جَدلٌ كبيرٌ يرافق مقترح القانون المتعلق بإحداث المجلس الوطني الاستشاري للصحة، الذي تقدم به الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، أواخر شهر دجنبر الماضي، وأحيل على لجنة القطاعات الاجتماعية يوم 14 يناير الماضي، بعد أنّ اتهم المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية إخوان إدريس الأزمي ب"سرقة" فكرة إحداث المجلس المذكور. وتعود حيثيات هذا الجَدل، الذي يُنتظر أن يَعرف تطوّرات خلال الأيام المُقبلة، بعد قرار المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية رفْع تظلم إلى الديوان الملكي في الموضوع، إلى سنة 2013، حيث طرح المرصد فكرة إحداث المجلس الأعلى للصحة. وفي سنة 2016، تم عرْض هذه الفكرة على عدد من الأحزاب السياسية أملا في إخراجها إلى حيز الوجود. وأوضح مصطفى كرين، رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية، أنَّ فكرة إحداث المجلس الأعلى للصحة تبلورت من واقع الفوضى الذي يَسم قطاع الصحة العمومية، بسبب تعدّد المتدخلين والفاعلين المؤسساتيين؛ ما يؤدّي إلى بلورة مشاريع ومعالجة الإشكاليات المطروحة في غياب التنسيق، كما هو حاصل حاليا مع ظهور أنفلونزا الخنازير. وأفاد كرين بأنّ المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية وجّه نداء عبر موقع AVAZ لتقديم العرائض إلى الملك محمد السادس، ليتولى إحداث المجلس الأعلى للصحة، وجعْله ذا صبغة تقريرية تديره هيئة علمية مكونة من باحثين ومختصين في المجال الصحي، وليس هيئة استشارية، كما يريد حزب الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية أن يجعله. حرْص المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية على جعْل المجلس الأعلى للصحة هيئة تقريرية تحت رئاسة الملك "مردّه أنّ يتمتع المجلس بصفة الاستشارية سيجعل منه مؤسسة غير ذات جدوى"، حسب كرين، مضيفا "الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية يريد إحداث مجلس استشاري تحت إشراف الحكومة ليكون أداة للريع السياسي". ويتهم المتحدث ذاته الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب ب"سرقة فكرة إحداث المجلس الوطني الاستشاري للصحة، التي قدمها الفريق في صيغة مقترح قانون"، مضيفا أنّه ناقش هذا الموضوع مع المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، الذي اتصل بإدريس الأزمي الإدريسي، رئيس الفريق النيابي ل"البيجيدي"، وكان جواب الرميد "ما فيها باس إذا تبنّينا فكرة إحداث مجلس الصحة". كرين قال إنّ لا مشكلة لديه في أن يتبنى حزب سياسي ما فكرة إحداث المجلس الأعلى للصحة، "لكن شرْط أن يتم تبنّيها كما هي، دون تشويهها، كما فعل الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية"، ذاهبا إلى القول إنّ الهدف من مقترح القانون الذي تقدم به إخوان الأزمي "هو إفشال الفكرة التي طرحناها وإفراغها من مضمونها واتخاذها وسيلة لتحقيق أطماع سياسية". وأوضح كرين أنّ المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية بصدد توجيه رسالة إلى الملك في هذا الموضوع، بداية الأسبوع المقبل، "لفضْح هذا السلوك غير الأخلاقي الصادر عن برلمانيي حزب العدالة والتنمية، الذي يسعى إلى نيْل أموال طائلة لصرفها على هذا المشروع، لتحقيق أهداف سياسية، وهذا لا يليق بحزب سياسي يدّعي تخليق الحياة العامة". واقترح الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب أن تُناط بالمجلس الوطني الاستشاري للصحة، الذي تقدم بمقترح قانون إحداثه، مهامّ تتعلق بإبداء الرأي في القضايا المتعلقة بالمنظومة الوطنية للصحة والتكوين والبحث العلمي، وفي الاختيارات الوطني الكبرى والمشاريع الإستراتيجية في قطاعات الصحة والتكوين والبحث العلمي، وإبداء الرأي بشأن مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية. كما اقترح أن تُناط بالمجلس مهام القيام بتقويمات شمولية أو قطاعية أو موضوعاتية للسياسات والبرامج العمومية في مجالات الصحة والتكوين والبحث العلمي، والإسهام في تحسين جودة المنظومة الصحية، وتشجيع سياسات تطوير بنيات البحث العلمي بمجال الصحة ودعمها. ولم يتسنّ أخذ رأي فريق النيابي لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب بشأن اتهامه من طرف المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية ب"سرقة فكرة إحداث المجلس الأعلى للصحة"، لعدم ردّه رئيسه، إدريس الأزمي الإدريسي، وبرلماني آخر، على الهاتف.