وجَّه أطباء العيون بالقطاع الخاص انتقادات لاذعة إلى وزارة الصحة، بخصوص مشروع القانون رقم 45.13 المتعلق بمزاولة مهن الترويض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي، على خلفية إحالته على مجلس المستشارين، بعدما تم تمريره في الغرفة الأولى، منذ عهد الوزير السابق الحسين الوردي، معتبرين بأن أصل الخلاف يعود إلى "منح النظاراتيين صلاحية إجراء الفحوصات الطبية، على الرغم من عدم توفرهم على تكوين دقيق في المجال". وردت النقابة المهنية الوطنية للمبصاريين المغاربة على الاتهامات الموجهة إليها، عبر منبر جريدة هسبريس، نافية جميع المعطيات التي صرحت بها نقابة أطباء العيون بالقطاع الخاص، ومؤكدة أن ظهير 1954 يسمح بمزاولة المهنة، مشيرة إلى وجود فرق شاسع بين فحص البصر وقياس البصر، ومعتبرة أن أصل الخلاف مرده إلى "المصالح الشخصية لأطباء العيون فقط". أطباء العيون: فحص البصر اختصاص ذاتي في هذا السياق، قال الدكتور محمد شهبي، النائب الثاني للنقابة الوطنية لأطباء العيون في القطاع الخاص، إن "القانون ورثناه من عهد الحسين الوردي، وزير الصحة السابق، بحيث تم تمريره بدون أي مشاورة مع أطباء العيون، ولا يخص مشروع القانون طب العيون فقط، وإنما يُنظم المهن شبه الطبية، من قبيل الترويض والتقويم والنظاراتيين، ولعل المشكل الذي تواجهه النقابة يتمثل في المادتين 6 و9". وأضاف شهبي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المادة السادسة بالنسبة إلى النظاراتيين، بفعل الفراغ القانوني الموجود، إذ يوجد سوى ظهير 1954 خلال الحماية، ولا يسمى بالظهير الشريف مثلما يدّعون ذلك، حينما كان عدد أطباء العيون بالمغرب صفر في تلك الفترة؛ وهو ما خوّل للنظاراتي القيام بالفحص الطبي، ومن ثمة أدخلت الوزارة المادة الخامسة من الظهير السابق في مشروع القانون، لتصبح بذلك المادة السادسة؛ بعدما تم نقل المادة سالفة الذكر بالحرف". وأوضح النائب الجهوي لنقابة أطباء العيون بالقطاع الخاص في جهة الدارالبيضاء-سطات أن "خطورة الأمر تتجلى في منح النظاراتي صلاحية القيام بالفحوصات الطبية، على الرغم من عدم توفره على أي تكوين في المجال؛ لأنه درس الفيزياء وما يسمى بالمادة الميّتة؛ أي أنه يشتغل في الزجاج والمقاسات فقط، وليس مقاسات العين، بينما اجتاز الأطباء امتحان الولوج لكلية الطب التي درسوا فيها سبع سنوات، ثم نجحوا في امتحان الولوج للتخصص لمدة خمس سنوات أخرى، فضلا عن اشتغالنا داخل الجسم الطبي ككل، لنتمكن في نهاية المطاف من إجراء الفحوصات والتشخيص". ويؤكد الاختصاصي في طب العيون أن "النظاراتي صار يتوفر على الأجهزة المتخصصة في العيون، مع الأسف؛ بل يوهمون الناس بأنهم يستفيدون من فحص للعيون، وإنما يتعلق الأمر بفحص جزئي فقط، لأن التشخيص لا يقتصر على المقاسات فقط، ولا يعني بأن العين سليمة بتاتا، فهنالك من لديه 10/10 في المقاس، لكن حقله البصري تعتريه العديد من المشاكل المتعلقة بالالتهابات في العصب البصري أو زرق العين أو التورم في الدماغ". "لن يصل المريض عند الطبيب المختص حتى يجد نفسه في حالة خطيرة، ونتوفر في النقابة على حالات متعددة تأخرت في العلاج؛ وهو ما دفعنا إلى المطالبة بالتقنين، لكي تكون الأمور واضحة للجميع"، يورد المتحدث، مردفا: "لا يمكن لأي شخص بالتشخيص والفحص، دون توفره على تكوين محدد، وهي سابقة في العالم ككل، بعدما تم تمرير مشروع القانون في الغرفة الأولى سنة 2016، بدون أن تتشاور معنا الوزارة أو تستدعينا للحوار؛ ما جعلنا نعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين، لتدارك المسألة وإرجاع المشروع إلى مجلس النواب للتعديل؛ كما سننظم يوما دراسيا رفقة النظاراتيين لتفسير اختصاصات كل فئة على حدة". المبصاريون: فرق بين فحص وقياس البصر في المقابل، نفت مينة أحكيم، رئيسة النقابة المهنية الوطنية للمبصاريين