تستمرُّ لعبة شد الحبل بين أطباء الأسنان بالقطاع الحر ووزارة الصحة، فقد عاد أصحابُ البذلة البيضاء إلى الشارع للاحتجاج على ما اعتبروهُ "استمرار الحكومة في نهج سياسة التفقير للقطاع الصحي وسن إجراءات تعسفية جديدة على حساب قدرة وطاقة مهنيي القطاع المنهوك بالسياسة الضريبية المجحفة"، داعين إلى الإسراع في "تنظيم وهيكلة المهن الصحية ومحاربة الدخلاء على المهنة". وتشكل هذه الوقفة الاحتجاجية الخطوة التصعيدية الثانية ضمن البرنامج النضالي المسطر للفيدرالية الوطنية لنقابات أطباء الأسنان بالقطاع الحر، حيث رفع أطباء الأسنان الذين قدموا من مختلف جهات المملكة للاحتجاج أمام مقر وزارة الصحة بالرباط شعارات تستنكرُ تبني الحكومة سياسة فرض الأمر الواقع لتنزيل وتطبيق القوانين دون أي إشراك لممثلي الجسم النقابي للقطاع الصحي الخاص، في خرق سافر ومسبوق لتقاليد الحوار والمفاوضات والمقاربة التشاركية التي نص عليها دستور 2011. كما استنكر الأطباء استمرار الحكومة في نهج سياسة التفقير للقطاع الصحي وسن إجراءات تعسفية جديدة على حساب قدرة وطاقة مهنيي القطاع المنهوك بالسياسة الضريبية المجحفة، مهددة بذلك السلم والاستقرار الاجتماعي للقطاع برمته عوضا عن توفير الشروط الموضوعية والذاتية لتدعيم القطاع الصحي الخاص، الذي يلعب دورا اجتماعيا أساسيا رغم معاناته وخطر الإفلاس الذي يداهمه. نوال ربيعي، نائبة رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابات أطباء الأسنان بالقطاع الحر بالمغرب، أوردت، في تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية، أن "وقفة اليوم هي شكل آخر للتعبير عن التنديد بالتجاهل الحكومي ودعوة أخرى إلى الحكومة من أجل أن تتدارك تحمل مسؤولياتها كاملة أمام ما قد تؤول إليه الأمور نتيجة الاستخفاف بالملف المطلبي". وتطالب الفدرالية بضرورة وضع حد للخروقات القانونية للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي "كنوبس" وتعاضدياته، موردة أن هذه الأخيرة باتت ترفض عددا من الملفات التي يتقدم بها الأطباء "في خرق واضح للاتفاقية التي تجمع هيئة الأطباء الوطنية بها". ودعت المسؤولة النقابية الحكومة إلى وضع حد نهائي لكل الخروقات المرصودة للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي Cnops، ولحالة التنافي في الجمع بين التدبير لنظام التغطية الصحية وتقديم الخدمات العلاجية من طرف تعاضدياتها؛ مطالبة بوقف نزيف المراجعات الضريبية غير المعقولة والإسراع في إعادة النظر في السياسة الضريبة للقطاع وعدم إخضاعه للمنطق التجاري. وفي السياق ذاته، قال محمد مشرق، رئيس لجنة التواصل والإعلام في فيدرالية نقابات أطباء الأسنان، إن "القطاع يواجه إكراهات اقتصادية وقانونية ترتب عنها معاناة أطباء الأسنان ماديا بثقل تكلفة وجود عياداتهم ومعنويا بغياب أدنى حقوق الوجود كمواطنين لتغطية صحية محترمة ولتقاعد مناسب؛ بالإضافة لعدم صون كرامتهم بتواجد المتطفلين على مهنتهم دون دراسة أو شواهد من الممارسين اللاشرعيين لمهنة طب الأسنان". وانتقد مشرق ما اعتبره "استبعاد النقابات عن الحوار الاجتماعي في ما يخص كل القوانين التي تخص وضعيتهم الاجتماعية التي انتظروها لسنوات خلت؛ حتى لقي من لقي نحبه، وحتى عانى الكثير منهم ويلات الأمراض المزمنة، وحتى أفلست عيادات الأطباء؛ وأصبحت الهجرة إلى الخارج عنوان يأس لكل المهنيين بهذا القطاع الذي يعد دعامة أساسية للصحة". وتدعو نقابات أطباء الأسنان إلى تدخل وزارة الصحة كمسؤول مباشر عن الأمن الصحي للمواطنين ووقف الممارسة اللاشرعية التي أصبحت عاملا أساسيا في انتشار داء التهاب الكبد الفيروسي والسيدا وغيرها من أمراض تثقل كاهل الدولة ماديا وتودي بحياة المواطنين وتهدد سلامتهم. كما طالب بإلغاء الضرائب المباشرة وغير المباشرة على الآليات والمواد المستعملة؛ ومن بينها الضريبة على القيمة المضافة، والتي تجعل تكلفة العلاج مرتفعة وتحد من ولوجية المواطن إلى التطبيب.