يبدو أن التحول الذي برز في الدبلوماسية الفنزويلية تجاه المصالح المغربية قد عجّل بتحرك امتدادات جبهة البوليساريو داخل أمريكا الجنوبية؛ فقد سارع عمر منصور، المتحرك باسم الانفصاليين في المنطقة نفسها، إلى نفي حدوث أي اتصال بين ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، وبين خوان غوايدو، رئيس البرلمان الفنزويلي الذي أعلن نفسه رئيسا مؤقتا لفنزويلا ويراكم الاعترافات به. ولفت المسؤول في تنظيم البوليساريو الانتباه إلى أن كاراكاس لن تسحب اعترافها ب"جمهورية البوليساريو"، معتبرا أن الاتصال كان قصير المدة، وتم عبر السفارة الإسبانية وأحد مساعدي رئيس البرلمان الفنزويلي، وزاد: "إسبانيا هي من كانت وسيطة التلاقي، شريطة اعتراف الرباط بخوان غوايدو رئيسا لفنزويلا". وأضاف الوزير أن "العلاقات الفنزويلية بجبهة البوليساريو تحظى بدعم كل القوى السياسية للبلد"، وفق تعبيره، مذكرا بافتتاح البوليساريو لأول "سفارة لها" بالعاصمة كراكاس منذ سنة 1983. وفي مقابل كل هذا، شكل تصريح غوايدو الأخير لوزير الخارجية المغربي نقلة كبيرة في السلوك الدبلوماسي الفنزويلي، بتغيبه للجزائر وحديثه عن أفق جديد للعلاقات مع المملكة. ومعروفٌ أن "العلاقة بين المغرب والمحيط الرئاسي الفنزويلي يغلبُ عليها طابع التجاذب على مستوى الهيئات الدولية، حيث بعد أن أغلقت السفارة المغربية في فنزويلا سنة 2009، وتمت إعادتها فيما بعد، تُشكل ردهات الأممالمتحدة محط صراع دائم بين ممثلي البلدين بسبب مشكل الصحراء؛ وآخر فصول الصراع كانت في لجنة إنهاء الاستعمار، فقد انتفض عمر هلال في وجه فنزويلا عندما أدرجت قضية الصحراء ضمن مشاكل تصفية الاستعمار. وفي هذا الصدد، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن "النظام الجديد الذي يحاول أن يثبت أقدامه في فنزويلا هو نقيض النظام الحالي؛ فغوايدو له ميولات ليبرالية ديمقراطية، وتوجهه سيكون له الأثر الكبير على رسم السياسة الخارجية لفنزويلا، خصوصا أنه أكد أن التغيير يلوح في الأفق". وأضاف الحسيني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الدبلوماسية المغربية أصبحت تمارس سياسة استباقية على مستوى المواقف، على عكس السابق، حيث كانت تعتمد على الصمت في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع"، مشيدا بسياسة عدم ترك الكرسي فارغا، في مختلف المحافل والمؤسسات الدولية. وأوضح الأستاذ الجامعي أن "مثل هذه الفرص نادرة على مستوى فنزويلا، والمغرب يحسب هامش الربح والخسارة في الأمر"، مشيرا إلى أن "المملكة لن تخسر كثيرا في حالة بقاء مادورو، على اعتبار أنه معارض لمصالح المغرب على الدوام، بل سبق له أن وصفها بالاحتلال، وقارن قضية الصحراء المغربية بما يجري في فلسطين". وأردف الحسيني قائلا: "هذه فرصة مغربية لاختراق أمريكا اللاتينية"، مقللا من أهمية تصريحات جبهة البوليساريو بخصوص الاتصال بين وزير الخارجية ناصر بوريطة، ورئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو.