تطور مظاهر الحراك في الجزائر من أسبوع إلى آخر في واجهات خمس: رئاسة الدولة، والعسكر، والحكومة، والشعب، وأخيرا القضاء. وفي الأسبوع التاسع تميز المظهر في رئاسة الدولة بما يلي: 1- تعيين رئيس المجلس الدستوري فنيش، واستقالة الطيب بلعيز من رئاسة المجلس الدستوري، وهو أحد الباءات الأربعة التي يركز الحراك على ضرورة إقالتهم من مناصبهم. 2- تعيين عبد القادر بن صالح ما سمي مائة شخصية، لتعقد ما كانت سمته رسالة بوتفليقة الندوة الوطنية. ويتضح من ذلك أن بوتفليقةً لازال في الظل، رغم كون لائحة المائة المعنيين لم تعلن رسميا، ما يؤكد وجود صعوبات حول تكوينها. 3- محاولة إحياء الخريطة الحزبية التي نبذها الحراك، واستعمالها ضده باستدعاء الأحزاب الميتة لتعقد اجتماعات مع رئيس الدولة. لكن مشروع تحريك الأحزاب لم ينجح بسبب الخلافات في صفوفها، مثل انقسام جبهة القوى الاشتراكية FFS إلى شقين، واستقالة رئيس FLN جبهة التحرير الوطني. واضطر الحزب إلى محاولة عقد مؤتمر وطني لتجديد قيادته لكنه لم يتمكن من ذلك إلى حد الآن. وتميز مظهر حراك العسكر بثلاثة أمور: الأول هو حدة الصراع بين الجنرالين كايد احمد وتوفيق، ظهر رسميا في خطاب ألقاه الأول أمام اجتماع مع كوادر الجيش نقلته وسائل الإعلام، هدد فيه الجنرال توفيق ووجه إليه ما سماه الإنذار الأخير، ولم يوضح صراحة سبب التهديد ولا الأسلوب الذي سينتج عنه.. الثاني هو ظهور جنرالات آخرين يلقون الخطب في تجمعات العساكر بعد أن كان كايد احمد يخطب وحده قبل الأسبوع التاسع، ما يؤكد أن رئيس الأركان لم يعد قادرًا على الانفراد بالظهور كرجل قوي. لكن يبدو أن كايد احمد اشترط على الجنرالات أن يجعلوه في خطبهم مرجعا أعلى، وتأكيد الاعتراف بقيادته. الثالث هو الشروع في إطلاق حملة تدريبات عسكرية في مختلف قطاعات الجيش من طيران وجيش بحري، وبري، واستعراض الآليات المدمرة، وشباب مدارس التكوين العسكري، وذلك كله تحت إشراف كايد احمد، الذي يستعرض القوة العسكرية لتخويف معارضيه، وإيهام الشعب بوجود تهديدات خارجية ليبرر وجوده. وتميز حراك الشعب بطريقتين: 1- بتطوير الحراك نحو مقاطعة التعامل مع وزراء حكومة بدري في الزيارات التي يقومون بها إلى الجهات، ليصبحوا مجرد وزراء في مكاتبهم، وهو أسلوب جديد لم يسبق أن استعمل في المغرب وتونس وليبيا وموريتانيا، حيث يتجول الوزراء في الجهات والأقاليم ويستغلون مناصبهم في المركز والأقاليم لفرض سياستهم. ولا شك أن حراك الريف سنة 2016 عرف مقاطعة وفود الحكومة المغربية التي كانت تريد استعمال نفوذها في ساحة الحراك من أجل تفكيكه، لكنها لقيت رفضا قويا من قبل ممثلي حراك الريف الذين أطلقوا مصطلح الدكاكين السياسية. 2- بالإصرار على تنظيم المسيرات، إلى أن دخلت في تسعة أسابيع. ولم يقتنع الشعب بعزل بلعيز، ولا تعيين فنيش، ولا بتلويح قيادة العسكر بحماية الدستور، ولا بمخاوف ما يسميه المستفيدون من الجمهورية الأولى عدم الاستقرار... وتميز مظهر الحراك في القضاء بثلاثة أمور: 1- شن القضاة تعبئة في صفوفهم في مختلف الجهات لتنفيذ قرارهم مقاطعة الانتخابات التي قررها رئيس الدولة لتجري يوم 4 يوليوز 2019 لانتخاب رئيس جديد. 2- الشروع في تلبية مطلب الحراك بفتح ملفات الفساد الإداري والحكومي باستدعاء الرئيس السابق للحكومة، ووالي البنك المركزي، ووزير المالية، من طرف العدالة، للتحقيق معهم في شأن تهم الفساد المالي. 3- تأكيد التشارك بين القضاة والمحامين في تنظيم حراك قطاع العدالة ودعمهم وتأييدهم للحراك الشعبي. وأخيرا تميزت مظاهر الحراك في الحكومة بأمور منها: 1- شبه غياب وزير الخارجية ونائب رئيس الحكومة رمطان العمامرة الذي كان ينتظر منه أن يغطي الواجهة الخارجية للجزائر، لكنه لم يظهر على مستوى السياسة الخارجية في أي اتصال آخر بعد زيارته السابقة إلى روسيا والصين. 2- سكوت مطلق للحكومة عن علاقاتها مع المغرب؛ ما يؤكد التفاؤل الشعبي حول توقيف الدبلوماسية العدائية التي كانت متبادلة بين المغرب والجزائر، وهو ما يبشر شعوب شمال إفريقيا بوقف العداوة وفتح الحدود في عهد الجمهورية الثانية المقبلة. وأخيرا كتبنا هذه المقالة التاسعة لخلق نموذج شعبي للإصرار على تتبع حراك الجزائر بالكتابة من طرف كل من يريد الخير لهذه الشعوب التي تحاول التخلص من عيوب سياسة الحكام الجائرين والمفسدين، وخاصة الشباب المحروم من التنظيم، وحرية التعبير. وموعدنا في الجمعة العاشرة. الرباط في 21/4/2019