أثار تخريب جدارية ساعات بعدما رسمَها فنان مغربي يقطن في مدينة سوق الأربعاء جدلا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وفضلا عن مئات التعاليق والمنشورات المستنكرة والمنتقدة لهذا الفعل، علّق رسام الجدارية بقول: "وكأنهم كانوا ينتظرونَني أن أكملها فقط، المهم شكرا لأي أحد استيقظ مع الرابعة صباحا ليخرّبها". ويذكّر تخريب هذه الجدارية التي تُظهِر امرأة مسنّة بأوشام أمازيغية يتوسّط رأسها يدَيها، ب"الاستنفار" الذي خلقته جدارية في الشهر الماضي أظهرت "طفلا حزينا يمسح دمعَه" وحرصت السلطات على أن تضاف إليها إشارة أخرى تصدّر هذا الحزن إلى مناطق أخرى بعيدة عن المدينة والإقليم، واستقرّ الرأي على إضافة العلم الفلسطيني إلى الرسم. وتثير ردود الفعل الشعبية والرسمية على هذه التعبيرات الفنية في الفضاءات العمومية أسئلة عديدة حول مدى إحساس المغاربة بالتعبيرات المرسومة، ودرجة وعيهم البصري، والحاجة إلى التربية الجمالية. جواد مبروكي، محلل نفسي، قال إننا "نفتقد في مجتمعنا ثقافة الفن بصفة عامة"، وعدّد في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية مجموعة من أسباب هذه الظاهرة، من بينها "غياب الفن في التربية المغربية، وملاحظة الأبناء أن الآباء لا يهتمون به، أو تعقيب الآباء على الإنتاجات الفنية للأطفال ب: ما هذا التخربيق؟ أي ما هذه الخربشات أو ما هذه التفاهة؟ فينشأ الطفل على هذا النموذج ويرى الفنون مجرّد تفاهة ويتهكّم على الفنان". ومن بين الأسباب أيضا، أورد مبروكي، "غياب فضاء للفنون في المؤسسات التعليمية، وغياب زيارة المعارض الفنية أو الورشات واللقاءات مع الفنانين". كما فسر المحلل ذاته التصرفات المعادية للفن أو التي لا ترى فيه قيمة ب"غياب فضاءات الفنون بالمدن والقرى"، محمّلا مسؤولية النهوض بالفن للمسؤولين الذين "يجب عليهم أن يهتموا بتحسِيس المواطنين بالفنون بكل الطرق الممكنة على غرار ما نراه في الدول المتقدّمة". ومن بين أسباب عدم الاهتمام بالفنون وإدراك قيمتها بالنسبة لمبروكي، "انتشار الثقافة الشفوية والسمعية وغياب الثقافة الفنية المكتوبة والمرسومة، إضافة إلى التربية الدينية الخاطئة بتحريم تيارات دينية الفنّ بكل طرقه"، وهي النماذج التي يتشبّع بها المجتمع المغربي، وفق المتحدّث، إضافة إلى "اعتبار نحت التماثيل أمرا حراما، وتحريم فنون مثل الموسيقى والرقص، مع رفض تصوير وجه الإنسان، إلى جانب عدم اهتمام التربية الدينية بالفنونِ والإبداعات وعدم تشجيعها الطفل على الإبداع الفني، فضلا عن الجهل والتعصّب". وساءَل مبروكي طريقة تدريس الفنون التشكيلية في المدارس المغربية، وأورد أن "معامل المادة يكون منخفضا، وهناك استهزاء بأستاذ الرسم والفنون مثل أساتذة الرياضة، وينظر إليهم كأساتذة أقلّ درجة من الأساتذة الآخرين، وهو ما يعيشه الطفل ويحسّ به داخل المؤسّسة". وأكّد المتحدّث ضرورة تشجيع الأطفال على الاهتمام بالفنون، مشيرا إلى أهمية "البرامج التحسيسية التي يجب من خلالها أن نحسّ بالفنون؛ لأنه دون تحسيس ومتابعة لن يفهم الناس ما الفن؟ وما دوره؟ ولن يشجَّعوا بالتالي على الدخول إلى المعارض وقراءة اللوحات من أجل إحداث تحول فكري وثقافي".