في غمرة الاستعدادات الجارية لتحوّلها إلى وكالة وطنية باختصاصات موسّعة، أطلقت اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير "الميثاق الوطني لحُسن السلوك على الطريق"، تحت شعار "ألتزم.. من أجل الحق في الحياة". وترمي اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير من وراء هذا الميثاق الموجه إلى كافة مستعملي الفضاء الطرقي، من سائقين وراجلين، إلى حثّ المواطنين على الانخراط الإيجابي في احترام مقتضيات قانون السير والالتزام بمقتضيات السلامة الطرقية. ويأمَل مسؤولو اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير أن يساهم الميثاق الوطني لحُسن السلوك على الطريق، الذي وُضع رهن إشارة المواطنين للتوقيع عليه إلكترونيا، في الحد من حوادث السير. ويَصل عدد ضحايا حوادث السير في المغرب إلى أزيد من 3500 قتيل وأكثر من 100.000 جريح سنويا، أي ما يقارب 9 حالات وفاة و320 جريحا في اليوم، وفق المعطيات الرقمية الصادرة عن اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير. وتهدف الاستراتيجية التي وضعتها اللجنة، والتي تتضمّن ستّ عمليات تحسيسية كبرى ستُنفَّذ خلال السنة الجارية، تتخللها عمليات تحسيسية متواصلة، إلى خفْض معدل الوفيات الناجمة عن حوادث السير في المغرب بنسبة 50 في المئة بحلول العام 2026. هذا الطموح يتطلبُ بذل جهود إضافية على مُستوى نشر الوعي بأهمية احترام مقتضيات قانون السير ومقتضيات السلامة الطرقية؛ إذْ سجّلت دراسة أنجزتها اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، ستُنشر قريبا، أنَّ نسبة كبيرة من مستعلمي الفضاء الطرقي لا يحترمون قانون السير. عبد الصادق معافة، رئيس قسم التواصل والتحسيس باللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، قال إنّ الدراسة التي أنجزتها اللجنة، وانبنتْ على سبْع مؤشرات، بيّنتْ أنَّ حوالي 94 في المئة من السائقين لا يحترمون علامة "قف"، رغم الخطر الكبير الذي ينجم عن عدم احترامها. واعتبر معافة أنّ هناك "نوعا من الانفصام بيْن تمثل المواطن المغربي للطريق، وما هو جارٍ على أرض الواقع، حيث يَسود إدراك بالخطورة التي يشكلها عدم احترام مقتضيات قانون السير ومقتضيات السلامة الطرقية، لكنْ عند النزول إلى الطريق لا يتمّ احترام هذه المقتضيات. ويتضمن الميثاق الوطني لحسن السلوك على الطريق، الموجه إلى الراجلين وسائقي الدراجات وسائقي العربات والسائقين المهنين، أربعة التزامات، هي الالتزام بالواجب أثناء استعمال الطريق باعتباره فضاء عموميا مشتركا، واحترام قواعد السير داخل وخارج المدار الحضري، والتحلي بأخلاقيات المرور وبقيَم التسامح والتعايش والحفاظ على حياة الموقع على الميثاق وعلى حياة وسلامة باقي المواطنين المستعملين للفضاء الطرقي، والإسهام في تكريس وترسيخ شروط السلامة الطرقية. ويمثل الميثاق الوطني لحُسن السلوك على الطريق دعوة من اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير إلى جميع المواطنين قصد الانخراط الإيجابي في احترام مقتضيات قانون السير والالتزام بمقتضيات السلامة الطرقية، "من أجل حماية الحياة وبناء المستقبل". إطلاق الميثاق الوطني لحسن السلوك على الطريق ستوازيه عمليات تواصل كبرى يقودها مشاهير الفن والرياضة والإبداع بمختلف تعابيره، يتخللها توزيع معدات لها علاقة بالعملية التواصلية، ومعدّات المراقبة، حيثُ ستزود اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير أعوان المرور ب280 رادارا محولا لمراقبة السرعة. في هذا السياق، قال عبد الصادق معافة إنّ اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير ستُتعزّز مراقبة السرعة بطراز متطور من الرادارات تقيسُ السرعة قبل وصول العربة وبعد تجاوُزها للرادار، عكس الرادارات التقليدية التي تقيس السرعة القَبْلية فقط، إضافة إلى رادارات ذكية تقيس مدى احترام مقتضيات السلامة الطرقية، من قبيل ربط حزام السلامة، وحدم التحدث في الهاتف أثناء السياقة... واعتبر المتحدث ذاته أنّ تحسين السلوك على الطريق يتطلب، فضلا عن المقاربة التحسيسية، المقاربة الزجرية، مشيرا إلى أنّ هذه المقاربة هي التي مكّنت فرنسا من خفْض عدد ضحايا حوادث السير من 18 ألف قتيل في السنة خلال سبعينات القرن الماضي، إلى أقل من 5000 قتيل حاليا. وأردف معافة أنّ المغرب يُعتبر من البلدان القليلة التي لديها استراتيجية للوقاية من حوادث السير، لكنه اعتبر أنّ "الوضع غيرُ مطمْئن"، حيث ما زالتْ أرواحُ 3500 مواطني تُزهق على الطرقات في المغرب، قبل أن يستدرك أنّ الرقم كان سيصل إلى 6 أو7 آلاف قتيل لولا الاستراتيجية التي وضعتها اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير.