يعج عالمنا بمواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت باستعمالها الكبير وانتشارها الرهيب بين جميع الفئات والأعمار فضاء خصبا لتبادل المعلومات وتقاسم الرؤى والأفكار. والمثير للانتباه هو ما درج عليه الكثير من رواد هذه المنابر من التفاخر بمثاليات بعيدة عن الواقع؛ فثمة عدد هائل من صفحات وتدوينات التنمية الذاتية والدعوة إلى القيم العليا، بحيث إنه ليس بالضرورة أن يعكس كل ذلك الحياة الحقيقية لهؤلاء المستعملين. هناك ترابطات كثيرة لا تحصى على "السوشيال ميديا" وتغريدات لا تنتهي وتوجهات فكرية تتكون وتتبلور وتنتشر كالنار في الهشيم كل ساعة وكل دقيقة، ترابطات وعلاقات لا تنتهي دون المعنى الحقيقي للتواصل؛ لكن هل ذلك فقط ما نحتاج إليه؟ كيف يمكن لك أن تصل الرحم بلايك؟ كيف يمكن أن أمد يد العون لأقربائي وأصدقائي وأنا جالس 10 ساعات أمام الفيسبوك دون أن أذهب لزيارتهم وتفقد أحوالهم؟ كيف يسمح بعض مدعي الصحافة أن يروجوا على "السوشيال ميديا" الأخبار الكاذبة والزائفة بهدف البحث الوحيد عن الضجة الإعلامية وبعيدا عن ما يجب أن يتسم به الخبر من مصداقية وجدية وإفادة؟ إنه لأمر غريب أن يروج العديد من رواد "السوشيال ميديا" للأساطير والأكاذيب دون التأكد من صحتها ودون أن يتجشموا عناء بل واجب غربلتها. إن الفتنة الناجمة عن نشر الوقائع المزيفة أكبر من الزيف نفسه. والغريب أيضا هو تواتر عبارات من قبيل "انشرها تؤجر..، إن لم تنشر هذا الخبر فأنت لا تحب وطنك، بادر وانشر ولك الأجر عدد ما قرئ هذا المحتوى 10 مرات والله يضاعف لمن يشاء، عاجل: انشر حالا!"... ما هذا الهراء؟ إن كل مستخدم ل"السوشيال ميديا" يحتاج إلى تسطير ميثاق أخلاقي لحسن الاستخدام. إن هذا الميثاق يجب أن يكون ملزما ومتماشيا مع قيم الذوق السليم والحس النقدي والذكاء المعرفي وابتغاء الخير للغير. بمعنى آخر: 1 ألتزم بالمسؤولية التامة بالنسبة إلى كل محتوى أنشره؛ 2 أتعهد بأن لا أروج للأخبار الزائفة وأن أتأكد من مصدر أي محتوى قبل ترويجه؛ 3 أبتعد تماما عن إشاعة الكراهية والفتنة والعنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ 4 أهدف إلى تقاسم كل ما هو مفيد ويتماشى مع الحس النبيل والقيم الإنسانية الكونية؛ 5 لست صحافيا إلكترونيا وأترك للصحافيين المحترفين هذه المهمة. * خبير في الإعلام والتواصل