أجمعت ردود الفعل الدولية التي تم التعبير عنها بعد الانتخابات التشريعية ليوم أمس الجمعة على الإشادة بسير العملية الانتخابية وعلى وصفها بالخطوة التاريخية لتكريس المسلسل الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب، وتنزيل مقتضيات الجديد. وفي هذا الصدد، أكدت الولاياتالمتحدة أمس أنها تدعم جهود المغرب الرامية إلى تعزيز المسلسل الديمقراطي الجاري بالمغرب من خلال إصلاحات دستورية وقضائية وسياسية. وقال اندي هاليس، مساعد المتحدث باسم مكتب شؤون الشرق الأوسط، بوزارة الخارجية الأمريكية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن "الولاياتالمتحدة تدعم جهود المغرب الرامية إلى تعزيز المسلسل الديمقراطي الجاري في المغرب، من خلال إصلاحات دستورية وقضائية وسياسية". من جانبها، أشادت فرنسا، اليوم السبت، ب`"حسن سير" الانتخابات التشريعية بالمملكة "وفق القواعد الديمقراطية"، مؤكدة وقوفها إلى جانب المغرب لمواكبة الإصلاحات التي انخرط فيها. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، أن فرنسا "تقف بالطبع إلى جانب المغرب، البلد الصديق والحليف الثابت، لمواكبته في إصلاحاته وتعبر عن أملها في أن يتم تشكيل الحكومة المقبلة في إطار الدستور الجديد، بالموازاة مع تحقيق إنجازات ونجاحات جديدة". وسجلت الخارجية الفرنسية، في بيان لها، أن الحملة الانتخابية "جرت في احترام للقواعد الديمقراطية عبر فسح المجال أمام نقاشات واسعة، خصوصا في وسائل الإعلام السمعية البصرية وبمشاركة مجموع الأحزاب السياسية". أما إيطاليا فقد أبرز ماتيو ميكاتشي، النائب عن الحزب الراديكالي الذي يقوم بمهمة ملاحظ للانتخابات التشريعية بالمغرب، "الشفافية" و"التعددية" اللتين طبعتا أجواء الاقتراع، مؤكدا أن "ملاحظتنا لعملية التصويت أبرزت وجود شفافية وتعددية"، وأنه "ليست لديه مؤشرات للقول بأنه حصلت خروقات". وأكد ميكاتشي، في تصريح لمجموعة صحافيين في مكتب للتصويت بحي الليمون بالرباط، انتظام تسجيل الناخبين وحضور ممثلين عن كل الأحزاب السياسية، وملاحظين دوليين، وكذا عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومنظمات مجتمع مدني وطنية. وأبرز النائب، الذي نقلت وكالة (أنسا) تصريحاته، أن "انتقالا نحو الديمقراطية جار بالمغرب". من جانبها، اعتبرت البرلمانية الأوروبية الفرنسية رشيدة داتي أن "الثورة الهادئة" التي تجري في المغرب، مع إجراء أول انتخابات تشريعية بعد تعديل الدستور، تعد "نموذجا بالنسبة للعالم العربي" و"أملا لنهاية هذه السنة". وكتبت داتي، في مقال نشرته صحيفة (لوفيغارو) أمس الجمعة، أنه "في الوقت الذي يسيطر فيه الشك في مصر، وتبحث فيه تونس عن التوازن بين الديني والعلماني لوضع الدستور، ولم تخرج فيه ليبيا حتى الآن من الحرب، فإن هذه الانتخابات تعد حاسمة". من جانب آخر، أبرزت وسائل الإعلام، التي عززت تعليقاتها بأرقام تتعلق بعدد الناخبين والمنتخبين والأحزاب السياسية المشاركة في الاقتراع والمقاعد المتنافس عليها بمجلس النواب، بالخصوص الآفاق التي تفتحها هذه الانتخابات في مجال الحكامة الجيدة، خاصة على صعيد الفصل بين السلط وإقامة مؤسسات في خدمة المواطنين ومستقبل البلاد. وفي هذا السياق، كتبت صحيفة "فرانس سوار" أن الانتخابات التشريعية في المغرب تكتسي "أهمية قصوى" بالنسبة للمنطقة العربية التي هزتها ثورات، وتكرس المغرب ك`"مرتكز محور ديمقراطي في تطور متواصل". واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن هذه الانتخابات "تكتسي أهمية قصوى ليس فقط بالنسبة للمغرب بل لمجموع العالم العربي والاسلامي، الذي يبحث عن نفسه في خضم الاضطرابات التي حملها الربيع العربي ". كما كتبت اليومية البريطانية "فاينانشل تايمز"، أمس أنه تمت متابعة الانتخابات التشريعية التي جرت بالمغرب عن قرب، عبر المنطقة العربية، موضحة أن عددا من المراقبين يعتبرون أن بإمكان أوجه التقدم السياسي التي أحرزت في المغرب، أن تشكل نموذجا بالنسبة للمنطقة، مؤكدة أن المغرب، البلد الذي يربط علاقات اقتصادية وثيقة مع أوروبا، "مختلف من عدة مناحي عن بقية المنطقة العربية". وذكرت الصحيفة، المختصة في مجال الأعمال، بأن الملك محمد السادس أطلق برنامجا موسعا من الإصلاحات