سنة 2009، تم تأسيس إقليم تنغير، الذي ينتمي في وقت سابق إلى جهة سوس ماسة درعة، قبل أن ينتمي في ما بعد إلى جهة درعة تافيلالت بعد التقسيم الجهوي الجديد. ويتميز هذا الإقليم بتنوعه الجغرافي، حيث تحده جبال الأطلس الكبير، وجبال الأطلس الصغير "صاغرو"، وتتخلله واحات ووديان عديدة. إقليم تنغير عرف مؤخرا دينامية غير مسبوقة خاصة في مجال تعبيد الطرق الوطنية والجهوية والإقليمية، مما ساهم في فك العزلة على العديد من المناطق بالإقليم، التي كانت إلى وقت قريب تعيش العزلة لأسابيع كلما تهاطلت الأمطار أو تساقط الثلوج. المشاريع الطرقية المنجزة، خصوصا المصنفة منها، ساهمت بشكل كبير في انسياب حركة السير بالمناطق المجاورة لها، وتحسين ظروف التنقل، وإنعاش القطاع السياحي بهذا الإقليم الذي يحتضن مؤهلات سياحية وطبيعية واعدة. وعلى الرغم من المشاريع الطرقية المهمة التي أنجزت على مستوى الإقليم ذاته، في السنوات الأخيرة، فإن ساكنة مجموعة من المناطق ما زالت تشكوا عزلتها، وتطالب نصيبها من هذه الطرق المعبدة، من أجل تحسين مستوى عيشها، إسوة بباقي المناطق. شبكة طرقية بالأرقام بعد أن كانت مجموعة من جماعات إقليم تنغير تعاني من غياب طرق معبدة، باستثناء الطريق الوطنية رقم 10 الرابطة بين ورزازات والرشيدية، عرفت الشبكة الطرقية بالإقليم مؤخرا تطورا كبيرا، وخرجت مجموعة من المناطق من عزلتها السابقة. وحسب المعطيات الرسمية التي حصلت عليها هسبريس من المديرية الإقليمية لوزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء بتنغير، فإن طول الشبكة الطرقية المصنفة التابعة لإقليم تنغير بلغ 1025 كلم، منها 311 كلم من الطرق الوطنية رقم " 10 و12 و17"، و320 كلم من الطرق الجهوية، و394 كلم من الطرق الإقليمية. وأوضح محمد حاكمي، المدير الإقليمي لوزارة التجهيز، أن هذه الأخيرة تولي أهمية كبيرة لنهوض بالبنية التحتية الطرقية بإقليم تنغير، مشيرا إلى أن هذه الأهمية ترجمتها العديد من المشاريع الطرقية المهمة التي أنجزت مؤخرا، مبرزا أن هذه المشاريع شملت بناء طرق جديدة وصيانة الطرقات المعبدة، وبناء المنشآت الفنية، وإصلاح أضرار الفيضانات، فضلا عن تحسين السلامة الطرقية، مشيرا إلى أن حجم هذه الاستثمارات بين الفترة الممتدة بين 2016 و2018 بلغ حوالي 330 مليون درهم. وكشف حاكمي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن مجمل المشاريع الطرقية المنجزة بالإقليم مكنت من فك العزلة وتقليص مدة السفر، أهمها مشروع بناء الطريق الجهوية رقم 108 (الطريق الإقليمية 1521 سابقا) الرابطة بين تنغير وإكنيون على طول 50 كلم، التي أنجزت بتكلفة مالية قدرها 90 مليون درهم، والطريق الإقليمية 7110 الرابطة بين مصيصي وفزو على طول 40 كلم وكذا بناء قارعة الطريق الإقليمية 7108 بين حصيا وتسمومين على طول 55 كلم بمبلغ 31.5 مليون درهم كلها في إطار برامج شراكة. ولفت المسؤول الاقليمي إلى الأهمية البالغة التي يكتسيها مشروع بناء الطريق الجهوية 317 بين تبانت إقليمأزيلال والمدون بإقليم تنغير على طول 37 كلم، بتكلفة مالية قدرها 51 مليون درهم والتي لا تزال الأشغال جارية بها. كما قامت المديرية ببناء منشأتين فنيتين على واد تاغيا بالطريق الوطنية 12 وواد أوبراينوش بالطريق الوطنية 17 بكلفة 13.5 مليون درهم، مكنتا من حذف نقطتي انقطاع متكررة، بتعبيره. وشدد المسؤول ذاته على أن البنية الطرقية بالإقليم تحسنت بشكل ملحوظ، مقارنة مع فترات سابقة، لافتا إلى "أن هذه المشاريع جاءت لتحسين ظروف عيش ساكنة هذه المناطق التي تتميز بتضاريسها الوعرة وموقعها الجغرافي الذي يشمل جبالا مرتفعة ونطاقا شبه صحراوي"، وفق تعبيره. وأشار حاكمي إلى أن عدد المشاريع المنجزة في البرنامج الخاص بإصلاح أضرار الفيضانات منذ 2016، بلغ خمسة مشاريع بتكلفة مالية تقدر بحوالي 51 مليون درهم شملت خمس طرق مصنفة، ممولة تمويلا كاملا من وزارة التجهيز والنقل، فيما تشرف المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجستيك والماء بتنغير على إنجاز مشروعين في إطار برنامج محاربة الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي بتكلفة