غير بعيد عن مدينة سوق السبت أولاد النمة، وبالضبط بتراب جماعة أولاد بورحمون بإقليم الفقيه بن صالح يوجد مطرح عشوائي للنفايات، تضخ فيه شركة النظافة المخول تدبير قطاع النظافة بالجماعة الترابية سوق السبت أطنانا من النفايات يوميا؛ وهو ما يتسبب في نشر الروائح الكريهة نهارا وليلا، وفي نفث أدخنة سامة باتت تقض مضجع الساكنة بالنظر إلى ما تأثيراته السلبية عن الصحية والبيئة بالمنطقة. هذا الوضع ازدادت تأثيراته مؤخرا على عدد من قاطني جماعة سوق الترابية وجماعة أولاد بورحمون وسيدي عيسى إلى حد ما، تزامنا مع شهر رمضان، ومع موجة الحر الذي تعرفها الجهة ككل، خاصة بعدما تحولت سماء المنطقة إلى سحابة سوداء، جرّاء اشتعال النيران في نفايات المطرح. وعلى الرغم من أنه لا توجد أدلة قوية على من كان وراء هذه الكارثة البيئية، فإن عددا من الأصوات الجمعوية والحقوقية توجّه، ضمن تدوينات متفرقة وتصريحات لجريدة هسبريس، أصابع المسؤولية إلى الشركة المفوض لها تدبير القطاع، التي يقول البعض إنها تخلفت عن التزاماتها تجاه الساكنة. في هذا السياق، نشرت جمعية أولمبيك أولاد أمراح الرياضية على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) تدوينة تقول من خلالها: "إنه يستوجب وضع شكاية لدى محمد قرناشي، عامل إقليم القفيه بن صالح، ورئيس المجلس البلدي والإقليمي وكذا الجهات المسؤولة والمعنية لمعرفة من وراء عملية إضرام النار بمطرح النفايات بسوق السبت التي ينتج عنها دخان كثيف وروائح كريهة، مشيرة إلى أن أكتر من 10 % من الساكنة المحلية تعاني من ضيق التنفس والحساسية لتنتهي بالقول: "واش بغيتوا تخنقوهم". وفي تصريحه لهسبريس، وصف نور الدين الخياري، رئيس جمعية بيئية بحي النخلة القريب من مطرح النفايات، الوضع بالخطير، قائلا: "لقد جرّبنا كل السبل الممكنة من أجل الحد من تأثيرات الظاهرة، سواء في اتصال مع السلطات المحلية أو المجلس الجماعي؛ إلا أن الوضع لا يزال على ما هو عليه، بل ازداد حدة خلال هذه الفترة التي تتزامن مع شهر رمضان، وهو ما زاد من عذاب الساكنة المجاورة للمطرح". واستنكر مروان صمودي، الناشط الحقوقي بسوق السبت، مواقف الساهرين على تدبير الشأن العام بالإقليم، معتبرا صمتهم إصرارا على مواصلة سياسة اللامبالاة تجاه الساكنة المتضررة التي من حقها أن تطالب ب"بيئة سليمة" حفاظا على سلامتها، داعيا السلطات المحلية والسلطات الإقليمية والمسؤولين عن البيئة إلى التدخل من أجل "رفع الضرر لذي يسببه مطرح النفايات المشار إليه للساكنة". وأعرب الناشط الحقوقي عن استغرابه من كون المشرّع يمنع عملية إحراق الأزبال بالهواء الطلق. أما بمطرح سوق السبت أولاد النمة، حيث النيران تلتهم كل أنواع النفايات المختلطة بمواد البلاستيك والعجلات المطاطية وربما حتى النفايات الطبية، فإن كل شيء يبدو مباحا، بما أن الجهات المعنية لم تحركها نداءات المواطنين، على الرغم من أن تأثيرات هذه الأدخنة لم يعد يقتصر على ساكنة سوق السبت وحدها، إنما تجاوزها إلى كل التجمعات السكنية المجاورة سواء بجماعة أولاد بورحمون أو سيدي عيسى، يقول فاعلون مدنيون. وبخصوص تأثيرات المطرح على صحة المواطن، نفت الدكتورة جوهرة بوسجادة، وهي طبية بالمدينة، في تصريح لهسبريس، ما يُروجه البعض من كون هذه الأدخنة قد تتسبب في عمليات إجهاض، قائلة إن التأثيرات المحتملة لكل المطارح تكون على المرضى المصابين بالحساسية والمرضى المصابين بصعوبة التنفس، مشيرة إلى أن الضرر غالبا ما يؤثر على نظام القلب والأوعية الدموية، وقد يتسبب أحيانا في تسمم بعض الأعضاء والأنسجة وفي أمراض في الرئة، والتهاب القصبات الهوائية، وضيق في التنفس واحمرار العيون وتوهجها. وفي معرض توضيحه لهسبريس الالكترونية، أكد خالد اختياري، مدير الشركة المكلفة بتدبير قطاع النظافة بسوق السبت، أن مقاولته بريئة مما يحدث بالمطرح؛ لأن الأدخنة المنبعثة تنتج سواء عن تفاعل المكونات الغازية للنفايات التي تتعرض لأشعة الشمس خاصة في فترة كهذه، حيث تصل درجة الحرارة إلى مستويات مرتفعة، أو نتيجة تدخل العنصر البشري، الذي يقدم على حرق النفايات لتسهيل عمليات التنقيب على المواد المتلاشية المستهدفة. وقال اختياري إن الشركة لم تبخل، منذ تحملها مسؤولية تدبير قطاع النظافة بالمدينة، عن تقديم يد المساعدة للسكان، تنزيلا لإستراتيجيتها الاجتماعية، كمقاولة مواطنة تروم دوما التفاعل مع نداءات المواطن والحد من أخطار التلوث، ذاكرا أنه كمسؤول عن القطاع سبق له أن قام بتنسيق مع شركائه المحليين، بتدخلات في هذا الإطار، خارج بنود دفتر التحملات، على الرغم من الإمكانات المحدودة؛ ما اضطره إلى كراء آليات وتوفير يد عاملة من أجل إطفاء النيران المشتعلة بالمطرح، وفق تعبيره. وقال مصدر مطلع، فضّل عدم ذكر اسمه، إن السلطات الإقليمية واعية بحجم وجسامة الأضرار التي تخلفها النفايات على المواطن والبيئة. وذكر المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس، أن رؤساء ومجالس كل الجماعات الترابية بالإقليم يبذلون، لأجل تفادي تلك الأضرار الجسيمة بتنسيق مع المجلس الإقليمي وعمالة الإقليم، مجهودات جبارة في سبيل إحداث مطرح إقليمي بمواصفات ومعايير عصرية.