تباينت ردود الفعل الجزائرية على قرارات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بشأن الفترة الانتقالية في البلاد بين القبول والرفض . وقرر بوتفليقة ، في رسالة وجهها إلى الشعب مطلع الأسبوع الجاري، تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان مقررا لها في 18 أبريل المقبل، وعدم ترشحه لولاية خامسة ، إضافة إلى إجراء "تعديلات جمة" على تشكيلة الحكومة وتنظيم الاستحقاق الرئاسي، عقب الندوة الوطنية المستقلة ، تحت إشراف حصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة. وأكد المحلل السياسي الجزائري أحمد عظيمي، أن "قرارات بوتفليقة غير مؤسسة ومخالفة للدستور الجزائري، الذي لا يمنح الحق لرئيس الجمهورية في توقيف المسار الانتخابي، إلا في حالة الحرب، وهذا مالا تعيشه الجزائر، حيث أن حراك الشارع سلميا لا يهدد أمن الدّولة ولا استقرارها". وقال عظيمي ، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، إن مضمون ما بعث به بوتفليقة لشعبهيشبه حدّ التطابق مع رسالته التي وجّهها للأمة في 15 أبريل 2011، مشيرا إلى أن "من يتحقّق من ذلك سيدرك أنه لا يوجد أي فرق بين ما أراد إيصاله قبل ثمان سنوات واليوم" . وأبدى الدكتور عظيمي استياءه مما وصفه ب"كمية الاستخفاف التي حملتها الرّسالة، حيث تجاهلت مرة أخرى مطالب الشعب الغاضب"، مشيرا إلى أن " المعارضة قدّمت مجموعة من المقترحات ، تصب في مجملها في مصلحة البلاد، كما كانت رسائل المحتجين الذين ملأوا الشوارع بمختلف مناطق الوطن، ومطالبهم واضحة وهي استرجاع السلطة للشعب". واعتبر القرارات التي خرج بها بوتفليقة "مجرد محاولة فاشلة للالتفاف على الإرادة الشعبية بالتغيير الوهمي"، مشيرا إلى أن "استخدام مصطلح العدول عن الترشح للعهدة الخامسة، "هو ضحك على ذكاء الجزائريين الذين فهموا اللعبة السياسية". وقال المحلل السياسي إن بوتفليقة يطمح للبقاء في الحكم مدى الحياة، مستخدما كل المراوغات لتحقيق ذلك رغم الرفض الشعبي القاطع للفكرة . وفي سياق، آخر رحبت الحركة الشعبية الجزائرية بقرارات بوتفليقة لاسيما المتعلقة بتأجيل الانتخابات ، معتبرة ذلك " استجابة لمطالب المسيرات الشعبية التي كان مطلبها الرئيسي عدول الرئيس عن الترشح لعهدة رئاسية خامسة و تغيير النظام السياسي". وقالت الحركة، في بيان، إن هذه القرارات ستساهم بصفة فعالة في تهدئة الأوضاع وتعزيز المسار الديمقراطي في الجزائر، مؤكدة دعمها لكافة الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والكفاءات الوطنية للمشاركة الفعالة في إنجاح الندوة الوطنية الشاملة و المستقلة، والمساهمة في إعداد دستور جديد وإثراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة للولوج إلى جمهورية جديدة. وأضافت :" سَيُتوج هذا المسار بتنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة تحت الإشراف الحصري للجنة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات"، معبرة عن أملها أن تقود كفاءات وطنية مُعترف بها هذه المرحلة . وأوضحت الحركة الشعبية الجزائرية أن الطموحات الشعبية المعبر عنها في المسيرات الأخيرة قد لاقت صدى إيجابيا عن طريق القرارات الواردة في رسالة رئيس الجمهورية، داعية كافة الشعب الجزائري إلى المساهمة بكل عزيمة في إنجاح هذا المسار. من جهته ، قال عبد الرزاق مقري رئيس الحزب الإسلامي الأكبر في الجزائر؛ حركة مجتمع السلم، إن "الإجراءات التي أعلنها رئيس الجمهورية لا ترقى إلى طموحات الشعب الجزائري الذي خرج بالملايين في مختلف الولايات يطالب بتغيير فعلي". وأضاف أن "هذه الإجراءات هي التفاف على إرادة الجزائريين يقصد بها تفويت الفرصة التاريخية للانتقال بالجزائر نحو تجسيد الإرادة الشعبية والتخلص نهائيا من النظرة الأحادية الفوقية". وأكد مقري، في بيان، أن "إجراءات التأجيل التي أُعلِن عنها لا تتوافق مع مبادرة حركة مجتمع السلم التي عرضتها على الرئاسة والمعارضة بكل شفافية ووضوح، وهي إفراغ لمحتواها واستعمال لصدقيتها ومصداقيتها لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال". واعتبر مقري أن "قرارات بوتفليقة تفتقد إلى الإطار القانوني والدستوري الذي حرصت عليه الحركة منذ اللحظة الأولى في حواراتها مع رئاسة الجمهورية والأحزاب والشخصيات حيث أن الحركة دعت في حالة تحقق التوافق الوطني ، باعتباره عقدا اجتماعيا جديدا ، إلى تعديل دستوري جزئي متوافق عليه يبيح التأجيل". ودعت الحركة "جميع الأطراف إلى تغليب لغة الحوار الذي لا يقصي أحدا في الطبقة السياسية والمجتمع المدني ويشمل شباب الحراك الشعبي بما يجسد التوجه الوطني الصادق نحو ما يحقق الانتقال الديمقراطي السلس المتفاوض عليه كما نصت عليه وثيقة مزافران ومبادرة التوافق الوطني وما تطلبه الجموع في الساحات، على شاكلة ما حدث في العديد من الدول التي مرت بظروف مشابهة أو أصعب من ظروف الجزائريين". *د.ب.أ