قال الحاكمون العسكريون في السودان الثلاثاء إن ستة من عناصر قوات الأمن قتلوا الإثنين خلال الاحتجاجات، في وقت يتصاعد التوتر حول تشكيل مجلس جديد مشترك بين المدنيين والعسكريين. وعزز المتظاهرون حواجزهم خارج مقرّ الجيش في الخرطوم بعدما اختلف الطرفان في محادثات الإثنين حول عدد مقاعد الممثلين المدنيين والعسكريين في المجلس. ومن المفترض أن يحل هذا المجلس المشترك مكان المجلس العسكري الذي استولى على الحكم بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل بعد احتجاجات كبيرة ضد حكمه الذي دام ثلاثة عقود. لكن الطرفين يختلفان حول تشكيلة هذا المجلس، إذ يريد العسكريون أن يتألف من عشرة مقاعد، سبعة منها للممثلين عن الجيش وثلاثة للمدنيين. في غضون ذلك، دعا تحالف الحرية والتغيير المنظم للاحتجاجات إلى "موكب مليوني" الخميس للمطالبة بإدارة مدنية بعد الخلافات مع المجلس العسكري الحاكم حول تشكيلة المجلس المشترك. وقال التحالف في بيان: "ندعو جماهير شعبنا إلى تسيير موكب مليوني الخميس الثاني من مايو، للتأكيد على مطلبنا الأساسي، سلطة مدنية". وكان مسؤول عسكري سوداني كبير أعلن الثلاثاء أن قائد الجيش الحالي الفريق عبد الفتاح برهان سيترأس المجلس المشترك. ويرى متظاهرون أن مجلساً عسكرياً يترأسه البرهان هو "نسخة" عن النظام القديم. ويريد المحتجون أن يتألف المجلس المشترك من 15 مقعداً من غالبية مدنية مع 7 مقاعد للممثلين العسكريين. وفي إعلان يزيد من التباين الذي يتعمّق بين الجانبين، قال المجلس العسكري الثلاثاء إن ستة من عناصر الأمن قتلوا في مواجهات مع متظاهرين الإثنين في مناطق مختلفة في البلاد. وقال نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي: "في حوادث في مناطق مختلفة بالبلاد استشهد 6 من القوات النظامية وجرح 16"، وتحدّث عن وقوع حوادث حرق لمتاجر وسطو على أموال، مضيفاً أن قادة المتظاهرين أكدوا للمجلس العسكري أن أي شيء يحدث خارج اعتصام الخرطوم لا يمثلهم. وبدأ آلاف المتظاهرين في السادس من أبريل التجمع أمام مقرّ الجيش في العاصمة، مطالبين القوات المسلحة بمساعدتهم في إسقاط البشير. وبعد خمسة أيام، استولى الجيش على السلطة عبر مجلس عسكري انتقالي، وعزل البشير، بعد أشهر من الاحتجاجات التي بدأت على خلفية زيادة أسعار الخبز. ومنذ ذلك الحين، يرفض الضباط العشرة المؤلفين للمجلس الدعوات إلى التخلي عن السلطة. "نسخة جديدة من النظام" في تقدم حصل السبت، اتفق الطرفان على تشكيل جهاز عسكري مدني مشترك لتمهيد الطريق أمام حكومة مدنية. ويقول قادة الحركة الاحتجاجية إن المجلس المشترك سيكون الهيئة الحاكمة، لكنّهم يطالبون بإدارة مدنية منفصلة لإدارة القضايا اليومية، يكون هدفها أيضا التحضير لأول انتخابات منذ إطاحة البشير. وفي وقت متأخر الإثنين، ذكر تجمع المهنيين السودانيين الذي كان أول من أطلق شرارة التظاهرات أن الجيش السوداني يحاول فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم عبر إزالة الحواجز التي أقامها المتظاهرون، لكن شهودا قالوا إن الجنود لم يدخلوا إلى المكان. وقال التجمع في بيان: "يحاول المجلس العسكري، النسخة الجديدة للنظام البائد، فض الاعتصام أمام القيادة العامة لقوات شعبنا المسلحة"، وأضاف: "نرجو من الثوار داخل ساحة الاعتصام ترتيب الصفوف وإقامة المتاريس وحمايتها؛ كما نناشد كل الثوار في أحياء العاصمة القومية والمناطق المجاورة الخروج للشوارع وتسيير المواكب والتوجه إلى ساحة الاعتصام أمام القيادة". لكن نائب رئيس المجلس العسكري أكد الثلاثاء أن المجلس ليس ضدّ اعتصام الخرطوم، وأوضح: "قلنا لهم اعتصموا، وهذا واجبنا كدولة أن نقف إلى جانبكم ونقدم لكم المساعدة"، مضيفاً: "اعتصموا وصوموا رمضان وليس لدينا أي مشكلة إلى حين التوصل إلى اتفاق". وقال اللواء صلاح عبد الخالق، وهو أيضاً عضو في المجلس العسكري الانتقالي، إن الجيش لن يستخدم العنف أبداً ضد المتظاهرين. وذكر شهود عيان لوكالة فرانس برس أن المتظاهرين يقومون ببناء حواجز مؤقتة في الطرقات. وقال متظاهر لوكالة فرانس برس إن الهدف من تلك الحواجز هو حماية المتظاهرين، مؤكداً أنهم لن يتحركوا إلى حين التوصل إلى حكم مدني. ووقف بعض المحتجين على أسطح المباني المباشرة لمراقبة العسكريين، فيما جلس آخرون على الحواجز حاملين الأعلام السودانية. وأيدت حكومات غربية مطالب المتظاهرين، لكن دولاً عربية خليجية قدمت الدعم للمجلس العسكري، بينما دعت دول إفريقية إلى منح المجلس العسكري مزيداً من الوقت قبل تسليم السلطة للمدنيين. *أ.ف.ب