تولت يوليا تيموشينكو رئاسة وزراء أوكرانيا مرتين، وكانت وجها عالميا للثورة البرتقالية، وزج بها رئيسان في السجن، كما استهدفتها مساع للمدير السابق لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانتخابية بهدف تشويه سمعتها. لكن تيموشينكو، التي تبلغ من العمر 58 عاما وتتميز بخطاباتها الرنانة واشتهرت يوما بضفائرها الريفية، تأمل أن تطيح بخصمها القديم، الرئيس بترو بوروشينكو، في انتخابات تشتد المنافسة فيها وتجرى في 31 مارس الجاري. وتنطوي حملة تيموشينكو الانتخابية على تحديات صعبة؛ إذ تعد بالإصلاحات واستمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي، فيما تتعهد بخفض زيادات كبيرة في أسعار الغاز المستخدم لتدفئة المنازل، حددها صندوق النقد الدولي شرطا لتقديم مزيد من القروض. وسيقود الفائز في الانتخابات أوكرانيا بعد خمس سنوات من نجاح احتجاجات ميدان في الإطاحة بزعيم كان يحظى بدعم الكرملين، ووضع البلاد على مسار موالاة للغرب ومواجهة دامية مع روسيا. وتحظى تيموشينكو بشعبية في أوساط الناخبين الأكبر سنا، وتعد بزيادة المعاشات إلى ثلاثة أمثالها في حالة فوزها بالرئاسة. وبعدما كانت الأوفر حظا للفوز في بداية السباق الانتخابي، أصبحت تتذيل المنافسة التي تخوضها مع بوروشينكو والممثل الكوميدي فولوديمير زيلينسكي. وقد تكون تصريحات تيموشينكو لاذعة أحيانا؛ فقد سبق ووصفت زيادة أسعار الغاز بأنها "إبادة جماعية"، ويصفها منتقدوها بأنها شعبوية. وردا على سؤال عما إذا كانت ترى هذا منصفا، قالت تيموشينكو لرويترز في مقابلة إن "مافيا بوروشينكو الفاسدة" استخدمت هذا الوصف للتشهير بها. وأضافت في مقابلة نادرا ما تجريها مع مؤسسة إعلامية أجنبية أن أتباع بوروشينكو يستخدمون فنون السياسة السوداء "للنيل من خصومه الجادين ذوي النفوذ، لهذا اختاروا لي كلمة شعبوية". ويشعر الكثير من المستثمرين بالراحة لالتزام بوروشينكو بالبرنامج الذي وضعه صندوق النقد الدولي لأوكرانيا وقدم الدعم للبلاد وقت الكساد والحرب ضد الانفصاليين المدعومين من الكرملين في منطقة دونباس الشرقية. وبالنسبة للتعامل مع روسيا، تعتزم تيموشينكو الالتزام بمحادثات السلام في مينسك التي أوقفت سفك الدماء في دونباس لكنها لم تضع نهاية له. ودعت تيموشينكو إلى مفاوضات أوسع نطاقا بمشاركة الولاياتالمتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. قفص الاتهام أُطلق على تيموشينكو لقب "أميرة الغاز" بفضل الصفقات المربحة التي أبرمتها عند توليها رئاسة شركة كبيرة للطاقة في تسعينات القرن الماضي. وجذبت اهتمام العالم خلال الثورة البرتقالية في أوكرانيا عامي 2004 و2005 عندما واجهت خصمها الموالي للكرملين فيكتور يانوكوفيتش. وعندما أصبح يانوكوفيتش رئيسا في نهاية المطاف، زج بتيموشينكو في السجن، مما أثار غضبا عالميا فأصدر الرئيس السابق تقريرا من 187 صفحة عام 2012 لتبرير سجنها، بمساعدة بول مانافورت الذي تولى فيما بعد منصب مدير الحملة الانتخابية لترامب. وأدين مانافورت فيما بعد في إطار تحريات المحقق الأمريكي الخاص روبرت مولر بشأن التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016. وتشير عريضة الإدانة إلى أن مانافورت استخدم حسابات خارجية لدفع أربعة ملايين دولار سرا لكتابة التقرير الخاص بتيموشينكو عندما كان مستشارا لحزب الأقاليم الذي ينتمي إليه يانوكوفيتش. ودعت تيموشينكو إلى مساءلة بوروشينكو في فبراير بسبب مزاعم فساد تتعلق بابن أحد أقرب حلفائه، كشفت عنها شبكة من الصحافيين الاستقصائيين. ووصفت تيموشينكو المزاعم بأنها طرف الخيط، وقالت إنها ستحاكم بوروشينكو إذا فازت بالرئاسة، وأضافت: "تحت السطح، يوجد هرم من الفساد كبُر كثيرا على مدى خمس سنوات"، متابعة: "نعتقد أننا سنفوز في الحملة الرئاسية، وسيمثل الرئيس وحاشيته المجرمة الفاسدة أمام العدالة". سباق ثلاثي وتيموشينكو من المعجبين برئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت ثاتشر، وتحتفظ في مكتبها بنسخة من مذكرات ثاتشر موقعة بخط اليد. وهذه ثالث مرة تخوض فيها تيموشينكو انتخابات الرئاسة بعدما خسرت أمام يانوكوفيتش عام 2010 وأمام بوروشينكو عام 2014. وردا على سؤال عمن ترى أنه خصمها الرئيسي في الانتخابات هذه المرة، اختارت تيموشينكو الرئيس بوروشينكو. لكن اسم زيلينسكي هو الذي يتصدر الساحة الآن كأوفر المرشحين حظا للفوز، بعدما أعلن ترشحه للانتخابات في ديسمبر. ويستغل زيلينسكي استياء البعض من بطء وتيرة التغيير منذ احتجاجات ميدان. وبسؤالها إن كان باعها الطويل في السياسة نقطة ضعف أم قوة، قالت تيموشينكو: "أعتقد أن أوكرانيا ينبغي أن تكف عن التصويت لشخص أو لأسرة أو لدعاية مبتكرة جذابة، للمرة الأولى ينبغي علينا التصويت ليس للأشخاص بل لبرامج العمل الحقيقية الجادة ذات الأساس السليم. نحن فقط من نملك مثل هذه البرامج اليوم". *رويترز