بين التفاؤل والتقليل من القيمة، تراوح استقبال المغاربة للزيادة في الأجور التي أعلنت عنها حكومة العثماني، خلال الأسبوع الجاري، في محاولة منها لترميم انطباع ترسخ بخصوص ضعف الأداء الحكومي، وعدم قدرته على مواكبة التطلعات المتزايدة، فضلا عن تخبطه في أزمات تنمية المناطق التي شهدت احتجاجات اجتماعية قوية، وكذا تعقيد ملف الأساتذة المتعاقدين الذي يصل شهره الثاني دون حل يلوح في الأفق. ويراهن العثماني على دخول أموال مباشرة في جيوب المغاربة، رغم فشله في تحقيق الاجماع النقابي، لعلها تسعفه في تجاوز الأزمات التي توالت ولم تجد غير الاستنجاد بقوات الأمن لتدبير الاحتجاجات عليها التي يخوضها موظفون من مختلف القطاعات، فيما تمضي تنسيقيات المعطلين نحو مزيد من الهيكلة ومباشرتها لوقفات أمام عمالات العديد من الأقاليم بالمملكة. وتمضي الحكومة، التي وصف بعض وزرائها الاتفاق ب"التاريخي"، نحو تطبيق الزيادة على دفعات إلى غاية سنة 2021، في خطوة طالتها انتقادات كثيرة. وفي المقابل، اتجهت تعليقاتٌ نحو تثمين الزيادة في سياق اتسم بتراجع كبير لدور الدولة في المجال الاجتماعي، خصوصا خلال فترة حكومة عبد الإله بنكيران. محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالمحمدية، قال إن "عودة الثقة مسألة صعبة، لأن المغاربة كانوا أمام سنوات عجاف عرفت تعطيلا للحوار الاجتماعي، وهو ما أنتج العديد من الأزمات في واجهات حيوية مثل التعليم والصحة، فضلا عن الإجهاز على القدرة الشرائية للمواطن البسيط". وأضاف زين الدين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الأداء الحكومي يتسم بغياب إجراءات عملية على المستوى الاجتماعي لفائدة الفئات الشعبية، التي تجد نفسها بين الغلاء وضعف التدابير"، وزاد: "هناك أيضا تراجع في أداء برنامجي تيسير وراميد". وبخصوص الموظفين، قال المتحدث ذاته: "سنة ونصف ضاعت من الزمن الاجتماعي في علاقة الحكومة بهم". وأوضح الأستاذ الجامعي أن "الزيادة في الأجور لم تكن كبيرة، ومقارنة بحكومة عباس الفاسي، فالفرق واضح، وكذلك لا بد من استحضار الاقتطاعات القاسية التي باشرتها حكومة عبد الإله بنكيران لإصلاح صندوق التقاعد، والتي وصل بعضها إلى 1000 درهم"، مشددا على أن "الارتجالية كانت هي السمة البارزة لتدبير الملف الاجتماعي". ولفت زين الدين إلى "ضرورة تحسين مناخ الاستثمار من أجل ضمان سلم اجتماعي حقيقي، فالمقاولة تعيش هشاشة كبيرة تتطلب الدعم"، مشيرا كذلك إلى كون "الحكومة قد فتحت جبهات صراع عديدة، بعضها مجاني، مع العديد من الفئات، وهو ما يصعّب تحسن صورتها لدى عموم المواطنين".