بخفة ودقة، وهي تضغط بأحد أصابعها على مكبس محقنة مملوءة بالحناء، رسمت عزيزة (23 سنة) رسومات جميلة، على شكل خطوط وأقواس، على كفي فتاة كانت في زيارة لمنتجع سيدي حرازم، وقد بدت الفتاة منتشية بنقوش الحناء، وهي تلوح بيدها لأفراد من عائلتها كانوا برفقتها في هذه الرحلة السياحية. رشت عزيزة، التي تتحدر من دوار السخينات بضواحي سيدي حرازم، كفي زبونتها برذاذ الليمون، الذي قالت إنه يعمل على تسريع تجفيف الحناء ويضفي عليها لونا أحمر قاتما، مشيرة إلى أنها تتفادى استعمال المواد الكيماوية في خلط عجينة الحناء، التي اختارت أن تخزنها في إناء من الخزف لتضفي على "سلعتها" نكهة طبيعية متكاملة. مهنة خضب ونقش الحناء لزائرات منتجع سيدي حرازم تجتذب الكثير من نساء وفتيات دوار السخينات المجاور للمنتجع. كما توفر هذه المهنة الموسمية دخلا محترما، خلال فصل الصيف، لعدد من النسوة من مدينة فاس، كما هو حال الطالبة الجامعية فتيحة، التي صرحت لهسبريس أن نقش الحناء يساعدها على تمويل دراستها؛ نظرا لحرمانها من المنحة وانتمائها إلى عائلة فقيرة. "تختار الزبونات الرسومات التي يوددن نقشها على أيديهن من هذا "الكاطالوغ"، وتبقى الرسوم الهندسية ذات الخطوط المقوسة والمزخرفة هي الأكثر طلبا"، تقول فتيحة، التي تتنقل كل صباح من منزل أسرتها بحي عين النقبي بفاس نحو سيدي حرازم قبل أن تعود إليه ليلا، مدخرة مبلغا محترما من المال، مشيرة إلى أن الأسعار ترتبط بشكل ونوع "الزواقة" التي تختارها الزبونة، والتي يتراوح ثمنها بين 10 و20 درهما للكف الواحد. وإذا كانت أغلب ممارسات النقش بالحناء بمنتجع سيدي حرازم من الشابات، فإن السيدة عائشة (46 سنة) لا تزال تواصل امتهان هذه الحرفة، التي مارستها منذ أكثر 20 سنة، غير آبهة بالتعب الذي يظهر على وجهها الشاحب بعد أن أحرقته أشعة الشمس القوية، نظرا لانهماكها اليوم كله في تزيين أيادي زبوناتها من كل الأعمار. "بفضل هذه المهنة، التي أزاولها بسيدي حرازم، أساعد زوجي على تحمل واجبات كراء شقة للسكن بدوار السخينات وتحمل أعباء مصاريف الأبناء"، تقول "خالتي عيشة"، كما يحلو لبضع النقاشات مناداتها، مشيرة إلى أنها اكتسبت خبرة كبيرة في نقش الحناء، التي أصبحت بالنسبة إليها عملا مدرا للدخل طيلة السنة وليس خلال فصل الصيف فقط. "نقش الحناء موهبة وفن وليست مهنة يمكن لأي كان أن يلجأ إليها، وأنا استمددت شغفي بها من حبي للرسم"، تقول النقاشة عائشة، مشيرة إلى أنها يمكن أن ترسم بالحناء أشكالا هندسية خاصة بها تثير إعجاب الزبونات. ووفق ما أكدته لهسبريس نقاشات الحناء بسيدي حرازم، فإن الكثير من النسوة يزاولن هذه المهنة طيلة السنة، لكن عددهن يتضاعف خلال فصل الصيف؛ نظرا إلى الإقبال الكبير للسياح على هذا المنتجع خلال هذه الفترة من السنة من مختلف مناطق المغرب. نقاشات الحناء بسيدي حرازم، اللواتي تزاحمن بالساحة الرئيسية لهذا المنتجع حيث توجد حنفيات الماء والممر المؤدي إلى المسبح البلدي، أجمعن على أنهن يحرسن على استعمال الحناء الحمراء الطبيعية، ويتجنبن خلطها بالمواد المصنعة، مبرزات أنهن واعيات بمخاطر الحناء السوداء على الجلد. "الحناء السوداء يمكن أن تتسبب في حساسية خطيرة، ناتجة عن المواد الكيماوية التي يتم خلطها بالحناء، وهذا يضر بسمعتنا ويجعلنا نفقد ثقة زبوناتنا"، توضح نقاشة الحناء/ الطالبة الجامعية فتيحة. وتضيف، وهي منهمكة في وشم الحناء على كفي وقدمي زائرة من مدينة الرباط، أن جل ممتهنات هذه الحرفة بسيدي حرازم يدركن خطر الغش في عملهن على مستقبل مصدر رزقهن الشريف.