المغاربة، كل الاتهامات الموجهة إلى النظاراتيين، وزادت: "أطباء العيون الذين يتحدثون عن فحص العيون من قبل النظاراتيين خاطئ جملة وتفصيلا، لأنه يوجد ظهير 1954 الذي ينظم المهنة والقطاع ككل، بل نحن من الأوائل الذي نطالب بالتقنين بالدرجة الأولى، على أساس أننا نتوفر على الحق في قياس البصر، وشتّان بين فحص البصر وبين قياس البصر؛ لأن الفحص من اختصاص الطبيب فقط، ما يجعلهم يقومون بتغليط الرأي العام فقط، من خلال الخلط بين المفاهيم". وأكدت أحكيم، في تصريح أدلت به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "قياس البصر يروم معرفة الشدة البصرية بالنسبة إلى العين السليمة، وهي محددة بقانون وشروط واضحة، بحيث تكون هنالك حالات ترضية توجه أساسا إلى الطبيب المختص في العيون، بينما يمتاز المغرب بقياس البصر على غرار الدول المتقدمة؛ لأن مهنة النظاراتي ليس بأمر مستجد، بل نشتغل طبقا لظهير 1954، وتوجد العديد من الدول التي التحقت بهذه القوانين في الفترة الأخيرة، ولم نقم بتشريعها". وأوضحت الفاعلة المهنية، التي بدا عليها الاستياء من الحملة "غير المفهومة" وفق تعبيرها، أن "الأمر كله يتمحور حول صراع مصالح لا غير؛ لأنهم يخافون على جزء من السوق، وهو أمر يمكن تفهمه أو عدم تقبله حسب الزاوية التي ننظر منها للموضوع، لأن الخريطة الصحية في العالم تظهر أن الدول الأوروبية متقدمة للغاية في قياس البصر مقارنة بالمغرب، وخير دليل على ذلك هو الجارة الإسبانية التي أتوفر على وثائق بخصوص ما أقوله، ولم نصل بعد إلى هذا التقدم، لأننا نقتصر فقط على قياس البصر". وشددت المتحدثة على أن "أطباء العيون يطالبون بإلغاء مهنة النظاراتي، وهي سابقة في العالم ككل، بل ستكون نكسة؛ لأن المغرب سمح لهذه المهنة منذ 1954، والآن يريدون إرجاعنا إلى ما قبل ظهير 1954، في الوقت الذي يتطور فيه العالم. كما يضيف الأطباء أن المبصاريين لا يتوفرون سوى على تكوين ثلاث سنوات بعد الحصول على البكالوريا، علما أنه أمر واضح ومفهوم، لكن توجد العديد من الحالات الطبية التي يستعصي علاجها بالمغرب، وكان من الأحرى أن يخصص هؤلاء الأطباء ذوو 12 سنة من التكوين وقتهم لعلاج هذه الحالات التي تتوجه إلى أوروبا بغية التداوي، بينما يفضلون خلط المفاهيم فقط للرأي العام، بدل تطوير الأمراض المستعصية بالمغرب". "المفارقة أن هؤلاء الأطباء يشغلون في عياداتهم أربع إلى خمس نظاراتيين بمقابل مادي لا يتجاوز 3000 درهم؛ لكن حينما يقرر الاشتغال لصالحه ينتفضون ضد القرار، فضلا عن وجود مئات المواطنين في مناطق مهمشة، من قبيل فكيك وغيرها، لا يتوفرون على طب اختصاصي في العيون، بل يجب عليهم التوجه إلى المدن الكبرى قصد إجراء الفحوصات. إنها مصالح شخصية لا غير، وليست لها أي علاقة بمصلحة المواطن"، تورد أحكيم. ويردف المصدر عينه: "أصل المشكل يعود إلى إقدام بعض المبصاريين على فتح المجال للفحص بالمجان؛ الأمر الذي شكل خطورة على مصالحهم الشخصية، لأنه يجب على المواطن أن يذهب إلى العيادة ويؤدي ثمن العلاج، فضلا عن كون طبيب العيون لا يقوم بعلاج جميع المرضى، وإنما يكلف طاقمه الطبي بفحصهم، والأهم من ذلك هو أننا نشتغل 65 سنة في المجال دون أن نسمع بوفاة شخص جراء قياس النظر، بينما نسمع بعشرات الناس يموتون بسبب الأخطاء الطبية". أما مسألة العشوائية في القطاع، تستطرد أحكيم: "نرد بأنها ليست قاعدة، وما تأسيس النقابة إلا لمحاربة الظاهرة، ويدعون كذلك أن الظهير استعماري، ولا يضيفون للرأي العام أن أغلب قوانين المغرب موروثة من الاستعمار في التعمير والقضاء وغيرها. لماذا يريدون إلغاء هذا القانون بالذات؟، إنه اللامنطق. كما يوجد أحد أطباء العيون يتفاخر بإنجازه لعملية جراحية لتغيير لون العين، علما أنه أحضر طاقما طبيا من مدريد لإنجازها، في الوقت الذي لا يجد فيه المغاربة حتى ثمن شراء الدواء في الهوامش".