بانتظار يسمه ترقب تحركات مختلف عواصم الدول التقليدية داخل أروقة الأممالمتحدة، تعاين الخارجية الفرنسية مسار تعيين خلف للألماني هورست كولر، المبعوث الأممي السابق لقضية الصحراء؛ فقد اعتبر جون إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسي، أن "بلاده تتابع عن كثب تعيين مبعوث أممي جديد لمواصلة النتائج التي تمت مراكمتها في السابق، لعلها تفضي إلى حل ينهي الصراع العالق منذ ما يقرب نصف قرن". خرجة لودريان، التي جاءت داخل الجمعية العامة الفرنسية تفاعلا مع أسئلة النواب، سجلت أن "فرنسا تدعم جهود الأممالمتحدة، وعمليات التفاوض بين المغرب وجبهة البوليساريو"، مشددا على أن "واقع المنطقة يزيد من تعقيدات بناء تكتل إقليمي في شمال إفريقيا، فضلا عن وضع التفرقة بين الأسر الناجم عن صراع الطرفين". وأشاد المسؤول الحكومي الفرنسي ب"جهود المبعوث الأممي هورست كولر خلال الطاولة المستديرة المنعقدة بجنيف"، مشيرا إلى أن "خلفه مطالب بتحقيق التقدم". وفي اللوقت الذي لا تزال العديد من الدول تحاول فرض شخصيات على الأممالمتحدة، فإنه لم يعلن عن اسم جديد يمسك زمام الملف، خصوصا أن مستقبل المفاوضات يبقى مبهما ورهينا بطبيعة التوافقات حول المبعوث الأممي. وفي هذا الصدد، قال كريم عايش، باحث في العلاقات الدولية، إن "موقف فرنسا الداعم للمقترح المغربي يأتي من قناعتها بجدية وصدقية المقترح، وهي التي خبرت الملف منذ بدايته مرورا بمختف التقلبات التي عرفها"، مشيرا إلى أن "تصريح وزير الخارجية لودريان يصنف في خانة الاصطفاف إلى حليفها المغرب؛ بل يعتبر أيضا تتبعا ومرافقة للمغرب في مجهوده الدبلوماسي للتعريف بمقترح الحل في إطار احترام السيادة المغربية". وأضاف عايش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "فرنسا تروم درء المناورات التي تهدف إلى تعقيد الملف وإطالة أمده وفق تحركات الآلة الدبلوماسية الجزائرية، والتي كانت آخرها في الشهر الفائت بزيارة وزير خارجيتها صبري بوقادوم لنيويورك للقاء الأمين العام الأممي قصد الدفاع عن مقترح تعيين شخصية إفريقية كمبعوث شخصي كما يروج في أروقة الأممالمتحدة". وأشار الباحث في مركز الرباط للدراسات الإستراتيجية إلى أنه "بعد النجاح، الذي عرفته الندوة التي نظمتها البعثة الدائمة للمملكة المغربية بمقر الأممالمتحدة في نيويورك حول "الحكم الذاتي الترابي.. وسيلة للتسوية السياسية للنزاعات" وارتفاع وتيرة الساحبين لاعترافهم بالكيان الوهمي، صار بارزا سعي المغرب إلى الطي النهائي للملف، وهذا الأمر من بين أهم العناصر التي جعلت وزير الخارجية الفرنسي يضع ثقل فرنسا في كفة المغرب". ولفت عايش الانتباه إلى أن فرنسا "متنبهة إلى مساعي تحويل ملء كرسي كولر الشاغر لوسيلة لتمرير اسم يعيد عجلة الملف إلى الوراء ويقحم الاتحاد الإفريقي بكل فساده وتشويشه لتحويل مسار الحل، وبالتالي الدخول في نفق مظلم قد ينذر بخلق صراعات جديدة وتأزيم الأوضاع، خاصة إذا ما وضعت الصحراء في سياق قربها الجغرافي من دول الساحل والصحراء".