مالية تقدر بحوالي 48 مليون درهم، ممولة من صندوق التنمية القروية. وأكد المدير الإقليمي لوزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء بتنغير أن هذه الأخيرة قامت ببرمجة عدد من المشاريع الطرقية التي ستساهم في خلق دينامية جديدة بالإقليم، موضحا أن الهدف هو ربط القرى بالحواضر وتحسين مستوى تنقل السكان. برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية ساهمت قطاعات حكومية أخرى، إلى جانب كل من مديرية التجهيز والنقل والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وعمالة إقليم تنغير والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات، في إنجاز مجموعة من الطرقات الرئيسية والمسالك، من أجل فك العزلة على مجموعة من الدواوير؛ فقد ساهم المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات في بناء خمسة مسالك طرقية خصص لها غلافا ماليا يقدر بحوالي 42.6 مليون درهم، وهمت الربط بين الطريق الوطنية رقم 10 ودواوير بجماعة آيت سدرات السهل الغربية على طول 8 كلم بمبلغ 5.5 ملايين درهم، ومسلك طرقي بإيل نمكون على طول 12.5 كلم، وبين الطريق الإقليمية 1502 وجماعة واكليم على طول 5 كلم، وبين الطريق الوطنية رقم 10 وايت حمدون، بالإضافة إلى تتمة بناء الطريق الرابطة بين أيت موسى أوداود وأمسين بجماعة إغيل نمكون. فيما ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في فك العزلة عن السكان القرويين عبر أكثر من 54 مشروعا لتهيئة الممرات والمسالك والطرق وبناء منشآت فنية ومنشآت العبور بكلفة إجمالية تناهز 207 ملايين درهم، ساهمت فيه المبادرة الوطنية ب145 مليون درهم، وفق معطيات رسمية وفرتها مصالح العمالة لهسبريس. وفي إطار برنامج التقليص من الفوارق المجالية والاجتماعية بالوسط القروي برسم سنتي 2017 و2018، كشفت المعطيات ذاتها أنه تم إنجاز 13 مشروعا بكلفة إجمالية تقدر بحوالي 231 مليون درهم، وتمت برمجة 22 مشروعا بكلفة إجمالية تقدر 360 مليون درهم. دواوير تنتظر نصيبها على الرغم من المجهودات المبذولة من لدن مختلف المتدخلين في قطاع البنية التحتية الطرقية بإقليم تنغير، والتي ساهمت في شق المئات من الكيلومترات في الفيافي والجبال، وربط القرى بالحواضر، ما زالت العديد من الدواوير تعيش عزلة قاتلة خصوصا أثناء تهاطل الأمطار وتساقط الثلوج، كبعض الدواوير بجماعات ألنيف إكنيون إغيل نمكون، ايت هاني، ايت الفرسي، حصيا ومصيصي. ساكنة بعض هذه الجماعات ما زالت تحلم بنصيبها من طرق معبدة تقيها من عذاب العزلة التي تفرض عليها كل مرة. ووصف رشيد اللوز، القاطن بدوار تولوالت من جماعة إكنيون، الحياة التي يعيشها سكان الدوار بالجحيم والعذاب كلما عرفت المنطقة تساقطات ثلجية أو أولى قطرات الأمطار، مشيرا إلى أن تعبيد المسلك الطرقي الرابط بين الجماعة والدواوير الأخرى أمر لا يمكن الاختلاف عنه ويجب التسريع في تنفيذه، وفق تعبيره. من جهتها، أوضحت حليمة أمني، من دوار أكديم بجماعة أيت الفرسي، أن "أول من يتضرر في التقلبات المناخية التي أصبح الإقليم يعرفها كل مرة هو دوار أكديم كون الطريق الوحيدة المؤدية إليه توجد على الواد وغير معبدة"، مضيفة: "يجب على الجهات المسؤولة ربط الدواوير النائية بطرق معبدة وعدم الاكتفاء بتعبيد الطرقات الرئيسية"، حسب تصريحها لهسبريس. ربط الإقليم بجهات المغرب محمد حسني، فاعل جمعوي من تنغير، أكد على أهمية الموارد المالية التي سخرتها الدولة لإنجاز شبكة الطرق، مشددا على أن هذا المكسب يتطلب وضع إستراتيجية ناجعة للتكفل الأمثل بالصيانة، موضحا أن بعض المشاريع السابقة التي تضم شبكات الطرق والمنشآت الفنية لم تتبع بمخططات صيانة مدروسة ومنتظمة ومتواصلة تبقى معرضة للتدهور جراء العوامل الطبيعية والمناخية من سيول والانجرافات وكثافة الحركة المرورية وغير ذلك. من جهته، أكد محمد حاكمي أن الإنجازات الطرقية المذكورة ستعزز في المستقبل القريب بإنجازات أخرى ستدعم البنيات التحتية للإقليم، مؤكدا أهمية الطرقات المنجزة حاليا بالإقليم من خلال الدور الذي تلعبه من خلال ربط الإقليم بجهات أخرى وربط مدن الإقليم بمدن جهة درعة تافيلالت، وفق تعبيره.