تصدر مجلة وزارة الثقافة المغربية بعد توقف طويل. وبموازاة مع التعبير عن رغبتنا في استمرار صدور المجلة، بمنأى عن أمزجة الوزراء المُتعاقبين، نودُّ تسجيل عدة ملاحظات بخصوص العدد الأخير (38). وقبل ذلك، لا نستطيع إخفاء استغرابنا من "اللخبطة"، التي كان عرضة لها ترتيب صفحات المجلة (في بعض أعدادها على الأقل). ذلك أنه على الرغم من كل التأخر، الذي دام أكثر من سنة، فإن "القيِّمين" على المجلة فاتَهُمْ أن ينتبهوا إلى "الفوضى" التي همت ترتيب عدة صفحات. بعد التعبير عن استغرابنا السابق، يمكن الشروع في إبداء بعض من الملاحظات السريعة: 1- وإن اتخذت المجلة "الثقافة المغربية" عنوانا لها، إلا أنها ظلت أقرب إلى الأدب من أي شيء آخر (والشعر بوجه خاص)؛ 2- بارتباط مع الملاحظة السابقة، يبدو أن "المجلة" لم تعثر على هويتها: لا هي مجلة علمية، ولا هي مجلة منوعات ثقافية وفنية. فبالإضافة إلى نشر مقالات/ دراسات موثقة بإحالات، وجدنا أخرى عارية من أية إحالة؛ 3- حشو "المجلة" بمواد وأسماء كثيرة، ما جعلها تفيض عن حاجة المطلوب من مجلة نظيرة لها. ولعل ما يعكس التضخم في حجم المجلة، "الثقل المادي" الذي يستشعره المرء وهو يحمل عددها الأخير؛ 4- عدم تَمكُّن المجلة من أن تكون لها "شخصيتها"، وبالتالي جماليتها المُعبِّرة عن هويتها: كثرة الألوان والصور والأشكال الهندسية (وكأن الأمر يتعلق بمجلة منوعات فنية خفيفة)؛ 5- هيمنة أعضاء هيأة التحرير على مستوى المواد المنشورة: مقالات، حوار، تقديم كتب. وفي ما يتعلق بالحوار مع أستاذ الفلسفة محمد سبيلا، ألم يكن من الأجدر ترك الموضوع لذوي الاختصاص، ممن خبروا فكر الأستاذ قراءة ودراسة؟؛ بعد عرض الملاحظات السابقة، نود التعبير عن استحساننا صدور كتيب "الأدب العربي في المغرب الأقصى"، لمصنِّفه محمد بن العباس القباج. غير أننا، ومع هذا الاستحسان، نريد تسجيل ضعف "التقديم" الذي وُضِع للكتاب المذكور: لغة ومضمونا. وأقل ما يمكن الإشارة إليه، بخصوص التقديم، هو أن هناك "تضخما" في العبارة، مثلما أن هناك "تضخما" في المضمون. كتاب القباج عبارة عن مختارات، مُعزَّزة بترجمة لأصحابها من الشعراء. وإذ يمكن الاتفاق على القيمة التاريخية للمختارات، إلا أنه لا ينبغي للتقديم أن يحيد عن مضمون الكتاب و"حقيقته". في الأخير، أترك للقارئ فرصة تأمل هذه العبارة الفضفاضة/ الملتبسة، التي تمّ بها تقديم كتاب القباج "فالتحديث له ماضيه، وله أسبابه، وما دعا إلى الانخراط فيه، والشعر، كان، دائما، المرآة التي فيها يغير الماء مجراه، ولا يستقر على حال، وهذه قيمة هذا الكتاب". أية قيمة؟ وهل قيل شيء حتى نتحدث عن قيمة؟ ومع ذلك، يبقى كتاب القباج أفضل هدية من المجلة. هذه هي الملاحظات التي آثرت أن أبديها كتابة، في أفق تجويد الأعداد المقبلة من المجلة. ولولا الإطالة، ، لوقفت عند أكثر من جانب، في ما يخص هيكلة المجلة، وطبيعة موادها، إلخ. بالمختصر المفيد، المغاربة يستحقون مجلة أفضل من هذه: شكلا ومضمونا.