بعد تأجيل دام أشهر، صادق بنك المغرب، خلال اجتماعه الأسبوع الجاري، على المخطط الإستراتيجي 2019-2023، والذي سيكون خارطة طريق جديدة للخمس سنوات المقبلة والذي يعد المخطط السادس من نوعه منذ سنة 2004. وكان من المتوقع أن يعتمد بنك المغرب هذه الإستراتيجية نهاية السنة الماضية؛ لكن جرى تأجيل ذلك إلى مارس الحالي، من أجل إدماج البُعد الرقمي الذي فرضه تعاظم تحديات العُملات الرقمية في العالم. وقد استند في إعداد هذه الإستراتيجية على عدد من الاجتماعات والمناقشات، ودراستين استقصائيتين شاملتين للمملكة. ويسعى بنك المغرب، من خلال هذا المخطط الجديد، إلى أن يكون بنكاً مركزياً فعالاً وقوة للتغيير، من خلال توجهين اثنين؛ أولهما الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي بما يعود بالنفع على التشغيل والنمو المستدام والشامل، أما الثاني فيتحدث عن مواصلة تحول البنك دعماً للابتكار وتكريساً لثقافة الابتكار في العصر الرقمي. وحسب وثيقة المخطط الإستراتيجي الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، فإن التوجه الأول لبنك المغرب يتضمن مواصلة إصلاح نظام صرف العُملة الوطنية وتطوير الخبرة الاقتصادية والمالية من خلال إعادة هيكلة الجهاز الإحصائي، إضافة إلى تحسين شروط تمويل الاقتصاد الوطني لفائدة المقاولات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز الشمول المالي. كما يتعهد البنك المركزي المغربي بإيلاء الاهتمام لاستقرار وقدرة النظام المالي على الصمود من خلال مواءمة الآليات القانونية، خصوصاً تلك المتعلقة بالإشراف انسجاماً مع المعايير الدولية المُستحضرة للمخاطر الجديدة، ناهيك عن تطوير أنظمة ووسائل الأداء لكي تكون مؤمنة وأكثر ابتكاراً. وأشار البنك، في إطار هذا التوجه الأول، إلى أن البنوك المركزية العالمية تواجه تحدياً يتمثل في تطور العملات الرقمية، وأكد في هذا الصدد أنه سيواصل متابعة هذه القضايا ومناقشتها مع السلطات التنظيمية الأخرى وبحث تأثيراتها على النظام المالي الوطني من حيث المخاطر والتنظيم. أما التوجه الثاني للمخطط الإستراتيجي الجديد، فيضم تدابير مواصلة تحوله دعماً للإبداع وتكريساً لثقافة الابتكار في العصر الرقمي من خلال التركيز على الرأسمال البشري بالاعتماد على تدابير جديدة للمسارات المهنية وتطوير الكفاءات لمستخدميه، إضافة إلى بلورة إستراتيجية رقمية طموحة وملاءمة نظام المعلومات وتعزيز أمن الفضاء الإلكتروني. ومع تطور مهام بنك المغرب، ستشهد السنوات المقبلة ملاءمة حكامته وتنظيمه، كما ستتواصل عملية تحويل دار السكة لتصبح وحدة اقتصادية مرجعية بإمكانها طباعة الأوراق النقدية الأجنبية وإنتاج منتجات آمنة، والعمل على تطوير شراكات مع العالم الأكاديمي وطنياً ودولياً، واعتماد سياسة تواصلية مع الجمهور الواسع بمحتوى متنوع. ويقر بنك المغرب بأن إستراتيجيته الجديدة تأتي في سياق وطني مطبوع بأداء اقتصادي ضعيف، ولذلك يؤكد أنه مدعو إلى تقديم مساهمة أكبر من تدخله التقليدي، خصوصاً أن اقتراحاته بخصوص القضايا الاجتماعية والاقتصادية، مثل السياسات العامة والنموذج التنموي، مترقبة على أوسع نطاق.