على غرار السنوات الماضية، لم تَسْلم "الأعمال الرمضانية" التي تقدمها القنوات التلفزيونية العمومية المغربية، وخاصة "السيتكومات" و"الكاميرا الخفية"، من انتقادات الجمهور؛ إذ ما زالت معظم الآراء تعتبر أن ما يُبث على الشاشة الصغيرة "تافه". الانتقادات المواكبة للأعمال التلفزيونية الرمضانية يوازيها، في المقابل، إقبال المغاربة على متابعتها؛ إذ تسجّل نسب مشاهدة عالية، حسب أرقام شركة "ماروك ميتري" لقياس نسبة المشاهدة. فلماذا يُقبل المغاربة على مشاهدة "الأعمال الرمضانية" رغم انتقادهم لها؟ هسبريس طرحت السؤال أعلاه على عبد العالي تيركيت، رئيس جمعية حقوق المشاهد، فكان جوابه بأن قياس نسبة المشاهدة يجب ألّا يقتصر فقط على عدّ المشاهدين، بل يجب أن يقيسَ أيضا نسبة رضَا المشاهدين عمّا يُبثّ على شاشة التلفزيون. وقال تيركيت موضحا: "ارتفاع نسبة المشاهدة لا يعني أن الجمهور راض عمّا يشاهد، وهذا العنصر مغيّب عن قياس نسبة مشاهدة القنوات التلفزيونية المغربية، لأن ما يهم هذه القنوات ليس هو رضا المشاهدين، بل كسب رضا المستشهرين". وسبق لجمعية حقوق المشاهد أن أبرمت اتفاقية مع وزارة الاتصال، في عهد الحكومة السابقة، قصد إنجاز دراسة لقياس نسبة رضا المشاهدين المغاربة عن الأعمال التي تبثها القنوات التلفزيونية المغربية خلال رمضان، لكن الوزارة لم تلتزم بإنجاز هذه الدراسة، بحسب تيركيت، الذي أبرز أن الجمعية لجأت إلى إنجاز دراسة أسفرت نتائجها عن كون 90 في المئة من المشاهدين غير راضين عن الأعمال التلفزيونية الرمضانية. من جهة ثانية، عزا تيركيت سبب ضعف الإنتاجات التلفزيونية التي تبثها القنوات المغربية في رمضان إلى سيطرة المستشهرين على توجهات هذه القنوات، قائلا: "في فترة الإفطار يُقبل المغاربة على مشاهدة التلفزيون، والمستشهرون هم الذين يتحكمون في اختيار الأعمال التي تُبث خلال وقت الذروة وفق ما يخدم مصالحهم". وذهب رئيس جمعية حقوق المشاهد إلى القول إن القنوات التلفزيونية المغربية "لا ترى في المشاهدين سوى بضاعة تبيعها إلى المستشهرين في رمضان، ولهذا تفتقر برمجة هذه القنوات إلى برامج ثقافية وأعمال درامية رصينة وجادة". وعلى الرغم من أن وزارة الاتصال في عهد الولاية الحكومية السابقة وضعت دفاتر تحملات من أجل إضفاء الحكامة على عملية إنتاج البرامج التلفزيونية، إلا أن هذه الدفاتر لم تحقق الغاية التي وُضعت من أجلها، "بل إنها فسحت المجال لاحتكار مجموعة صغيرة من المنتجين المنفذين للأعمال التلفزيونية"، يقول تيركيت. وتابع موضحا: "الذين وضعوا دفاتر التحملات قالوا إنهم سيحاربون الاحتكار في مجال الإنتاج التلفزيوني، لكن العكس هو الذي حصل؛ إذ إن هذه الدفاتر أقصت المنتجين الشباب الواعدين، لأنهم لا يتوفرون على الإمكانيات التي تخوّل لهم منافسة المنتجين الكبار، الذين خلَت لهم الساحة لاحتكار مجال الإنتاج التلفزيوني، وبالتالي فهم يقدمون إنتاجات تلفزيونية تفتقر إلى الجودة المطلوبة، لأن الاحتكار يولد الرداءة".