قال محمد الساسي، عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحّد، إن إسلاميي المغرب عرفوا تطوّرا ضعيفا جدا في السنوات الماضية، وأضاف في لقاء نظّم مساء الخميس في مقرّ "لكوان" بالرباط أن "أغلب هذه الحركات لا تريد دفع ثمن التطور إلى حركات يمينية معتدلة خوف فقدان أنصارها". وسجّل الساسي ظهور تحولات سوسيولوجية بين المعبّر عنه عند الإسلاميين وبين ممارساتهم التي "أصبحت مثلها مثل تصرفات العلمانيين، بل أكثر"، مشيرا في هذا السياق إلى ما كانت تحمله فتاوى جريدة التجديد التابعة لحركة التوحيد والإصلاح. وقال الساسي إن حزب العدالة والتنمية يدافع عن مصالح سياسية واقتصادية واجتماعية، مشيرا إلى أن "العلماء يريدون مكانة ويحتاجون من يدافع عن مصالحهم"، ثم استرسل مبيّنا: "حزب العدالة والتنمية يقول إنه مع الديمقراطية، وله أرضيات مهمة، وقليل من التلفيق، مثل الحديث دون تفصيل عن إيلاء العلماء المكانة التي يستحقّون..ومقترحه أن تبثّ المحكمة الدستورية في القوانين من حيث مطابقتها للإسلام، رغم أن الله استخلفنا في الأرض جميعا وأعطانا العقل جميعا لندبر أمورنا". وذكر الأكاديمي المغربي أن "الأمثلة التي يفتتن بها إسلاميو العدل والإحسان في المنهاج النبوي، دستور الجماعة، هي أفغانستان، وإيران، ونموذج إسلاميي سوريا، ويقترحون الخلافة كنظام حكم مع رفض نموذج الدولة المدنية باعتبار أن "جنسية المسلم عقيدته""، وزاد أن أقصى ما يمكن أن يحقّقه الإسلاميون في نموذجهم الحالي هو ما عليه النموذج التركي. ويرى الساسي أن التعارض بين الإسلام السياسي والديمقراطية "أقل ما يمكن القول عنه إنه ناتج عن تصور خاطئ"؛ ثم استرسل شارحا: "يقولون إن الديمقراطية ديمقراطيات، وهي مقولة للتحلّل من الآليات الكونية للديمقراطية، رغم صحة اختلاف الأنظمة"، وزاد: "وأعضاء العدالة والتنمية يقولون إنهم يقبلون الآليات ويرفضون فلسفتها ..وحتى الآليات يجادلون فيها رغم أنها نتيجة هذه الفلسفة". ويفسّر السياسي اليساري "الرجوع المستمر للإسلاميين إلى استفتاء الشعب متى كان الحديث معهم، ومخاطبتُهمُ الشعبَ بصيغة هل تريد الإسلام أو الغرب؟"، ب"مشكل داخلي، لأن للمرجعية الإسلامية ديمقراطيتها الخاصة، ولاعتبارها السيادة الشعبية بديلا عن الآليات الديمقراطية الأخرى، التي هي: التمثيلية، وفصل السلط، والحقوق والحريات". وزاد الأكاديمي المغربي موضّحا أنه "لا قيمة للتصويت والانتخابات دون آليات الحريات والحقوق"، وقدّم مثالا بمجلس مراقبة الدستور في إيران، الذي يبحث في هل يتوافق المرشّح الرئاسي مع إيديولوجية الدولة، رغم أنه ليس من حق الدولة أن تكون لها إيديولوجيا؛ "فيكون بالتالي الاختيار بين الإسلامي المتطرّف والإسلامي الأقل تطرّفا". ويرى الساسي أن الانتخابات التركية باطلة، لأن "النموذج التركي يسجن آلاف الأساتذة والصحافيين، ثم تعقد الانتخابات بعد تخويف الناس"، وأبى في سياق الحديث عن التجارب الإسلامية في الحكم الحديث عن "السلفيين الذين يرفضون الديمقراطية جملة وتفصيلا"، ثم استدرك: "لكنهم منطقيون مع أنفسهم ويسيرون إلى آخر مدى". وانتقد عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحّد إخراج الإسلاميين المسلمين من العالم واستكثارهم على البشر الاتفاق على شيء، باعتبارهم أن هناك مرجعية كونية ومرجعية إسلامية، كما انتقد اعتبارهم "الحرية الفردية استفزازا لحريّتهم"، و"اعتبار المسلم الذي قام بعملية إرهابية ممثلا لنفسه"، و"اعتبار آخر غير مسلم قام بمثل هذه العملية ممثّلا لدولته وكل شيء"، و"الحديث عن إرجاع الأندلس الفردوس المفقود"، بل وروما، مع اعتبار أن ما حدث في الماضي لم يكن غزوات، ولم تُسْبَ نساء، ثم زاد: "لا يمكن أن نتقدّم دون شجاعة نقدية في رؤية تاريخنا". ودعا الساسي في مداخلته إلى "النقاش بهدوء" مع الإسلام السياسي، كما دعا إلى "أن يكون عندنا هجوم عليهم، لا نخدم فيه المخزن بقول إن النظام السلطوي المغربي مطابق للديمقراطية"، ثم زاد أن "الدولة تساهم في هذا"، أي في ما يزكّي خطاب الحركات الإسلامية، "عبر المقررات المدرسية والإذاعات صباح مساء"، رغم "اتفاقها مع ما يقوله الديمقراطيون الحداثيون"، "لوجود أصوليّة سياسية فيها، لا تؤمن بالحداثة السياسية، ولا ترى أن من حقّ الفاعلين المعارضة باسم الدين، لوجود إمارة المؤمنين"، حَسَبَ الأكاديمي المغربي. وتساءل المتدخّل ذاته: "لماذا وصلنا إلى هذه النتيجة؟"، مضيفا في حديثه عن أعضاء حركات الإسلام السياسي أن "هؤلاء أبناء شعبنا..وحلّ هذه الإشكالية في تعميم التعليم وتجويده، والتفكير الحداثي".