في الوقت الذي يعاني فيه المغرب من فوارق اجتماعية ومجالية تشكل عائقا أمام تحقيق التنمية، قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إنّ الاقتصاد الأزرق بإمكانه أنْ يكون أداة لتقليص هذه الفوارق إذا تمّ تخليصه من المشاكل التي يعاني منها حاليا، والتي تحدُّ من نجاعته. المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دعا، في تقرير حول "الاقتصاد الأزرق: ركيزة أساسية لبناء نموذج تنموي جديد بالمغرب"، قُدّم صباح الأربعاء بالرباط، إلى اعتماد استراتيجية وطنية للاقتصاد الأزرق تتسم بالاستدامة والإدماج لفائدة مجموع الساكنة، بما يُسهم في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية. ولضمان نجاعة وفعالية الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الأزرق، أوصى المجلس بضرورة أن تكون مبنية على ميثاقٍ للنمو الأزرق منبثق عن مشاورات موسعة بين مختلف الأطراف، من قطاعات حكومية وقطاعات إنتاجية عمومية وخاصة ومجتمع مدني وجماعات ترابية. ويتوفر المغرب على إمكانيات هائلة في مجال الاقتصاد الأزرق بفضل موقعه الجغرافي؛ إذ تصل سواحله البحرية إلى 3500 كلم، فضلا عن موقعه الجيو-استراتيجي كقُطب إقليمي، ما يؤهله لجعل الاقتصاد الأزرق رافعة أساسية لتحقيق التنمية. المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أوصى أيضا، في تقريره الشامل، بجعل الاستراتيجية التي يتمتع بها المغرب تعود بالنفع على الصعيد المحلي، من خلال ملاءمتها مع الخصوصيات الجهوية، وتوسيع قاعدة الولوج إلى الخدمات والموارد البحرية لفائدة جميع فئات المجتمع. وبينما ما زال كثير من الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب في مجال الاقتصاد الأزرق كامِنا، أوصى المجلس الاقتصادي بجعل البحث العلمي والابتكار الموجه إلى القطاعات الجديدة ذات الصلة بتثمين الخدمات البحرية ضمْن الانشغالات الرئيسية للقطاعات الحكومية المَعنيّة. في هذا السياق، تضمنت توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دعوة إلى إحداث تمكين معاهد البحوث القائمة من الموارد البشرية والمالية الكافية، وإحداث أقطاب جامعية خاصة بالتكوين في المهن المتعلقة بالاقتصاد الأزرق، وإدماج هذه المهَن في برامج التكوين المهني والمستمر، ووضع برامج للتعليم التطبيقي وبرامجَ للقُرب. ويتعيّن على المغرب إعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية التقليدية ذات العلاقة بالبحر للنهوض بالاقتصاد الأزرق ومواكبة تطوره، عبر ملاءَمة نماذجها الاقتصادية من الناحية القانونية والمؤسسية والمالية وعلى مستوى التكوين. ومن بين الجوانب التي ركّز عليها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الجانب المتعلق باتفاقيات الصيد البحري؛ إذ أوصى بالتطبيق الصارم لها وتتبّع تنفيذها، لا سيَما فيما يتعلق بمدى دقّة المعلومات الآنية ومدى الامتثال للمتطلبات البيئية. خليل بنسامي، رئيس لجنة البيئة والتنمية المستدامة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، قال إن المغرب راكم رصيدا مهما من اتفاقيات الصيد البحري منذ سنة 1981 إلى 2018، لكنه لفتَ إلى "وجود تناقض مهول بين رقم 3500 كلم من السواحل، و2.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام الذي يمثله الصيد البحري"، ودعا إلى ضرورة "إعادة النظر في سياسة التفريغ وفي أمور أخرى".