-2- ما جاء في باب مدح السلطان: مقطع من قصيدة الحراز. نظم الشيخ الحاج بن قريشى (المغربي)، يمدح فيها السلطان ورجالاته، الذين يشكلون الهيكل الإداري لجهاز المخزن. والسلطان الله ينصرو ويدوم علينا سلامتو ويعز الباشات و الخلايف وقياد الحكام شياخ قبايلنا رعاية الملك العز الهمام بهم يفخر منهم حالنا مسكين و ﭽلين حامد الله على الهنا في هبة الملك تعيش العباد احنا طاعة لله ويبدو النص خاليا من أي إيقاع أو موسيقى داخلية، او حتى معجم لغوي متين، ينم عن حس فني جمالي، عدا بعض الألفاظ المتداولة في قاموس المخزن، من قبيل: رعية واحنا طاعة لله، الباشا ولخلايف ... لكنه يعكس ما كان يحظى به السلطان من هبة وخشية، تتعلق به الرعية، إذ لا حديث عن الشعب بقدر ما يتم الكلام عن الرعية التابعة لهبة السلطان، فيتجلى مصدر القدسية المكانة والسلطة المطلقة التي كان يتمتع بها السلطان ... وليس هذا النص منفردا، بل توجد على منواله عدة نصوص التي تسري على نفس الطريق. ما جاء في باب الصبر: لعل ما اشتهر به المغاربة، هو تلك القدرة على الصبر. والصبر هنا بمعناه السلبي. لأن الصبر على الهوان والشقاء والحرمان، هو من قبيل السكوت عن حق مسلوب. لهذا نجد أن المغاربة أبدعوا الكثير من هذه الأمثال التي توصي بالصبر. والملاحظ أن جزء كبيرا منها تم استنباطه من المجال الديني. لاتخمم لاتدبر لا تحمل الهم ديمة، الفلك ماهو مسمر ولا الدنيا مقيمة +++ يا ذا الزمان الغدار يا كسرني من ذراعي، نزلت السلطان وركبت من كان راعي +++ مثلت روحي مثل الحَمَامْ مبني على صَهْد حامية نارو، من فوق ما باين دخان ومن تحت طاب احجارو +++ اصعبت علي يا المسكين واصعب علي حالك الزين ماتخذ والدين ما يعطي لك لا ينفك المغاربة، أكثر من غيرهم، يوصون بعضهم بالصبر عند حلول الكوارث والمصائب مهما عظمت. قد يكون الصبر مقبولا في لحظات معينة، كالموت أو فقدان عزيز. لكن أن يتحول الصبر إلى وصفة جاهزة ضد الفقر والحرمان والمعاناة والهوان، فذلك مظهر من مظاهر تبخيس الذات واحتقارها والتخلي عن الحق في العيش الكريم، فيتحول الصبر إلى خوف وخنوع. ما جاء في باب الطاعة لعل ما يميز مؤسسات التنشئة الاجتماعية، هو حث الفرد على الطاعة، والطاعة هنا تنطلق من الأسرة، من خلال طاعة الوالدين، ثم تنتقل إلى طاعة من هو أكبر سنا، وطاعة الحاكم أو المخزن. وهكذا يتجلى أن الأمر لا يتعلق بالطاعة بقدر ما هو خوف ينمو ويكبر في نفس المرء منذ صباه، في الوقت الذي توجب إحلال الاحترام محل الطاعة. الاحترام مع الحفاظ على الكبرياء. لأن الطاعة تقتل في النفس روح المبادرة والتعاون مع الجماعة. سافر تعرف الناس و كبير القوم طيعو كبير الكرش و الراس بنص فوله بيعو ما جاء في باب الكلام عن قياد الاستعمار لا يمكن اختزال شخصية القايد من ذاكرة المغاربة، بالخصوص قياد الاستعمار، لأنها اقترنت بفترة المعاناة من ويلات الاستعمار والمجاعة والأمراض والقهر والظلم، وما إلى ذلك من التجارب القاسية التي عاشها المغاربة. وقد كان للقايد حضور