قال عبد الله بوصوف، أمين عام مجلس الجالية المغربية بالخارج، إن ديباجة الدستور المغربي "ليست تنميقا للكلمات كما في مجموعة من الدول، بل تعكس واقعا تاريخيا حقيقيا"، وأضاف، أمس الجمعة في سياق افتتاح أنشطة رواق مجلس الجالية بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، أن المغاربة "مشكلون من كل هذه الروافد، ورغم تأثرهم بمظاهر دخيلة، لكنها ليست الأساسَ، بل الأساسُ هو احترام الآخرين والتسامح والوسطية". ويرى بوصوف أن "الثقافة المغربية كانت دائما موجودة في العالم وعملت، في تخصيب متبادل، على استيعاب الوافد، والعطاء في الخارج"، ويزيد موضّحا أن "الشخصية المغربية كانت دائما موجودة في العالم بشكل إيجابي ومتعال عن الزمان والمكان والسياسة، لأنها لو ارتبطت بجغرافية معينة أو نظام سياسي وحيد لاندثرت". واستحضر بوصوف توافق الأمّة المغربية، تأثيرا وتأثرا، بتعدّد واحترام للآخر وإدماج واستيعاب، جعل الشخصية المغربية لا تنقطع بانقطاع الانتماء، مستشهدا بوجود "أكثر من مليون شخص في السودان يحافظون على انتماءاتهم المغربية أكلا وتقاليد وأسماء واحتفالات، وفي لبنان وسوريا، والقارة الإفريقية التي تعرف وجود حاملين لأسماء بناني والمريني ببشرة سوداء". واستشهد الأمين العام لمجلس الجالية برحلة جوبا الثاني إلى روما للدراسة وزواجه بإحدى حفيدات كليوباترا في أوّل زواج مختلط، وتوفير ابن بطوطة معلومات فريدة للعالم، وتعدّد أسماء الرحالة المغاربة عبر التاريخ للحج وأوروبا، مستخلصا من هذا أن "الإنسان المغربي كان رحالة مهاجرا حاملا لمضامين شخصيته المغربية". مغرب الغد، حسب بوصوف، "سيكون بهجرته أو لا يكون"؛ لأن هناك خمسة ملايين مهاجر مغربي في العالم لهم درجة وعي كبيرة، ونسبة كبيرة منهم تشكل ما نسميه "النخبة"، وذكر في سياق آخر أن "تاريخ المغرب يبقى غير مفهوم دون إسبانيا، وتاريخ إسبانيا يبقى غير مفهوم دون المغرب، والإيجابيات بينهما تطغى على السلبيات". من جهته ذكّر بيدرو مارتينيث أبيال، المدير التنفيذي للبيت العربي بمدريد، بأن علاقة إسبانيا والعالم العربي أساسية بالنسبة لإسبانيا، نظرا للتاريخ المشترك، والتبادل الثقافي والديني بين هذه البلدان، وهو ما يفسر دور "البيت العربي" في مساعدة العلاقات الثنائية وخلق نافذة للعالم العربي بإسبانيا. وتحدّث أبيال عن دور الثقافة كوسيلة مهمة في التقريب بين الشعوب، مشدّدا على ضرورة الحفاظ على غنى الثقافة الأصلية واللغة بالنسبة للمغاربة في إسبانيا، مستشهدا بما لاحظه من تضييع جزء من الجيل الثالث الإسباني لغته الإسبانية بألمانيا. ودعا المتحدّث مجلس الجالية المغربية بالخارج إلى العمل حتى يعرف الإسبانُ، أيضا، المغاربة كجيران، متأسّفا من "امتلاء رؤية بعضنا لبعض بالأحكام المسبقة، رغم عمق جذورنا وطول تاريخنا المشترك"، ثم ذكر أن الفترة الاستعمارية جزء ضئيل من التاريخ المشترك، وأن "علينا استثمار القرون التي مضت في الأندلس من أجل التقارب". ووضّح المدير التنفيذي للبيت العربي أن هذه المؤسسة التي تجمع أزيد من مائة هيئة، وتعمل مع جميع الدول العربية، تعتبر بعض هذه الدول هي الأهم؛ ومن بينها المغرب، وهو ما يفسّر بالتاريخ المشترك والاقتصاد والاستقرار وسؤال الهجرة التي تمرّ كلها عبره، معبّرا عن رؤيته أن "هناء المغرب هو هناء إسبانيا".