قبل عشر سنوات هز نبأ وفاة مايكل جاكسون العالم الذي فقد حينها واحدا من عباقرة الفن ورمزا للموسيقى مثيرا للجدل لكن هذا الرمز طغت على إرثه في السنوات الأخيرة اتهامات الاستغلال الجنسي للأطفال. توفي مايكل جاكسون في 25 يونيو عام 2009 عن عمر 50 عاما إثر أزمة قلبية قبل أن يتمكن من تقديم سلسلة حفلات "This is It" التي أعلن عنها قبل ثلاثة أشهر من رحيله. وأدين الطبيب الخاص لجاكسون كونراد موراي في 2011 بالسجن أربعة أعوام بتهمة القتل غير العمد لقيامه بإعطاء "ملك البوب" عقار بروبوفول لمساعدته على النوم ما أدى لوفاته بسبب جرعة زائدة. أطلق سراح موراي قبل انتهاء مدة عقوبته ومنذ حينها يقوم بالكشف عن تفاصيل حول السنوات الأخيرة في حياة "ملك البوب". لا يمكن لأحد أن يشكك في إرث مايكل جاكسون الموسيقي، فسواء من أحبوا موسيقاه أم لا، يقرون بأن جاكسون ظاهرة فنية خالدة وإن كان الحديث عن هذه الظاهرة قد ابتعد عن الجانب الفني خلال السنوات الأخيرة بسبب اتهامات استغلال الأطفال جنسيا. وبخلاف هذه الاتهامات، لطالما كانت حياة مايكل جاسكون مثيرة للجدل وخارجة عن المألوف منذ طفولته التي كان يستغل فيها والده أبناءه جنسيا حتى زيجاته الفاشلة وحينما أدلى بطفل رضيع من نافذة فندق، ولكن يبدو أن سحره على المسارح يفوق كل شيء. ويثبت ذلك أن تذاكر حضور حفلات "This is it" كانت مباعة بالكامل والمعجبون كانوا ينتظرون "ملك البوب" بالساعات لرؤيته أمام الفنادق وكذلك أمام المحاكم. فاتهامات استغلال الأطفال جنسيا ليست جديدة والمثير في الأمر أن علاقة جاكسون غير المفهومة مع الأطفال كانت مبررة أحيانا للبعض وكان هو يؤكد حسن نيته وانه يحيط نفسه بالأطفال ليعوض نفسه عن الطفولة المؤلمة التي عاشها. بداية الشكوك: يعود الاتهام الأول الذي واجهه مايكل جاكسون إلى عام 1993 حين قدم إيفان تشاندلر ووالداه دعوى ضد المغني الأمريكي وتم حل المسألة باتفاق خارج إطار القضاء بلغ قدره أكثر من 20 مليون دولار، وفقا لما ذكرته وسائل الإعلام حينها. وقال جاكسون وقتها إنه دفع مبلغ أقل كما دافع عنه صديقاه منذ الطفولة ويد روبسون وجيمس سافشوك. بعد عشر سنوات أذيع برنامج "Living with Michael Jackson" ودافع جاكسون عن نفسه بمشاركته غرفة مع طفل نجا من السرطان يدعى جافين أرفيزو. وصف جاكسون ب"الجهلة" من عارضوا هذا التصرف ووصفه ب"شيء رائع" بينما كان الطفل يتكئ على كتفه. وتسبب ظهور هذا الطفل في إجراء تحقيق ضد مايكل جاكسون واتُهم بتوفير الكحول لقاصر والتآمر والخطف والاعتداء الجنسي، وأجريت المحاكمة في 2005 وارتدى فيها جاكسون "بيجاما" وأكد أرفيزو أن جاكسون استغله جنسيا ودفعه لمشاهدة أفلام إباحية. وشهد في صف جاكسون ويد روبسون مجددا بالإضافة إلى ماكولي كالكن بطل فيلم "وحدي بالمنزل" وآخرون، فيما غاب جيمس سافشوك عن المحاكمة، وحصل جاكسون على براءة من كل التهم في نفس العام من قبل هيئة محلفين خاصة. بعد أربع سنوات توفي مايكل جاكسون في منزله بلوس آنجليس وعقب رحيله بأربع سنوات عادت الاتهامات وأكد روبسون وسافشوك المدافعان عنه في الماضي أنهما كانا من الأطفال ضحايا جاكسون. لكن شهادة هذين الرجلين اكتسبت أهمية خاصة خلال العام الماضي مع عرض الوثائقي "Leaving Neverland" للمخرج دان ريد. فطريقة السرد، وأوجه التشابه بين الحالات والمواد الوثائقية المشمولة، كسرت التعويذة التي كان لا يزال جاكسون يحتفظ بها على كثير من الناس. وتسبب الوثائقي في قيام مسؤولي مسلسل "آل سيمبسون" بالتوقف عن بث الحلقة التي تعاون فيها جاكسون، كما أبدت الإعلامية أوبرا وينفري، أكثر الشخصيات تأثيرا في الولاياتالمتحدة، دعمها لضحايا جاكسون المفترضين. ومن جانبها، حذفت سلسلة مقاهي "ستاربكس" العالمي جاكسون من قوائمها في منصة "سبوتيفاي" كما أعلنت عدة إذاعات في نيوزيلندا وكندا عن توقفها عن بث أغانيه، وسحبت دار "لوي فيتون" الفرنسية للأزياء مجموعة مستوحاه من "ملك البوب". ولكن ظل معجبو جاكسون يدافعون عنه وشكلوا جيشا على الشبكات الاجتماعية للتصدي للوثائقي وعزوا الاتهامات إلى رغبة روبسون وسافشوك في جني الأموال. ومؤخرا أدلت المغنية مادونا بتصريحات في المسألة قالت فيها "أي شخص بريء حتى يثبت العكس" وقالت باربرا سترايسند عن روبسون وسافشوك "يقولان في الفيلم إنهما كانا مبتهجين لوجودهما برفقته. كلاهما الآن تزوج وأنجب ما يعني أن الأمر لم يقتلهما". وهكذا تحل الذكرى العاشرة لرحيل "ملك البوب" دون الحديث عن إرثه الموسيقي وإنجازاته في عالم الفن، بل يطغى الجدل الذي لطالما أحاط به والانقسام بين من يتهمونه ومن يدافعون عنه.