في أول تصريح له بخصوص واحد من الملفات الخارجية الكثيرة المطروحة على طاولته، قال رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران بأنه "مصدوم" إزاء القمع الذي يمارسه النظام السوري ضد الاحتجاجات الشعبية المعارضة لحكم الرئيس بشار الأسد. وعقب المحادثات التي أجراها لتشكيل الحكومة التي كلفه الملك محمد السادس، الثلاثاء الماضي، برئاستها، بعد اكتساح حزب العدالة والتنمية لانتخابات 25 نونبر، قال بنكيران للصحافيين، الخميس فاتح دجنبر الجاري، "إن ما يجري في سوريا اليوم يتجاوز كل ما عرف عن منطق القمع ويفوق الخيال"، مضيفا "نحن نتألم لمصاب الشعب السوري". وهذا هو أول تصريح لرئيس الحكومة المرتقبة يتعلق بالسياسة الخارجية يقدمه زعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وهو ما يكشف التوجهات الأولية بخصوص تعاطي الحكومة مع بعض القضايا الخارجية والتي يطلب من المغرب تقديم رأيه فيها، خاصة وأن الحزب الإسلامي قد وضع من بين الأهداف الخمسة الكبرى في برنامجه الانتخابي "صيانة السيادة وتعزيز الإشعاع المغربي والريادة الخارجية". والملاحظ أن هذا التصريح يأتي منسجما مع الموقف الرسمي الذي سبق للمغرب أن اتخذه إزاء الأزمة السياسية الخانقة في سوريا، حيث استدعت المملكة قبل أسابيع سفيرها في سوريا غداة الهجوم على السفارة المغربية في دمشق، وذلك ساعات بعد احتضان الرباط، الأربعاء 16 نونبر، اجتماعا لوزراء خارجية الجامعة العربية أمهل الرئيس السوري بشار الأسد ثلاثة أيام لإنهاء حملة جيشه على المحتجين والسماح لفرق من المراقبين بدخول البلاد. غير أن دمشق لم تستجب للمطلب العربي، الذي جاء بعيد تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، مما زاد من تأزيم علاقتها بعموم الدول العربية وبينها المغرب. ويقود النظام السوري حملة قمع دموية في حق المنتفضين سلميا في وجهه، أدت حسب إحصاءات الأممالمتحدة إلى قتل أكثر من 3500 شخص على الأقل منذ منتصف مارس الماضي، ناهيك عن آلاف المعتقلين والمفقودين والجرحى. وكان حزب العدالة والتنمية، الذي سيقود الحكومة المقبلة، قد فاز ب107 مقعدا من مقاعد مجلس النواب، البالغ عددها 395 مقعدا، في انتخابات 25 نونبر التي جاءت في لحظة سياسية شديدة التعقيد، وهو أول فوز لحزب إسلامي في المغرب.