وجّه محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، رسالة شديدة اللهجة إلى المتورطين في جرائم الفساد المالي والرشوة، قائلا في الكلمة الافتتاحية لدورة تكوينية حول الجرائم المالية والاقتصادية، تنظمها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها بشراكة مع الاتحاد الأوروبي وبتنسيق مع رئاسة النيابة العامة، إنّ "النيابة العامة تتعامل معهم بمنتهى الصرامة". وأضاف عبد النباوي، في سياق حديثه عن الإجراءات التي اتخذها المغرب لمكافحة الجرائم المالية وحماية المال العام وتخليق الحياة العامة، أنّ الخط الهاتفي الذي أحدثته النيابة العامة للتبليغ عن التعرض للابتزاز أو طلبات الرشوة، "مكّن من ضبط 73 عملية رشوة في حالة تلبس"، موردا أن "هذه رسالة لكل من يَعتبر، ليعلم أن يد العدالة قادرة على الوصول إلى المرتشين، رغم كل وسائلهم لطمس روائح الرشوة". عبد النباوي شدد على أنّ مكافحة الجرائم المالية وحماية المال العام وتخليق الحياة العامة وصيانة النظام العام الاقتصادي، تظل من أولويات السياسة الجنائية، مبرزا أنّ النيابة العامة تحرص على مكافحة مختلف أشكال الجرائم المالية من خلال جديتها في التعامل مع الشكايات والتبليغات والتقارير الصادرة عن هيئات الرقابة والتقرير، وفتح الأبحاث بشأنها وتحريك المتابعات وممارسة الطعون عند الاقتضاء. واستطرد رئيس النيابة العامة بأنّ "جرائم الفساد المالي وجرائم غسل الأموال، تعتبر من الجرائم الخطيرة، بالنظر لما ينجم عنها من ضعف الثقة في المؤسسات، وتراجع سيادة القانون، وإفراغ مخططات التنمية من محتواها، وتهديد النظام العام الاقتصادي"، مضيفا أنّ المغرب، وعيا منه بالخطورة التي تكتسيها هذه الجرائم، "بادر إلى إرساء مجموعة من الآليات القانونية والمؤسساتية للوقاية منها". وشدد عبد النباوي على أنّ الجهود المبذولة على مستوى وضع الآليات القانونية والمؤسساتية للوقاية من الجرائم المالية والاقتصادية وجرائم غسل الأموال، لا يمكن تحقيق الغاية المرجوة منها إذا لم يتم توفير العنصر البشري المكوَّن والمؤهل لمواجهتها، سواء على مستوى الأبحاث والتحري أو في مراحل المتابعة والتحقيق والحكم، الذي يتطلب التخصص والمهنية. واعتبر عبد النباوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ الدورات التكوينية المتخصصة في مجالات محاربة الجريمة، التي تنظمها مؤسسة رئاسة النيابة العامة، ضرورية من أجل تعميق معرفة قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم وغيرهم من القائمين بإنفاذ القانون، من ضباط الشرطة القضائية وغيرهم، نظرا لتعقد الجرائم المالية وجرائم غسل الأموال والرشوة، ونظرا لخطورتها على الأمن الاقتصادي والأمن المجتمعي للمجتمعات. وتسعى النيابة العامة من خلال التكوينات المتخصصة في مكافحة الجرائم المالية إلى تضييق الخناق على المتورطين في هذه الجرائم، "بالنظر لما يتميز به الإجرام المالي من خصوصيات، باعتباره إجراماً معقداً ومتطوراً، تستعمل فيه في الغالب أساليب مالية ومحاسبية ومصرفية متقنة لطمس معالم الجريمة، مما يقتضي توفر الباحث والمحقق والقاضي على المهارات اللازمة لفحص الملفات والوثائق المحاسبية والصفقات العمومية وتقارير هيئات الرقابة والتدقيق"، يقول رئيس النيابة العامة.