بعد عقد من مواجهتها للأزمة الاقتصادية التي دفعت عدداً من المواطنين إلى الهجرة خارج البلاد، ارتفع عدد سكان إسبانيا ليبلغ أعلى مستوى على الإطلاق، وذلك راجع إلى المستويات القياسية للهجرة. وأفادت معطيات جديدة نشرها معهد الإحصاء الإسباني بأن عدد سكان إسبانيا ارتفع بمقدار 276 ألف شخص سنة 2018، ليبلغ الإجمالي حوالي 47 مليون نسمة، وهي أكبر زيادة سنوية منذ سنة 2009. وتشكل النساء والرجال في إسبانيا تقريباً العدد نفسه، إذ يبلغ عدد الإناث 23.9 مليون نسمة، أما الرجال ففي حدود 23 مليون نسمة. وجاء في التقرير أن هذا الارتفاع مرده إلى حد كبير إلى الهجرة، سواء من المصادر التقليدية مثل دول أميركا اللاتينية، خصوصاً فنزويلا، أو من المغرب، والبلدان الأوروبية الأخرى. وشبه عدد من الاقتصاديين الإسباني الهجرات التي عرفتها البلاد في السنوات الأخيرة بالموجات الأولى المكثفة التي عرفتها في السنوات الأولى من الألفية، بحيث وصل عدد الأجانب المقيمين حوالي 4.8 ملايين شخص. ويحتل المغاربة المرتبة الأولى في عدد المقيمين في إسبانيا بحوالي 714 ألف شخص إلى حدود فاتح يناير 2019، أما المرتبة الثانية فعادت للرومانيين ب671 ألف شخص، والمملكة المتحدة في المرتبة الثالثة ب287 ألف شخص. لكن أكبر الزيادات التي سجلت خلال السنة الماضية فكانت من طرف الفنزويليين؛ بحيث ارتفع عددهم ب42 ألف شخص ليصبحوا 133 ألفا. أما ثاني أكبر الزيادات فكانت من طرف الكولومبيين ب39 ألف زيادة في ظرف سنة، ثم المغاربة في المرتبة الثالثة ب32 ألف وافد جديد. وجاء في التقرير أن النمو السكاني كان قد سجل بعد السنوات التي تلت الأزمة المالية العالمية انخفاضاً بحوالي 400 ألف نسمة، وهو ما يعكس حدة الأزمة التي ضربت هذا البلد الإيبيري، وقد تجلى ذلك أيضاً في الاقتصاد الذي تقلص بنسبة 10 في المائة ما بين 2008 و2013. وفي نهاية سنة 2013، كان أكثر من شخص من أصل أربعة أشخاص في سن العمل عاطلا عن العمل، وكان 60 في المائة من الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة لا يعثرون على وظيفة. وتسجل إسبانيا منذ أكثر من أربع سنوات انتعاشاً اقتصادياً قوياً، وهو ما يفسر تدفق الهجرة وانخفاض هجرة الإسبان إلى الخارج؛ بحيث عاد عدد منهم إلى البلاد بعد أن غادروها. ويشهد الاقتصاد الإسباني حالياً نمواً أسرع من المتوسط المسجل في منطقة اليورو منذ عام 2015، ومن المتوقع أن يستمر في ذلك خلال العام الحالي. وتفيد المعطيات بأن خلق فرص العمل حقق متوسط معدل 2 في المائة خلال السنوات الأربع الماضية، وهو ما جعل من البلاد وجهة للمهاجرين من إيطاليا والبرتغال، بحيث ارتفع عدد الإيطاليين الذين يعيشون في إسبانيا بنسبة 10 في المائة سنة 2018 وبلغ 244 ألفا، أما عدد البرتغاليين فقد ارتفع بنسبة 3 في المائة، وهما رقمان يمثلان أكبر زيادة منذ الأزمة.