أثار قرار توقيف ثلاثة من أساتذة كليات الطب والصيدلة، جراء تضامنهم مع طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان المقاطعين للامتحانات والتداريب، غضب شرائح واسعة في المجتمع المغربي؛ من هيئات سياسية وحقوقية ومدنية، اعتبرت أن الأمر يتعلق ب"تهرب الوزارتين من المسؤولية الملقاة على عاتقهما"، لاسيما أن الموسم الجامعي بات مهددا بالسنة البيضاء بعدما وصلت الملف إلى الباب المسدود. في مقابل اتهام "وزارة أمزازي" الأساتذة الموقوفين ب"الإخلال بالتزاماتهم المهنية"، خرج المكتب المحلي لكلية الطب والصيدلة في مراكش ببيان تصعيدي، دافع فيه عن انضباط البروفيسور سعيد أمال، معتبرا أن مواقفه "تتسم بالرزانة والموضوعية والإيجابية"، ومُطالبا الوزارة الوصية ب"السحب الفوري لهذا القرار". تبعا لذلك، قرر أساتذة كلية الطب والصيدلة بمراكش مقاطعة جميع الأنشطة البيداغوجية والإدارية داخل الكلية، بما فيها امتحانات الطلبة ومناقشة الأطروحات، إلى حين سحب قرار الإيقاف. كما أكد أستاذ جامعي داخل كلية الطب والصيدلة بأكادير، في حديث لهسبريس، أن الأساتذة في الكلية عقدوا جمعا عاما محليا، بينما سيعقد المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي جمعه أيضا في السبت المقبل لإصدار بعض القرارات. رموز: مطالب مشروعة في هذا السياق، أكد إسماعيل رموز، الأستاذ بكلية الطب والصيدلة بأكادير، أنه جاء إلى مدينة أكادير من أجل إنشاء فريق طبي جامعي متخصص في الصحة النفسية بالجنوب، حتى يتم تكوين نواة مثل التي نجح في تكوينها بمدينة فاس خلال أزيد من 12 سنة، حيث ساهمت في تكوين قطب مهم يهمّ البحث العلمي في مجال الصحة النفسية بجهة فاس-مكناس، وتحديدا المركز الاستشفائي الحسن الثاني بفاس. وشدد البروفيسور رموز، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن طموحاته الشخصية هي التي قادته إلى أكادير، "بعدما ضحّى من الناحية العائلية، وكذلك الإغراءات المادية بفاس، بغية تطوير قطاع الصحة النفسية"، وزاد: "هذا ما دفعني إلى الانخراط في العمل النقابي بالتعليم العالي، بهدف الدفاع عن مصالح الأساتذة بشكل علني". وتابع الأستاذ ذاته: "يجب الحفاظ على مستوى كليات الطب، حتى لا يُصيبها ما وقع للمدرسة العمومية، لاسيما ما يتعلق بالمستوى العلمي الرفيع، إذ لاحظنا غياب توظيف الأساتذة والموظفين"، معتبرا أنه "كتب تدوينة بسيطة نابعة من إحساسه الفطري والإنساني، للتضامن مع المطالب المشروعة لطلبة كليات الطب بدون أي أبعاد سياسية أو تحريض، فإذا به يتعرض للعقوبة الصادمة"، وزاد مستدركا: "لكن لا يهمني توقيف الأجرة بقدر ما يمهني عدم توقيف المسيرة العلمية البارزة لمكانة كليات الطب العمومية". أمال: سياسة ارتجالية سعيد أمال، الأستاذ بكلية الطب والصيدلة في جامعة القاضي عياض بمراكش، قال إنه توصل بخبر التوقيف بالتزامن مع مشاركته في مؤتمر دولي بإيطاليا يخص موضوع الأمراض الجلدية، موردا: "سافرت الأحد الماضي، على أساس حضور المؤتمر الذي يبتدئ من الإثنين إلى حدود السبت، لكن المراسلة التي توصلت بها من قبل عميد الكلية يوم الأربعاء عجلت بعودتي إلى المغرب، لأتخلى بذلك عن الدورات التكوينية المؤدى عنها في المؤتمر". وأضاف الأستاذ الجامعي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "يدافع عن الجامعة العمومية والمستشفى العمومي، والأمر نفسه ينطبق على طلبة القطاع العمومي والخصوصي"، مردفا: "بلادنا في حاجة لأبنائها، لكن مكمن الخلل يكمن في السياسة الارتجالية والعشوائية التي طبعت التدبير. أتساءل عن طبيعة القرارات التي يتم اتخاذها في هذا الصدد، ما دفع الأساتذة إلى الانخراط بدورهم في الإضراب إلى جانب الطلبة". وعبّر البروفيسور ذاته عن شكره لجميع النقابات والجمعيات الحقوقية بكل ألوانها والهيئات السياسية التي ساندته في هذه المحطة، مؤكدا أن تصوره نابع من كونه عضواً في اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، ومن ثمة يقوم بترجمة أفكاره على شكل مقالات علمية، نافيا بالمطلق "وجود أي تحريض على مواقع التواصل الاجتماعي من جهته". بالحوس: قرار تعسّفي بدوره، ندد أحمد بالحوس، الأستاذ بكلية الطب بالدار البيضاء، بالقرار الذي اعتبره "اعتداء وتعسفا وظلما بينا بسبب نشاطه النقابي والجمعوي والمهني والأكاديمي"، مضيفا: "أشكر ممتنا كل من اتصل وساند ودعم وتضامن"، كما أعرب عن استغرابه "هذا التوظيف الكيدي وعزل الأمور عن سياقها الذي يعرفه الجميع، في محاولة لتحريف الموضوع، والتهرب من تحمل المسؤولية في تدبير الملف". وأورد البروفيسور، في "تدوينة" نشرها في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "أما الحديث عن ربط التوقيف بالحركة الاحتجاجية التي يخوضها طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، فأذكرهم مرة أخرى بأنني عضو في مجلس كلية الطب البيضاء ومجلس الجامعة، ومن مهامي القانونية، بل من مسؤولياتي، إبداء الرأي وتحمل مسؤولية المساهمة في صناعة القرار في القضايا البيداغوجية والتكوينية المتعلقة بالدراسة والتقويم بالكلية". وأردف: "كما أنني كاتب عام للمكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية الطب والصيدلة بالبيضاء، وعضو المكتب الوطني للنقابة، وبالتالي من واجبي أن أعبر عن رأي الجموع العامة للأساتذة في الكلية في قضايا تتعلق بالدراسة والتقويم في الكلية والجامعة. كما أنني تحملت مع زملاء آخرين مسؤولية تدبير وساطة في هذا الملف بين الطلبة والوزارتين، والأمر كان معلنا وليس سريا، وأعتز به".