بسُتراتٍ صفراءَ مُسْتوحاةٍ من الاحْتجاجات الفرَنسية، وكمّامات جَاؤوا بها من عياداتهمْ الطّبية، جابَت حشُود غفيرة من أطباء الأسنان شوارع عدَّة بالعاصمة الرّباط، صباح اليوم، في مسيرة "الغضب" التي دعت إليها الفدرالية الوطنية لنقابات أطباء الأسنان بالقطاع الحر بالمغرب، وعرفت ترديد شعارات منددة بالحيف والتهميش اللذين يعاني منهما أطباء الأسنان، والمطالبة بإنصافهم وتحقيق مطالبهم. المسيرة التِي انطلقتْ زهاءَ الحادية عشر والنصف صباحًا، بالقُرب من مقرّ وزارة الصحة، رفعَتْ شعاراتٍ تراوحتْ بينَ المطالبة بالإنْصاف من الحيف والتعسفات الضريبية عبر إقرار نظام جبائي يراعي العدالة الضريبية، والقطْعِ مع الممارسات غير القانونية التي تهدّدُ صحة وسلامة المواطن. وصدحت حناجر المتظاهرين الذين كانوا يرْتُدون البذلة الرّسمية بشعارات من قبيل "ناضل يا طبيب ضدّ التهميش.. ضدَّ الحكرة"، "علاش جينا واحتجينا.. كنوبس طاغيا علينا"، "غاضبون غاضبون.. بالحقوق مطالبون"، "لا تغطية لا حقوق.. طبيب السنان راه محكور"، مهدّدينَ بالامتناعِ عن أداء الضريبة المهنية في حال لم تستجبْ الحكومة لمطالبهم. ولوحِظَ انتشارٌ كبير لعناصر أمنية بالزَّي المدني، التي ظلَّت تُراقب تحرك الأطباء الغاضبين الذينَ حجّوا من مختلف أقاليم المملكة، إلى غاية انتهاء الشَّكل الاحتجاجي الذي دامَ حوالي ساعة والنصف من الزَّمن. ويقُول المحتجّون إن "هذا الشّكل الاحتجاجي جاءَ بعدَ محطات نضالية سابقة نفّذتها الفدرالية لتأكيد عزمها الراسخ في مواصلة درب النضال حتى تحقيق جميع مطالب أطباء الأسنان العادلة والمشروعة، المتضمنة في المذكرة المطلبية التي وضعها ممثلو المجلس الفدرالي عقب المسيرة بالوزارات المعنية، وكرسالة تعبيرية على عمق معاناة هذه الفئة وحالة الاحتقان التي تعيشها". وتُطالب الفدرالية بضرورة وضْع حد للخروقات القانونية للصندوق الوَطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (كنوبس) وتعاضدياته، مشيرةً إلى أن هذه الأخيرة باتت ترفضُ عددا من الملفات التي يتقدم بها الأطباء "في خرق واضح للاتفاقية التي تجمع هيئة الأطباء الوطنية بها"، وفقَ التنظيم النقابي سالف الذكر. وفي السياق ذاته، طالبَ محمد مشرق، رئيس لجنة التواصل والإعلام في فيدرالية نقابات أطباء الأسنان، الحكومة بالاستجابة لمطالب أطباء الأسنان، مُستنكراً "الوضع الذي باتت تعرفهُ بلادنا بين جميع دول الجوار وغيرها فيما يخصُّ الممارسة غير القانونية لمهنة طب الأسنان المنظمة بقوانين"، داعياً إلى "حماية كرامة المهنة وصحة وسلامة المواطنين". وصرح الطبيب المحتج لجريدة هسبريس بأنَّ "طبيب الأسنان لا يتمتّعُ بالتغطية الصحية"، داعيا إلى ضرورة تسريع وتيرة التشاور حول النصوص التطبيقية للقانونين 9815 و9915 المتعلقين بالتغطية الصحية والتقاعد، وذلك من خلال اعتماد الدخل الجزافي المقترح من طرف المهنيين"، مع "الإسراع بإخراج مشاريع القوانين التي تخص قطاع طب الأسنان". وزادَ مشرق أن "القطاع يواجه إكراهات اقتصادية وقانونية ساهمَ في بروزها تواجد المتطفلين على المهنة دون دراسة أو شواهد"، وطالب بحقوق طبيب الأسنان الدستورية، وعلى رأسها "تغطية وتقاعد وفق دخل جزافي يراعي قدرة غالبية أطباء الأسنان كما سبق وأن اقترحته مؤسسات المهنة في الاجتماع التشاوري الثاني". من جانبه، طالبَ عادل الشرقاوي، طبيب أسنان مزاول بالقطاع الخاص في مدينة خريبكة، ب"الإنصاف من الحيف والتعسفات الضريبية عبر إقرار نظام جبائي يراعي العدالة الضريبية المنصوص عليها دستوريا"، مندداً ب"الخروقات القانونية للقانون 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية، وللاتفاقية الوطنية من طرف الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي". وشجبَ الطبيب ذاته تغاضي المسؤولين عن استمرار عمل مراكز طب الأسنان للتعاضديات التي تمارس خارج القانون، وتُفتتحُ بدون تراخيص قانونية". وتدعو نقابات أطباء الأسنان إلى تدخل وزارة الصحة كمسؤول مباشر عن الأمن الصحي للمواطنين، ووقف الممارسة اللاشرعية التي أصبحت عاملا أساسيا في انتشار داء التهاب الكبد الفيروسي والسيدا وغيرها من أمراض تثقل كاهل الدولة ماديا وتودي بحياة المواطنين وتهدد سلامتهم.