فيها، بل مساهما في إذكائها. ثم إن القايد استمر إلى العصر الحاضر وإن تقلصت أدواره، كأحد رجالات المخزن الذين يعتبر تواجدهم ضروريا في نظمية الإدارة الترابية. وقد لاحظ الاستعمار الفرنسي بالخصوص، ما لهذه الشخصية من تأثير، باعتبار علاقتها المباشرة مع الجماعة والأفراد. ولا غرابة أن يتم نعت هؤلاء القياد بالخونة. وفي هذا السياق، استحضرت بعضا من هؤلاء القياد، ربما لأنهم الأكثر تجبرا وشططا. قيل في محاباة القايد العربي. قائد ولاد بحر كبار من ورديغة: دوزها واحد ف القياد دوزها القايد العربي العربي يا بن اعمر حاط الخيمة ف النوار مول الشراجم الفانيدية مول السناحات الوردية زين الخرطة بالعسكرية وقيل أيضا في محاباة القايد المكي: في اشريفي القايد المكي زين الخرطة فوق الكمري وقيل في قايد عبدة، عيسى بن عمر مقاطع من قصيدة خربوشة (من لون العيطة) عن القايد عيسى بن عمر الطاغية بمنطقة عبدة، والذي كما أسلفت في مقام سابق، كان سفاحا لا يرحم. كان الحجاج الثقافي في زمانه على حد تعبير المؤرخ السلاوي أحمد بن محمد الصبيحي. عمر الظالم ما يروح سالم ** واخايت عليك الايام والايام الايام ايام القهرة والظلام فينك يا عويسة وفين الشان والمرشان شحال غيرت من اعباد شحال صفيتي من اسياد بلا شفقة..بلا تخمام ** حرﯕت الغلة.. وسبيتي الكسيبة وصﯕتي النسا كيف النَعام ويتمت الصبيان بالعرَام ** تعديتي وخسرت الخواطر وظنيتي القيادة على الدوام في ايامك الجيد ما بقالو شان والرعواني زيدتيه القدام سير أعيسة بن عمر اوكال الجيفة يا قتال خوتو ومحلل الحرام ** سير، عمر الظالم ما يروح سالم وعمر العلفة ما تزيد بلا علام وفرحي يا خربوشة وا لكريدة وسعدي يا حمرة الأقدام كلشي يفوت وتبقى عيوطك في الانضام ** ونوضو تحزمو .. وكونو رجالة تحرفو البارود .. والكمية والعكاد واجهو الجيفة .. راه طغى وتجبر دك دشورة ودواور حرك خيام ونوايل من الشعبة للواد ** ما راعى للخاوة .. ما خمم للجورة ما وقر اولاد عياد ** ورا كالت ليكم الزيدية تحزموا وكونوا رجالة اللي تقدم فيكم ما يتوخر عمر الرماد ما يولي فاخر ** ويا ابن عمر يا مهجج اللامات يا بن عمر يا مهدم الفراكات ويا مشتت العلامات و ما بقى قد ما فات را حلفت الجمعة مع الثلاث يا اعويسة فيك لا بقات دار السي عيسى كالو خلات مقابلة المعاشات ** وياك طغيتي وتجبرتي ياك ذلتي ورفعتي بلا تاويل.. بلا حكمة.. بلا قياس ** ويا الحاضر بلغ الغايب كولوا للشايب را الغدر عيب وا قايدي كول أنا متايب ربي كبير وقريب ما ينصر ظالم ولا سايب ** ويا خربوشة.. ويا زروالة يا الكريدة يا العبدية راكي حرة وشريفية بلهلا يكزيه لولد التمرية ** تتجلى قوة النص في جرأته على الجهر بالحقيقة في وجه الظالم بكل جرأة، وفق قاموس فيه الكثير من المحاسبة وتحميل المسؤولية، ورفض الظلم، ثم التذكير بمسؤوليات القايد وتنكيله بأفراد قبيلته، وبمصيره المزري الذي هو في انتظاره .. ثم يعمل النص، في شكل ملحمي على تحفيز أبناء القبيلة على استنهاض الهمم من أجل التغيير ...