يأتون من كلّ فجّ عميقٍ يتسابقُون إلى الصّفوفِ الأمامية نيلاً للأجرِ والثّوابِ، تراهمْ يضربون في الأرْض يلْتَحفونَ البياضَ لبلوغِ مقصدِ الكثيرين، الصّلاةُ داخل مصلى الانبعاث، الذي يمثّل أحد أكبر المصليات المفتوحة في الهواء الطلق بمدينة سلا، والتي تتّسع لأكثر من 30 ألفاً من الرجال والنساء، وتصلى فيه التراويح سنويا منذ 2009. في هذا الفضاء الرُّوحاني العذْب المفتوحِ على منصّات الذّكر الكريم والعبادة الصّالحة، يحطّ الرّحال آلاف من ساكنة مدينة سلا معَ رفعِ أذانِ صلاة العشاء، للصلاة داخل أشْهر مصلى والذي يستضيفُ طوال أيام رمضان عددا من أشهر القراء المغاربة، كما يأتيه مصلون من مدن مختلفة. ويعودُ تاريخ تأسيس هذا المصلى، بحسب المنظّمين، إلى سنة 2009، "خلال تلكَ السّنة، تزامنَ شهرُ رمضان مع فصلِ الصّيف وارتفاع درجة الحرارة، فكَّرْنا بتوفير هذا الفضاء الرّحب، خاصة أن مدينة سلا مكتظة بالسّكان، هذا المصلى يجمعُ عددا كبيرا من المصلين الذين يأتون من مناطق بعيدة بسبب قلّة المساجد والاكتظاظ"، يقول عبد الرحمان بنعكراش، عضو اللجنة التنظيمية. ويضيفُ بنعكراش لهسبريس "نحن الآن في سنة 2019، وهذه السّنة تختلف عن السنوات الماضية؛ فاللجنة قرّرت أن يكون هذا الفضاء مغطّى، بسبب أحوال الطقس التي تزامنت مع سقوط الأمطار". ويعود المتحدث إلى القرار الذي كانت قد اتخذته اللجنة بعدم فتح المصلى، "لما أعلن خبر عدم تنظيم المصلى في رمضان لسببين وهما احتمال تساقط الأمطار وبرودة الطقس، البعض اعتبر أنّ السلطات منعت تنظيم هذا المصلى، وهذا ليس صحيح. وقد أكدنا أن السبب الصّرف هو احتمال تساقط الأمطار". ولمواجهة هذه الشائعات، قرّر منظمو المبادرة بالتنسيق مع السلطات المحلية إنشاء مصلى جامع يستقبلُ آلاف من المصلين خلال صلاة التراويح. ويقول بنعكراش: "بَعدَ اجتماعات متتالية وبَعدَ مدارسة شديدة وبالتنسيق مع عامل المدينة والسلطات المحلية، قرّرنا فتح المصلى أمام المصلين". واليوم، بعد عشر سنوات من العمل الدؤوب على تنظيم هذا الحدث القرآني، يفتخرُ بنعكراش بأن يكون هذا المصلى قبلة لعدد من المصلين الذين يأتون من مدن بعيدة، وأضاف "قمنا بتغطية الفضاء بأموال بعض المحسنين الذين ساعدونا على إعداد فضاء روحاني". وقال حسن، وهو أحد رواد المصلى، إن "التنظيم جيّد والأمور هذه السنة محكمة، وهناك مقرئون يأتون في كل أيام رمضان باختلاف تلاوتهم وقراءتهم"، مضيفاً "نحن المصلين نحس بروحانية كبيرة صلاة التراويح تكون هادئة وخاشعة، طمأنينة وسكينة، صفوف مصفوفة، حب وود بين المصلين". ويشاركُ عدد من المتطوعين في ضمان استقبال المصلين في أحسن الظروف، حيث هناك فريق من اللجنة التنظيمية يسهر على أعمال التنظيم والتنظيف والاستقبال وتوفير الأجهزة الصوتية.