تحول السيد عبد الإله بنكيران في الآونة الأخيرة، وبعد أن استعاد حيويته إثر التقاعد الإضافي السمين الذي اغترفه من المالية العمومية المدفوعة من ضرائب المغاربة، إلى "تسخان طعارج" حزب العدالة والتنمية عبر بوابة الفضاء الأزرق، لا تفارقه في ذلك جلابيبه المزركشة ب"الراندا" وسبحته، واضعا نفسه مكان الحكيم الذي يسعى جاهدا إلى أن يبدو كمن أدى الأمانة بإخلاص، بعيدا عن طمع الدنيا، وراغبا في نعيم الآخرة، يبث "فيديوهاته" و"ليفاته" بنرجسية عمياء وخرساء. خطاب بنكيران كالعادة يتغذى بالمظلومية المجتمعية التي ترتكز عليها بشكل أساسي سياسة وإيديولوجية حزب العدالة والتنمية لتجييش عواطف المغاربة، بهدف إحكام السيطرة على الشارع من أجل مصالح انتخابوبة ضيقة، رغم تلحفه بلحاف الزهد والرغبة في الثواب والأجر.. يلجؤون أحيانا إلى نهج سياسة "شي يكوي وشي يبخ" كما هو الحال حين صوت الحزب الإسلامي على مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي؛ إذ تراهم يصوتون على القانون وفي الوقت نفسه يهبون لإدانته، مدركين جيدا أنهم من الغارفين من ماعون المخزن، ولا يمكن وبأي حال من الأحوال أن يزيغوا ولو قيد أنملة عن تعاليمه وتعليماته؛ بل أكثر من هذا كيف لهم أن يعارضوا مشروع قانون تقدمت به حكومتهم؟. إنها فعلا سياسة استبلاد العباد التي ينتهجها هذا الحزب كإحدى تكتيكاته للسيطرة على عقول فئات من المغاربة، إنها مظلومية بئيسة ومقيتة في آن واحد. ولا غرابة أن يكون السيد عبد الإله بنكيران من أكبر مدمني المظلومية في حزبه، فخطاب التماسيح والعفاريت الذي لازمه طيلة ولايته كرئيس حكومة تعبير جلي عن ذلك. يرى "حكيم البيجيدي" أن تدريس المواد العلمية بالفرنسية بمثابة كارثة على مستقبل البلاد، وأن ذلك سيؤدي إلى انحطاط المستوى التعليمي، متوخيا وراء ذلك ومن ركن صالون منزله أن يذر الرماد في عيون المغاربة عن واقع يلمسه القريب قبل البعيد، ويدركه المختص وغير المختص، عما يعانيه أبناء وبنات المغاربة من انفصام جراء هذه الجريمة التي ارتكبت في حقهم، لكونهم يداومون منذ الابتدائي حتى التأهيلي على دراسة المواد العلمية باللغة العربية، وحين ولوجهم التعليم الجامعي يجدون أنفسهم في حيرة من أمرهم أمام مواد علمية بلغة بعيدة جدا عن التعلمات المكتسبة طيلة اثنتي عشرة سنة قضوها في المستويات الثلاثة ينهلون من المواد العلمية باللغة العربية، وعليهم أن يضعوها وراءهم. السيد بنكيران ومعه زمرته من الذين يتشدقون بانتهازية مقيتة بثوابت الأمة وهويتها، معتبرين أن تدريس المواد العلمية بالفرنسية مساس بهذه الثوابت، يذرفون دموع التماسيح على اللغة العربية وأبناؤهم في مؤسسات البعثات الأجنبية "يفغنسون" وينهلون من مختلف العلوم بلغة موليير، لا يمكن إلا أن ينطبق عليهم قول الشاعر: إذا رُزق الفتى وجها وقاحا، تقلبَ في الأمور كما يشاء. لقد تم اختزال كل مكونات القانون الإطار من طرف هؤلاء وبشكل مقيت في المكون الخاص بتدريس المواد العلمية المنصوص عليه في إطار السياسة اللغوية التي نص عليها هذا القانون، وتم التغاضي عن باقي المكونات الأخرى التي أدت إلى فشل كل المشاريع الإصلاحية التي تم إقرارها على امتداد عقود خلت منذ الاستقلال، إلى درجة أن نظامنا التعليمي لم يبارح مكانته المتدنية في مؤشرات جودة التعليم؛ ويتعلق الأمر بإرساء وترسيخ دعائم الحكامة الفعلية في منظومة التربية والتكوين وربط المسؤولية بالمحاسبة. إنها فعلا قمة الجبن السياسي الذي أضحى سمة من سمات ساسة حزب العدالة والتنمية الذي تمرس كبيره ومن يحوم في فلكه على إثارة زوبعات فنجانية بئيسة. ادعاءات المظلومية ستتصاعد ولا شك عند قيادي العدالة والتنمية كلما اقتربت استحقاقات 2021، ومحاولات التضليل ستحتد بشكل فاقع لتبرير فشلهم في تدبير الشأن العام وبؤس سياستهم في توفير العيش الكريم للمغاربة والقضاء على الفساد المستشري في دواليب الدولة والسياسة.