج هؤلاء الباعة في برنامج المقاول الذاتي، مع مقاربات لا تمس بالمقاولة المنظمة"، مبرزا أن "مجموعة من المقاولات المنظمة والشركات الكبرى تعتمد على الباعة المتجولين لصرف بضاعتها، والهروب من الضرائب". وشدد المتحدث على أنه "تم حجز العديد من المواد المنتهية صلاحيتها، تباع على مستوى المركز التجاري كراج علال الحفاري"، موضحا أن "الباعة المتجولين يستغلون المناسبات لترويج مواد غذائية مغشوشة، حيث يتم دمجها بمكونات كيميائية لتستعيد لونها وبريقها كأنها طرية وطبيعية، مثلها مثل التوابل كذلك". التقنين غائب من جهته، أكد شمس الدين عبداتي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك، أن "المواد التي يبيعها الباعة المتجولون هي غير خاضعة لمراقبة صحية، ولا تتوفر على الشروط الصحية اللازمة"، مضيفا أنه "يجب على المشتري ألا يقتني من هؤلاء الباعة إلا إذا تأكد من وجود مجموعة من الشروط، وهي: رخصة للبيع، بطاقة صحية، وأن المواد التي يعرضها للبيع معروفة المصادر". وأورد رئيس المنتدى المغربي للمستهلك أن "مهنة البائع المتجول هي مهنة غير مقننة، وأن الملك محمدا السادس قام بتوجيه دعوة إلى السلطات المحلية من أجل تقنين وترخيص هذه المهنة، لكن لم يتم الأمر"، مفسرا ذلك بأن "الأمر يخضع للسلطة الإدارية التي تخص الشرطة والجماعات المحلية". *صحافية متدربة