تقول أماني عثمان، المحامية والناشطة الحقوقية السودانية، التي أمضت سبع ساعات في زنزانة شديدة البرودة و40 يوما في السجن بسبب تظاهرها ضد النظام السوداني، إن المرأة السودانية ستستمر في الكفاح من أجل المساواة. وفي هذا البلد الذي تسود فيه أحكام تفرض على المرأة قيودا كثيرة باسم الشريعة الإسلامية، كانت النساء في مقدمة حركة الاحتجاج التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير الذي خلعه الجيش في 11 أبريل 2019، بعد أن حكم البلاد 30 سنة. ففي 12 يناير الماضي، اقتيدت أماني عثمان إلى أماكن حبس انفرادي تعرف ب"الثلاجة" في الخرطوم. وفي السودان، الذي كثيرا ما تقترب فيه درجات الحرارة من خمسين درجة، يشكل البرد الشديد إحدى وسائل تعذيب المعارضين. وتروي عثمان: "في تلك الغرفة، لا توجد منافذ ولا شيء فقط هواء مكيف بدرجة تبريد قصوى وإضاءة على مدار اليوم وكامل أيام الأسبوع"". ويوجد موقع "الثلاجة" في مركز احتجاز تديره أجهزة المخابرات وفي مبنى سري على حافة النيل الأزرق. "أيقونة" أدخل عشرات المناضلين والمتظاهرين والمعارضين السياسيين لنظام البشير ذلك المبنى الذي يسميه عناصر المخابرات "الفندق"، وتقول عثمان أنه مكان "قذر". وتجري عمليات الاستجواب في تلك الغرف المبردة جدا. وإثر الاستجواب وبحسب مزاج الحراس يسمح للموقوف بالمغادرة أو ينقل إلى سجن. ولدى وصولها تتذكر أماني عثمان أن أحد عناصر المخابرات هنأ رفاقه قائلا: "لقد تصيدتم الحيوانة". ثم تمت مصادرة جميع أغراضها، باستثناء مصحفها. وخلال استجوابها كانت ترتعد بردا. وخاطبها أحد رجال الأمن قائلا بتهكم "تريدين التظاهر للمطالبة بظروف أفضل؟ فقط بلغينا، وسنبذل ما بوسعنا لأجل ذلك". وأضافت: "تم توقيفي في مخالفة لكافة القوانين والأخلاق؛ لأني مناضلة، ولأني أدافع عن النساء في البلاد التي لا صوت لهم فيها". من جانبها، قالت سلوى محمد (21 عاما): "لأني امرأة لا يمكنني الخروج لوحدي، ولا يمكنني الدراسة في الخارج، ولا ألبس كما أريد". وكانت تتظاهر كل يوم "لإسماع صوت المرأة" في الاعتصام الذي نظمه المحتجون في أبريل أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم. وهناك كانت آلاء صالح (طالبة-22 عاما) أيقونة الثورة السودانية، واشتهرت بإلقاء القصائد التي تمجد بطولات المرأة السودانية. وفي الثالث من يونيو، تم فض الاعتصام غير المسبوق المطالب بحكم مدني، بالقوة. وبعد أسابيع من التوتر، وقع المجلس العسكري الحاكم وقادة حركة الاحتجاج اتفاقا لفترة انتقالية من ثلاث سنوات. وتؤكد أماني عثمان: "لن ننتظر أن نمنح حقوقنا، سنكافح من أجل الحصول عليها"، مضيفة أن السودانيات "يطالبن ب40 في المائة من مقاعد البرلمان المقبل". وقالت إن ائتلاف "قوى الحرية والتغيير"، الذي يقود الاحتجاجات، ضمن هذا المطلب في الاتفاق المبرم مع المجلس العسكري. وتقول أميرة التيجاني، أستاذة الإنجليزية في جامعة الأحفاد للبنات في أم درمان، إن "هذه الحركة تمثل فرصة للنساء لإسماع أصواتهن". "فضاء للحرية" هذه الجامعة، التي تأسست في 1966 والمخصصة فقط للإناث، فريدة من نوعها في البلاد. وهي تدرس مثلا الطب والصيدلة وعلم النفس، وفيها يتم شرح حقوق المرأة السودانية وتحذير الطالبات من ظواهر الختان والزواج المبكر أو بالغصب. وتقول أيوب البينو اكول (22 عاما)، طالبة الصيدلة فيها، "إن هذا المكان يمثل فضاء للحرية". وفي الجامعة، تزيل الطالبة غطاء الرأس وترتدي ملابس عصرية. وتقول دوالي (46 عاما)، التي تدرس القرآن في جامع أم درمان، إن "الإسلام يمنح الحرية للرجال والنساء"، مشيرة إلى أن "الدين أوصى بتطبيق الشريعة حسب رغبة كل فرد". وتقول أماني عثمان إنه تم "تحريف" قواعد الشريعة خلال 30 عاما من القراءة المتشددة لنظام عمر البشير (الذي تحالف مع الإخوان المسلمين)، "لكم أفواه النساء". وأضافت في تفاؤل: "لكن سودانا جديدا يولد، مع حكومة مدنية ستتيح المساواة" في البلاد. *أ.ف.ب