يبدو أنه لم يكتب النجاح لأسلوب "العصا والجزرة" الذي يتبعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التعامل مع الفلسطينيين، حيث التلويح بخفض المساعدات، مع الحديث عن احتمالات تحقيق نمو اقتصادي. لقد عجز جاريد كوشنر، صهر ترامب وهو أيضا كبير مستشاريه، عن إقناع أي فلسطينيين بخطته للسلام (صفقة القرن)، والتي من المحتمل أن تقدم للفلسطينيين، حال الكشف عنها، مكاسب مالية، بينما تتجاوز القضية الأساسية، ألا وهي إقامة دولة فلسطينية. وقال رياض منصور، مندوب فلسطين لدى الأممالمتحدة، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية: "لا نرغب في المشاركة في هذه التمثيلية الهزلية". وتعتزم الحكومة الفلسطينية مقاطعة مؤتمر الاستثمار المقرر أن تنظمه الولاياتالمتحدة في دولة البحرين أواخر الشهر الجاري لتقديم خطة كوشنر، المكلف من جانب ترامب بحل الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ عقود. وفي الوقت نفسه، تتجه إسرائيل نحو إجراء انتخابات للمرة الثانية خلال العام الجاري؛ وهو ما يجعل من المستحيل على الجانب الآخر التوصل إلى أي صفقات في هذا الوقت، ولم يتضح بعد ما إذا كانت الدول العربية سوف تقف وراء هذه الخطة الاستثمارية أيضا. لقد قطع ترامب، بالفعل، مساعدات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات للفلسطينيين؛ من بينهم سكان قطاع غزة الذين يعانون من فقر مدفع. ومما زاد من حدة غضب العرب والمسلمين في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط، قيام ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس، ثم اعترافه بعد ذلك بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل خلال حرب يونيو 1967. وعلى الرغم من أن هذه التحركات أدت إلى مزيد من التقارب بين إدارة ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإنها أغضبت الفلسطينيين. وقال ميشيل هيرزوج، مفاوض السلام الإسرائيلي السابق: "إذا كنت تريد التواصل مع رجل الشارع الفلسطيني، عليك أن تكون حذرا حتى لا يبدو وكأنك تتجاهله". وأضاف أنه حتى وإن كان نهج ترامب ينطوي على نوايا حسنة، إلا أنه لم يثر سوى الانتقادات. ومن جانبه، قال رياض إنهم يحاولون أن يبدو الأمر وكأنهم يريدون تحسين مستوى حياتنا، ولكن الأمر المستتر وراء ذلك يتمثل في دفعك إلى القبول باستمرار الاحتلال. وأكد منصور أنه لا يريد أن يعيش الشعب الفلسطيني في وهم. إن إحدى أكبر القضايا تتمثل فيما إذا كانت الولاياتالمتحدة سوف تدعم إقامة دولة فلسطينية. وقال كوشنر، في كلمة أمام معهد سياسات الشرق الأدنى بواشنطن: "إذا قلت "دولتين" فإن ذلك يعني شيئا بالنسبة للإسرائيليين، ويعني شيئا آخر بالنسبة للفلسطينيين.. لذا قلنا (دعونا ألا نقول ذلك)". وردا على سؤال عما إذا كان يعتقد بقدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم، قال كوشنر: "أعتقد أنه سؤال جيد جدا، أعتقد أنه سؤال جدير بالدراسة، إننا نأمل أن يتمكنوا بمرور الوقت من حكم (أنفسهم)". وكان جادى إيزنكوت، رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي السابق، قد حذر الإدارة الأمريكية من مخاطر انفجار موجة عنف في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن الخفض الحاد مؤخرا في المساعدات الإنسانية والأمنية يزيد من التوتر في المنطقة، وفقا لما أوردته القناة 13 الإخبارية. ولكن كوشنر استبعد الفكرة القائلة بأن عدم القيام بشيء ربما يكون أفضل من إلحاق الضرر، وقال:" إذا كنت تريد عمل شيء ما أفضل، عليك أن تتحمل مخاطر إمكانية تدهور الوضع إلى الأسوأ". وقال أرون ديفيد ميللر، الذي عمل بوزارة الخارجية الأمريكية وقدم نصائحه للعديد من الإدارات بشأن الشرق الأوسط: يجب على كوشنر أن يتذكر، عند الانخراط في قضايا الشرق الأوسط، "قسم أبقراط" الذي يتطلب "عدم إلحاق الضرر". وأضاف ميللر، الذي يعمل حاليا زميلا لدى مركز وودرو ويلسون: "إن الإخفاق له ثمن، وتكرار الإخفاق يكلف ثمنا أفدح". وقال ميللر: "لو كانت لدينا القدرة على شراء حل للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لقمنا بذلك منذ فترة طويلة، إن الأمر لا يتعلق بالمال".