تعتزم الدول العربية قطع العلاقات التجارية مع حكومة الرئيس السوري بشار الاسد وتجميد أصولها ردا على إراقتها لدماء السوريين المتواصل في البلاد، حيث قال ناشطون إن 42 مدنيا وجنديا قتلوا أول أمس، فيما دعت دول عربية عديدة رعاياها لمغادرة سوريا فورا. وأوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية في اجتماعه على مستوى وزراء المال والاقتصاد، مساء أول أمس، في القاهرة، مجلس وزراء الخارجية العرب بفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية على الحكومة السورية، تتضمن وقف سفر الشخصيات والمسؤولين السوريين إلى الدول العربية وعقوبات مالية واقتصادية. وتضمنت العقوبات التي أوصى بها وزراء المال والاقتصاد مجموعة من الإجراءات الأخرى؛ هي: «وقف رحلات خطوط الطيران إلى سوريا، ووقف التعامل مع البنك المركزي السوري، ووقف المبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية باستثناء السلع الاستراتيجية التي تؤثر على الشعب السوري». وكما أوصى الوزراء بوقف التعاملات المالية مع الجمهورية العربية السورية، ووقف جميع التعاملات مع البنك التجاري السوري. وشملت التوصيات أيضًا «وقف تمويل أي مبادلات تجارية حكومية من قبل البنوك المركزية العربية مع البنك المركزي السوري، والطلب من البنوك المركزية العربية مراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية؛ باستثناء الحوالات المصرفية المرسلة من العمالة السورية في الخارج إلي أسرهم في سوريا». وأوصى الوزراء بتجميد تمويل إقامة مشاريع على الأراضي السورية من قبل الدول العربية. وأكد وزراء المال والاقتصاد أنه في حال إقرار وزراء الخارجية للعقوبات فإنه ينبغي تكليف الهيئة العربية للطيران المدني وصندوق النقد العربي متابعة تنفيذها. كما قرروا «تشكيل لجنة من الدول العربية لوضع قائمة بالسلع الإستراتيجية وفقًا لمعايير محددة بعد إقرار العقوبات، وشددوا في توصياتهم على مراعاة مصالح الدول العربية المجاورة عند تطبيق هذه العقوبات. وشارك نائب رئيس الوزراء التركي ووزير الاقتصاد علي بابا جان في الجلسة الافتتاحية للاجتماع، وشدد في تصريحات للصحفيين على أهمية التنسيق بين بلاده والدول العربية لمعالجة الأزمة السورية»، وعلى ضرورة ألا تمس العقوبات المقترحة الحاجات الحيوية للشعب السوري وعلى رأسها المياه. وكانت دمشق قد تجاهلت المهلة التي حددها وزراء الخارجية العرب عندما قرروا الخميس الماضي دعوة الحكومة السورية إلى التوقيع على البروتوكول الخاص بالمركز القانوني ومهام بعثة مراقبي الجامعة العربية إلى سوريا في موعد أقصاه الجمعة الخامس والعشرون من نونبر. وسترفع هذه التوصيات، التي وردت في قرار للوزراء وزِّع على وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العربية والعالمية، إلى وزراء الخارجية العرب الذين من المقرر أن يكونوا قد اجتمعوا أمس الأحد في العاصمة المصرية لمناقشتها وإقرارها، في وقت اعتبرت الأممالمتحدة أن لا حاجة لفتح ممر إنساني في سوريا، التي شهدت سقوط مزيد من القتلى المدنيين. وكان وزراء الخارجية قد قرروا الخميس الماضي فرض عقوبات اقتصادية على الحكومة السورية، وطلبوا من وزراء الاقتصاد والمال العرب إعداد قائمة بهذه العقوبات على أن تعرض عليهم خلال اجتماع (أمس) الأحد. ويأتي فرض العقوبات الاقتصادية على سوريا في إطار تصعيد الضغوط على نظام بشار الأسد الذي أوغل في دماء السوريين؛ من أجل حمله على وقف قمع المتظاهرين المعارضين للنظام الذي أسفر منذ منتصف مارس الماضي عن سقوط أكثر من 3500 قتيل؛ وفقًا للأمم المتحدة. في المقابل، أعلن كل من العراق والأردن ولبنان أنها لن تطبق العقوبات الاقتصادية المنوي اتخاذها ضد سوريا، وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، أول أمس، أن بغداد “أعلنت تحفظها على مشروع قرار الجامعة العربية لفرض عقوبات اقتصادية على سوريا”، وأضاف “كما أن لبنان والأردن أعلنا تحفظهما أيضاً لوجود علاقات اقتصادية كبيرة مع سوريا التي يوجد فيها عدد كبير من العراقيين”. وتابع “بالتالي لا يمكن من وجهة نظر العراق فرض عقوبات على سوريا لذلك أعلنا تحفظنا على هذه المسألة”. وكان وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أعلن الخميس أن بيروت لن تصوت لصالح العقوبات. وشدد وزير الخارجية الأردني ناصر جودة على ضرورة أن تكون قرارات الجامعة العربية، “منسجمة مع مصالح كل دولة”، مشدداً على أن للمملكة “مصالح معروفة وواردات تأتي براً من خلال سوريا”. دعوة لمغادرة سوريا فورا في الأثناء، دعت العديد من الدول العربية رعاياها إلى مغادرة سوريا فورا بسبب أعمال العنف المستمرة وما قد ستؤول إليه الأوضاع بعد قرار الجامعة العربية تشديد العقوبات على النظام السوري. ففي البحرين طلبت وزارة الخارجية في بيان، أمس، من البحرينيين مغادرة سوريا «نظرا للأوضاع الأمنية غير المستقرة» ونصحت الوزارة مواطنيها «بعدم السفر إلى سوريا وذلك حرصا على سلامتهم وتجنبا لإصابتهم بأي مكروه». كما دعت قطر القطريين إلى مغادرة سوريا «في أسرع وقت». وجاء في بيان الخارجية القطرية «نظرا للظروف والأوضاع الأمنية السائدة في سورية، فإن وزارة الخارجية تهيب بكافة المواطنين القطريين عدم السفر إلى سوريا فى الوقت الحالي حرصا على سلامتهم». وكانت الإمارات العربية المتحدة قد طالبت المواطنين الإماراتيين الموجودين في سوريا بالمبادرة إلى مغادرتها. ودعت الخارجية الإماراتية المواطنين الراغبين في السفر إلى سوريا إلى تأجيل خطط سفرهم نتيجة للأوضاع المتوترة التى تشهدها. وقال مدير إدارة شؤون المواطنين بالوزارة السفير عيسى عبد الله الكلبانى: إنه «انطلاقا من حرص الإمارات العربية المتحدة على أمن وسلامة مواطنيها فى الخارج، تهيب وزارة الخارجية بمواطنى دولة الإمارات تأجيل خطط سفرهم إلى الجمهورية العربية السورية، وذلك نتيجة للأوضاع المتوترة التى تشهدها». يشار إلى أن لجنة حقوق الإنسان بالجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت، الثلاثاء الماضى، بأغلبية 123 صوتاً مقابل 13 لصالح تبنى قرار برعاية العديد من الدول «يدين بشدة الانتهاكات المستمرة الخطيرة والمنهجية لحقوق الإنسان من قبل السلطات السورية».