تزامناً مع ما تعرفهُ مناقشة قانون الإطار الخاص بمنظومة التربية والتكوين من سجالات داخلَ البرلمان، خاضَ المئات من النقابيين والسياسيين والحقوقيين، الثلاثاء، وقفة احتجاجية رافضة لتعديلات قانون الإطار، مُطالبين الحكومة بالتراجع عن "مخطط تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، وإلغاء مجانية التعليم وفرض التعاقد"، وفق تعبيرهم. الوقفة التي دعا إليها الائتلاف الوطني للدفاع عن التعليم العمومي (يضم أزيد من 40 هيئة سياسية ومدنية)، وانطلقت زهاءَ الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال، جاءت بعدد من النشطاء الحقوقيين والنقابيين إلى أمام البرلمان، رافعينَ لافتات ومرددين شعارات تدعو الحكومة إلى التراجع عن قانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتعليم، وشهدت مشاركة قوية للأساتذة المتعاقدين وقيادات من أحزاب يسارية وفصائل طلابية إسلامية. ورفع المحتجون الغاضبون شعارات مناوئة لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الذي وصفوه ب"الجبان" لقبولهِ تمرير قانون ينهي مجانية التعليم ويقضي على المدرسة العمومية، داعين الحكومة إلى ضمان تعليم عمومي مجاني وجيد إلى كافة بنات وأبناء الشعب المغربي، منتقدين "هجوم الدولة على المدرسة والجامعة العموميتين"، مؤكدين أن توظيف الأساتذة ضمن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين يروم "الإجهاز على كافة الخدمات العمومية". وردّد المحتجون شعارات من قبيل: "العثماني يا جبان.. التعليم لا يهان" "الفوسفاط وجوج بحورا.. وعايشين عيشة مقهورة"، "حرية عدالة كرامة"، "القمع لا يرهبنا"، "الحكومة زيرو"، "ما بغيتونا نخدمو.. ما بغيتونا نوعاو.. باش فينا تبقاو تحكمو"، بينما طالبَ محتجون آخرون بإسقاط الحكومة. وقال عبد الحميد أمين، الفاعل الحقوقي، في تصريح لجريدة هسبريس: "نشاركُ اليومَ في هذه الوقفة من أجل التعبير عن غضبنا واحتجاجنا ضد السياسة التعليمية ببلادنا التي تتجسد اليوم في مناقشة قانون الإطار حول التعليم، أو ما يعرف بقانون 51-17 المطروح أمام البرلمان من أجل المصادقة عليه". وأضاف أمين أن "الائتلاف المغربي للدفاع عن المدرسة العمومية يطالب بسحب هذا القانون من البرلمان لأنه إذا تم تمريره سيكون ضربة قاضية للمدرسة العمومية ومستقبل أبناء الشعب المغربي"، مشيرا إلى أن "هناك عددا من التنظيمات النقابية والتعليمية والحقوقية موحدة ضد هذا القانون ستستمرُّ في تعبئة الشعب إلى غاية إسقاطه". من جانبه، قال محمد بمنسعود، الكاتب العام للقطاع النقابي لجماعة العدل والإحسان: "دعونا للمشاركة في هذه الوقفة الجماهيرية التي تعبر عن رأي ثلة كبيرة من الهيئات النقابية والسياسية في ما يخصُّ مشروع القانون الإطار الذي يناقش الآن في البرلمان، لكي نقول لا لتسليع التعليم وبيعه، نعم لحق جميع المغاربة في أن يكملوا تعليمهم من السلك الابتدائي إلى التعليم العالي بشكل مجاني، ولكي نعبر أيضاً عن رفضنا لمشروع فرنسة التعليم ونعتبره ضربا للهوية المغربية". وأضاف القيادي الاسلامي في تصريح لهسبريس أن "المشكل ليس في اللغة العربية وإنما في فشل الدولة في تدريس اللغات منذ التعليم الأولي"، معبراً عن رفضه ترسيخ الهشاشة في توظيف الأساتذة وأطر التربوية الذين يجب أن نوفر لهم الاستقرار المهني والاجتماعي والنفسي، إلا أن مشروع القانون الإطار جاء ليكرس الهشاشة والتخوف من المستقبل". وقال عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم "التوجه الديمقراطي": "هذه الوقفة تأتي في وقت مازالَ فيه ملف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد يراوح مكانه رغم كل ما حصل"، مذكراً الحكومة بأنها "يجب أن تجلس مع التنسيقية لحل المشكل وحل المشاكل الأخرى التي مازالت عالقة". وأبرز المسؤول النقابي أن "القانون الإطار جاء ليقنن الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 التي جاءت لتشجيع التعليم الخصوصي والدفع نحو خوصصة التعليم من الأولي إلى العالي، ثم لضرب مجانية التعليم على المستوى التأهيلي والعالي"، معتبراً أنّ "مجانية التعليم خط أحمر، ويجب العمل على توفير تعليم عمومي موحد".