في غمرة الحديث المتواصل للحكومة ومسؤولي وزارة الصحة عن الجهود المبذولة لإصلاح أعطاب قطاع الصحة العمومية، ورصْد الميزانيات الضخمة لتطوير الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين، وتجهيز المؤسسات الصحية بالمعدات الطبية، يعاني سكان بلدة أيت بوخيو الواقعة في النفوذ الترابي لقيادة أيت بوعزة بإقليم خنيفرة من حرمان شبْه تام من أيّ رعاية صحية. المستوصف الصغير الموجود في البلدة أثار ضجة كبيرة هذا الأسبوع، بعد أن تم تداوُل صور تعبّر عن وضعه المزري على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنّ مسؤولي الصحة بالجهة عوض أن ينكبّوا على معالجة الإشكال الحقيقي الذي يعاني منه المستوصف، والمتمثل في وضعيته المزرية، وافتقاره إلى المعدات الطبية، اكتفوا فقط بتغيير العلَم الوطني بعد أن تقادم وتغيّر لونه وبُترت أغلب أجزائه. تغيير العلَم الوطني المرفرف فوق البناية المتواضعة لمستوصف أيت بوخيو قُوبل بسخرية كبيرة من طرف شباب المنطقة، إذ اعتبر عدد منهم في "تدوينات" على موقع "فيسبوك"، أنّ المسارعة إلى استبدال العلَم الوطني الممزق دون الالتفات إلى المشاكل الحقيقية التي يعاني منها مستوصف بلدتهم هو "استخفاف بالمواطنين، وعمل فقط على تزيين واجهة القطاع الصحي بالمنطقة". وكتب إسماعيل، وهو أستاذ يدرس في مدرسة بأيت بوخيو، ساخرا: "تحية لهذا المسؤول العبقري، الذي فكر في تغيير الراية ولم يفكر في تغيير أحوال هذا المستوصف". وبنفس السخرية علّق عزيز، وهو من أبناء المنطقة: "هنيئا مريئا لنا، المدير الجهوي للصحة أعطى تعليمات صارمة، صريحة، وواضحة لتغيير جميع الأعلام الممزقة فوق كل مستوصف أو مستشفى بالمنطقة". وحسب الإفادات التي توصلت بها هسبريس فإنّ مستوصف بلدة أيت بوخيو يوجد في حالة إغلاق شبْه تامّ، نظرا لعدم توفر الطاقم الطبي أو التمريضي، إذ لا يُفتح إلا يوم الإثنين فقط من كل أسبوع، ما يجعل المواطنين يتجرعون الويلات كلما أصيب أحدهم بوعكة صحية، إذ يضطرون إلى قطع مسافة تزيد على 34 كيلومترا للوصول إلى مستشفى مولاي بوعزة، الذي يفتقر بدوره إلى شروط الرعاية الصحية الضرورية، أو التنقل إلى المستشفى الإقليمي بخنفيرة، والذي يبعد بأزيد من 100 كيلومتر. وحسب الإفادات نفسها فإنّ طبيب مستوصف أيت بوخيو يجد نفسه بدوره عاجزا عن تقديم أي علاجات للمواطنين حين يزور المستوصف، نظرا لعدم تجهيزه بالتجهيزات الطبية اللازمة التي تسعفه على أداء عمله؛ علاوة على أن الوصول إلى المرفق صعب، نظرا لوعورة المسالك الطرقية. ويوجد مستوصف بلدة أيت بوخيو في وضعية جد مزرية، حسب "فيديو" وثّق به أحد شباب البلدة وضعيته، إذ إن المرحاض المخصص للمرضى لا يتوفر على باب، في حين تظهر دفة إحدى النوافذ وقد اقتُلعت من مكانها، في مشهد معبّر عن الوضع المتردي للمرفق الصحي الصغير. ويعلق الشاب الذي صور "الفيديو" على المشاهد التي وثقتها عدسة هاتفه المحمول، قائلا: "يالله شافو الراية، علاش اللي ما يجيوش يصايبو هادي (باب مرحاض تآكلت أغلب أجزائه)"، ثم ينتقل إلى الباب الرئيسي للمستوصف، والذي تبدو أغلب أجزائه مهشمة، ولا يتوفر حتى على مقبض (Poignée). ولم يجد الشاب ما يعلق به سوى ترديد عبارة "لا حول ولا قوة إلا بالله".