منذ اعتلائه العرش. وأشارت "فاينانشل تايمز" إلى أن المغرب تمكن، بفضل هذه الإصلاحات، من تجنب المشاكل التي لحقت بعض دول المنطقة، مذكرة بأنه تم الترخيص للمظاهرات في هذا البلد. وأوضحت، نقلا عن وزير الاقتصاد والمالية السيد صلاح الدين مزوار، أن "المغرب يعيش دينامية سياسية مختلفة"، مؤكدا أن "المغرب أطلق مسلسلا ديمقراطيا منذ زمن بعيد". من جانبها، أكدت القناة الإخبارية الأمريكية (سي ان ان) أمس أن الانتخابات التشريعية بالمغرب تكتسي أهمية خاصة بفضل وجود الإرادة في التغيير التي تتجسد في مجال الشفافية والديمقراطية والإصلاحات السياسية. ونقلت القناة عن عالم السياسة والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط بجامعة إكستير الأستاذ ليس ستروم، قوله إن هذا الاستحقاق الانتخابي، الأول من نوعه بعد المصادقة على دستور جديد في يوليوز المنصرم، له أهمية خاصة لكونه سيمكن من الاستجابة لتطلعات المغاربة إلى التغيير. كما أشارت (سي ان ان) إلى أن شفافية هذه الانتخابات يضمنها حضور 331 ملاحظا دوليا، إضافة إلى تعبئة حوالي ثلاثة آلاف و497 ملاحظا وطنيا. وذكرت في هذا الصدد أنه وطبقا للمقتضيات الدستورية الجديدة، فإن رئيس الحكومة سيعين من الحزب الذي سيتصدر الانتخابات التشريعية، معربة عن اعتقادها بأنه، وبالنظر إلى العدد المهم للأحزاب السياسية المتنافسة، فإن هذه الانتخابات ستسفر عن تشكيل تحالف بين الأحزاب الفائزة. وسجلت وسائل الإعلام، كالقناة التلفزية العمومية "راي" والوكالات الإيطالية للأنباء "أنسا" و"أ جي إي" و"تي إم نيوز"، أن هذه الانتخابات تجرى تحت إشراف حوالي 4000 مراقب مغربي ودولي. وخصصت الصحيفتان الالكترونيتان "ليتيرا 43" و"لا بريس" مقالات تتناول سياق ورهانات الانتخابات التشريعية بالمغرب. كما نشر موقع مجلس النواب الإيطالي على الأنترنت ورقة حول هذه الانتخابات أبرز فيها الإصلاحات الدستورية التي أطلقها الملك. وبعدما عدد مختلف التغييرات التي جاء بها الدستور الجديد، أعطى موقع المجلس أيضا لمحة حول الأحزاب الرئيسية المتنافسة للظفر ب395 مقعدا في مجلس النواب. واعتبرت اليومية الاقتصادية "إيل صول 24 أور" أن هذه الانتخابات ستكون حاسمة بالنسبة لتجسيد الإصلاحات المرتقبة وسيكون لها بدون شك "وقع ملحوظ" على اقتصاد البلاد الذي قالت إنه سجل معدلات نمو مرتفعة خلال السنوات الأخيرة. وأوضحت الصحيفة أن "التحدي الأهم بالنسبة للحكومة المقبلة يتمثل في الأجندة الاقتصادية"، مذكرة بتوقعات صندوق النقد الدولي الذي يترقب نمو الناتج الداخلي الخام للمغرب هذه السنة بنسبة تقارب 5 في المئة. أما اليومية الالكترونية "ليبيرو نيوز" فأبرزت أن هذه الانتخابات تعتبر امتدادا لسلسلة من الإصلاحات الديمقراطية، وأن المغرب يعتبر نموذجا لباقي البلدان العربية، مذكرة بالمضامين الهامة لخطاب الملك محمد السادس في مارس الماضي والذي أعلن فيه جلالته عن إصلاحات دستورية مجددة في عدة مجالات. كما استعرضت يومية "إل جيورنال"، من جهتها، انتظارات الناخبين المغاربة وكذا مختلف المواضيع التي تناولتها برامج المرشحين، مبرزة المكانة المخصصة للشباب (30 مقعدا) والنساء (60 مقعدا) برسم انتخاب مجلس النواب الجديد. وتوقفت اليومية كذلك عند الدور الذي سيناط بالبرلمان المقبل لتجسيد "الخطوط الموجهة" للدستور الجديد. من جانبها، سجلت وكالة "أ جي إي" أن المغرب يشكل "نموذجا فريدا للانتقال السلمي" في شمال إفريقيا في سياق "الربيع العربي"، وذلك بفضل "العمل الإصلاحي لملكه". أما الملاحظون الدوليون الذين قاموا بملاحظة الانتخابات قد اعتبروا، في تقييمات أولية، أن هذا الاستحقاق مر في "أجواء سليمة وشفافة". وأكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هؤلاء الملاحظين الدوليين سجلوا، بالمقابل، حدوث "بعض المشاكل والانزلاقات" التي لم تمس بجوهر العملية الانتخابية. وقال في السياق نفسه إن المجلس سجل بدوره، من خلال الدراسة الأولية ل3017 استمارة خاصة بالحملة الانتخابية و218 استمارة خاصة بالتجمعات الحزبية بالأماكن العمومية، وقوع مشاكل تتعلق أساسا بتمزيق الملصقات، واستعمال العنف اللفظي، مضيفا أن العملية الإنتخابية اتسمت ب"حياد كامل للإدارة المركزية والترابية بصفة عامة".